[ ص: 190 ] باب : الجهاد وناسخه ومنسوخه
قال : وجدنا نسخ الجهاد في أربع خلال : منها اثنتان في القتال وثالثة في الأسارى ورابعة في المغانم . فأما اللتان في القتال فإن الأولى منهما إذن الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وللمسلمين في جهاد المشركين بعد أن كان ذلك ممنوعا منهما عنه قبل الهجرة ثم أذن الله عز وجل فيه بعدها . أبو عبيد
354 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن محمد بن كثير ، عن معمر بن راشد قال : " أول آية نزلت في القتال قول الله عز وجل : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير إلى قوله : إن الله لقوي عزيز قال : ثم ذكر القتال في آي كثير من القرآن الزهري
355 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح علي بن أبي طلحة ، عن في قوله : ابن عباس لست عليهم بمصيطر وقوله عز وجل : وما أنت عليهم بجبار وقوله
[ ص: 191 ] عز وجل : فاعف عنهم وقوله عز وجل : قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله قال " نسخ هذا كله قوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقوله عز وجل : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله : وهم صاغرون .
قال : " ثم ندب الله عز وجل المؤمنين إلى الجهاد وحضهم عليه بأكثر من الإذن حتى عاتب أهل التخلف عنه ، وإن كان تخلفهم باستئذان منهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك " أبو عبيد
356 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح علي بن أبي طلحة ، عن في قوله : ابن عباس إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر قال : " هذا تعيير للمنافقين حين استأذنوه في القعود عن الجهاد من غير عذر ، وعذر الله المؤمنين ، فقال : وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه
[ ص: 192 ]
357 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، ابن جريج وعثمان بن عطاء ، عن ، عن عطاء الخراساني في هذه الآية قال الله عز وجل : ابن عباس إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر قال : نسختها وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه الآية قال : " فجعل الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم بأعلى النظرين في ذلك .
قال : " ثم وكد الله عز وجل الجهاد على المؤمنين حتى أوجب على كل رجل منهم مجاهدة عشرة من الكفار ، فلما صار إلى التخفف عنهم ووصفهم بالضعف نسخ ذلك بأن ألزم كل رجل من أهل الإيمان لقاء رجلين من أهل الشرك ولم يرض منهم بأقل منه أبو عبيد
[ ص: 193 ]
358 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، ابن جريج وعثمان بن عطاء ، عن ، عن عطاء الخراساني في قوله : ابن عباس إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين الآية قال : " فنسخها قوله عز وجل : الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا إلى قوله : مع الصابرين
359 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح علي بن أبي طلحة ، عن في هذه الآية قال : " أمر الله عز وجل الرجل من المؤمنين أن يقاتل عشرة من الكفار ، فشق ذلك عليهم فرحمهم ، فقال : ابن عباس فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين الآية
360 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء قال : " أيما رجل فر من ابن عباس
[ ص: 194 ] ثلاثة فلم يفر ، فإن فر من اثنين فقد فر .
قال : " معنى هذا الحديث تأويل هذه الآية ، ثم زاد الله الجهاد بعد هذا كله تغليظا وتوكيدا بأن قطع الموادعات التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين من عاهد من المشركين ، فأمره أن يؤذنهم في براءة بالحرب بعد انقضاء المدة التي وقتها لهم وهي الأربعة الأشهر أبو عبيد
361 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، ابن جريج وعثمان بن عطاء ، عن ، عن عطاء الخراساني في قوله : ابن عباس وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله قال : " نسختها قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله إلى قوله : وهم صاغرون
[ ص: 195 ]
362 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح علي بن أبي طلحة ، عن في قوله عز وجل : ابن عباس فسيحوا في الأرض أربعة أشهر قال : " حد الله عز وجل للذين عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشهر يسيحون فيها حيث شاءوا ، وأجل من ليس له عهد انسلاخ الأشهر الحرم خمسين ليلة ، وقال : فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم قال : وأمره إذا انسلخ الأشهر الحرم أن يضع السيف ، فيمن عاهد إن لم يدخلوا في الإسلام ونقض ما سمى لهم من العهد والميثاق ، فأذهب الشرط الأول ثم قال : إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام يعني : أهل مكة ، فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين
363 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، عن ابن جريج في هذه الآية قال : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مجاهد أبا بكر فطافا في الناس وعليا بذي المجاز وأمكنتهم التي كانوا فيها يتبايعون فيها كلها والموسم كله ، " فآذنوا أصحاب العهد أن يأمنوا أربعة أشهر فهي الأشهر الحرم المنسلخات المتواليات من عشر ذي الحجة إلى عشر يخلون من ربيع الآخر ، ثم
[ ص: 196 ] لا عهد " قال : وهي الحرم من أجل أنهم أمنوا فيها حتى يسيحوها ، وآذن الله الناس كلهم بالقتال إن لم يؤمنوا
364 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن أبو اليمان ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن ابن شهاب : سعيد بن المسيب على تلك الحجة ، وأمره أن يؤذن ببراءة أبا بكر " قال أن النبي صلى الله عليه وسلم " أمر : فأخبرني ابن شهاب حميد بن عبد الرحمن ، عن قال : " أبي هريرة رضي الله عنه في مؤذنين بعثهم يوم النحر : ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف أبو بكر بالبيت عريان . قال : " ثم أردف النبي صلى الله عليه وسلم حميد رضي الله عنه وأمره أن يؤذن بذلك عليا " . بعثني
365 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ابن أبي عدي ، عن ، عن شعبة المغيرة ، عن ، عن الشعبي المحرر بن أبي هريرة ، عن أبيه ، نحو ذلك وزاد فيه ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فأجله أربعة أشهر ، فإذا مضت الأربعة الأشهر ، فإن الله بريء من المشركين ورسوله "
[ ص: 197 ]
366 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، ابن جريج وعثمان بن عطاء ، عن ، عن عطاء الخراساني : ابن عباس إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق إلى قوله : فما جعل الله لكم عليهم سبيلا وفي قوله : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم قال : " ثم نسخت هذه الآيات : براءة من الله ورسوله إلى قوله : ونفصل الآيات لقوم يعلمون .
قال : " فكانت براءة هي الناسخة للهدنة والقاطعة للعهود والمشخصة الناس للجهاد ، بذلك وصفتها العلماء " أبو عبيد
367 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن أبو معاوية ، عن الأعمش قال : خرج إبراهيم وهو يريد أن يجاعل ، في بعث خرج عليه ، ثم أصبح يتجهز ، فقلت : ألم تكن أردت أن تجاعل قال : بلى ، [ ص: 198 ] ولكن " قرأت البارحة سورة براءة فسمعتها تحث على الجهاد عبد الرحمن بن يزيد
368 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، حجاج ، كلاهما ، عن وأبو اليمان ، عن حريز بن عثمان عبد الرحمن بن ميسرة ، أو ابن بلال ، عن أبي راشد الحبراني ، أنه وافى المقداد بن الأسود بحمص على تابوت من توابيت الصيارفة وقد فضل عنه عظما قال : فقلت : يا أبا الأسود قد أعذر الله إليك أو قال : قد عذرك الله ، يعني : في القعود عن الغزو ، فقال :
[ ص: 199 ] أبت علينا سورة براءة انفروا خفافا وثقالا
369 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، أن ابن سيرين شهد أبا أيوب بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم يتخلف عن غزاة للمسلمين إلا عاما واحدا ، فإنه استعمل على الجيش رجل شاب ، ثم قال بعد ذلك : " وما على من استعمل علي ، وكان يقول : قال الله عز وجل : انفروا خفافا وثقالا فلا أجدني إلا خفيفا أو ثقيلا
370 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن يزيد ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، أن أنس ، قرأ هذه الآية : أبا طلحة انفروا خفافا وثقالا [ ص: 200 ] فقال : " ها أرى الله ، ألا يستنفرنا إلا شبابا وشيوخا ، جهزوني فجهزوه فركب البحر ، فمات في غزاته تلك قال : فما وجدنا له جزيرة ندفنه أو قال : يدفنوه فيها إلا بعد سابعة
371 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، عن ابن جريج في هذه الآية قال : قالوا : " فينا الثقيل وذو الحاجة والضعيف والمتيسر عليه أمره ، فأنزل الله : مجاهد انفروا خفافا وثقالا
372 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن يزيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد : أبي صالح انفروا خفافا وثقالا قال : " الشاب والشيخ .
[ ص: 201 ]
373 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد خالد بن عمرو ، عن ، عن سفيان ، عن منصور فيها قال : " مشاغيل وغير مشاغيل " إبراهيم
قال : " ثم نزل مع براءة آي كثير كلها تحض على الجهاد وتوجبه على الناس ، منها قوله : أبو عبيد كتب عليكم القتال وهو كره لكم وقوله : فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون وقوله : وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله في آيات يطول ذكرها ، ثم جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيان ذلك وتصديقه في آثار متتابعة منها "
374 - قوله : " " [ ص: 202 ] لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا
375 - وقوله : " " الجهاد ماض إلى يوم القيامة لا يرده جور جائر ولا عدل عادل
376 - وقوله : " الدجال " حتى يقاتل آخر عصابة من أمتي
377 - وقوله : " " إنما تأويله عندنا : خيل الغزاة في سبيل الله " والحديث في هذا أكثر من أن يحاط به ، ثم تكلمت العلماء بعد من لدن الصحابة ، ومن بعدهم في وجوب الجهاد واختلفوا فيه الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة
378 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن علي بن معبد أبي المليح الرقي ، عن قال : كنت عند ميمون بن مهران ، فجاء رجل على ابن عمر ، فسأله عن الفرائض عبد الله بن عمرو بن العاص جالس حيث وابن عمر
[ ص: 203 ] يسمع كلامه ، فقال : الفرائض شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصيام رمضان ، والجهاد في سبيل الله قال : فكأن غضب من ذلك ، ثم قال : " الفرائض شهادة ألا إله إلا الله وأن ابن عمر محمدا رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصيام رمضان " وترك الجهاد
379 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد إسحاق بن سليمان الرازي ، عن حنظلة بن أبي سفيان ، عن عكرمة بن خالد قال : : ألا تغزو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن لابن عمر محمدا رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت . قال رجل
380 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن يزيد ، عن رجل ، عن إسماعيل بن أبي خالد مثل ذلك غير مرفوع ابن عمر
[ ص: 204 ]
381 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج قال : قلت ابن جريج أواجب الغزو على الناس ؟ فقال هو لعطاء وعمرو بن دينار : " ما علمناه
382 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج قال : قال ابن جريج : كان معمر يستقبل القبلة ثم يحلف عشرة أيمان : أن " الغزو واجب ، ثم يقول : إن شئتم زدتكم مكحول
383 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا عن أبو عبيد ، عن معاوية بن صالح العلاء بن الحارث أو غيره ، عن قال : " كتب الله الجهاد على الناس غزوا أو قعدوا ، فمن قعد فهو عدة إن استعين به أعان ، وإن استنفر نفر ، وإن استغني عنه قعد . ابن شهاب
[ ص: 205 ] قال : " وأحسب قول أبو عبيد مثل قول الأوزاعي ، ابن شهاب
384 - وأما ، فكان يقول : " ليس بفرض ولكن لا يسع الناس أن يجمعوا على تركه ويجزئ فيه بعضهم عن بعض " سفيان الثوري
قال : " وهذا هو القول عندنا في الجهاد ؛ لأنه حق لازم للناس غير أن بعضهم يقضي ذلك عن بعض ، وإنما وسعهم هذا للآية الأخرى ، قوله : وما كان المؤمنون لينفروا كافة ، فإنها فيما يقال : ناسخة لفرض الجهاد أبو عبيد
385 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، ابن جريج وعثمان بن عطاء ، عن ، عن عطاء الخراساني في قوله : ابن عباس فانفروا ثبات أو انفروا جميعا وفي قوله : انفروا خفافا وثقالا قال : " نسختها : وما كان المؤمنون لينفروا كافة الآية ، قال : تنفر طائفة وتمكث طائفة مع النبي صلى الله عليه وسلم قال : فالماكثون هم الذين يتفقهون في الدين وينذرون إخوانهم إذا رجعوا إليهم من الغزو بما نزل من قضاء الله وكتابه وحدوده .
386 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح علي بن أبي طلحة عن في هذه الآية قال : يعني " السرايا كانت ترجع وقد نزل بعدهم قرآن تعلمه القاعدون من النبي صلى الله عليه وسلم ، فتمكث السرايا يتعلمون ما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعدهم ، وتبعث سرايا أخرى قال : فذلك قوله : ابن عباس ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم " .
[ ص: 206 ]
387 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، عن ابن جريج ، نحو ذلك . قال مجاهد : " فلولا هذه الآية لكان الجهاد حتما واجبا على كل مؤمن في خاصة نفسه وماله كسائر الفرائض ، ولكن هذه الآية جعلت للناس الرخصة في قيام بعضهم بذلك عن بعض ، ومع هذا أنا قد وجدنا في الحقوق الواجبة نظائر للجهاد ، منها عيادة المريض وحضور الجنائز ورد السلام وتشميت العاطس ، فهذه كلها لازمة للمسلمين غير أن بعضهم يقوم بذلك دون بعض ، ولكن الفضيلة والتبريز لقاضيها دون المقضي عنه ، فكذلك الجهاد إن شاء الله ، على أن الله عز وجل قد كان اشترط فيه شرطا حين أمر به ، فجعله محظورا في بعض الشهور ، فقال عز وجل : أبو عبيد إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقال عز وجل : يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير هو في التفسير أن القتال فيه عند الله عظيم كبير ، ثم اختلف العلماء في نسخ تحريمها وإباحة القتال فيها
[ ص: 207 ]
388 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج قال : قلت ابن جريج : ما لهم إذ ذاك لم يكن يحل لهم أن يغزوا في الشهر الحرام ، ثم غزوهم بعد قال : " فحلف لي بالله ما يحل للناس أن يغزوا في لعطاء الحرم ، ولا في الشهر الحرام إلا أن يقاتلوا وما نسخت
389 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، عن ليث بن سعد ، عن أبي الزبير قال : " جابر . لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى وإذا حضر ذلك أقام حتى ينسلخ
390 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن أبي الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله غير أنه قال : جابر بن عبد الله إلا أن يغزى أو يغزو
391 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن أبو الأسود ، عن ابن لهيعة مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، أنه سئل : " هل يصلح للمسلمين أن يقاتلوا الكفار في الشهر الحرام ؟ قال : نعم . قال : وقال ذلك سعيد بن المسيب سليمان بن يسار
[ ص: 208 ] قال : " والناس اليوم بالثغور جميعا على هذا القول يرون الغزو مباحا في الشهور كلها حلالها وحرامها ، لا فرق بين ذلك عندهم ، ثم لم أر أحدا من علماء أبو عبيد الشام ولا العراق ينكره عليهم ، وكذلك أحسب قول أهل الحجاز ، والحجة في إباحته عند علماء الثغور قول الله تبارك وتعالى : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم قال : " فهذه الآية هي الناسخة عندهم لتحريم القتال في الشهر الحرام ، فهذا ناسخ القتال ومنسوخه " أبو عبيد