يقال: "بين" لا يقع إلا لاثنين فصاعدا فكيف جاء بينه؟ فالجواب أن بينه ههنا لجماعة السحاب كما تقول: الشجر حسن وقد جلست بينه. وفيه قول آخر وهو أن يكون السحاب واحدا فجاز أن يقال: بينه لأنه مشتمل على قطع كثيرة كما قال الشاعر :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فأوقع بينا على الدخول وهو واحد لاشتماله على مواضع. هذا قول النحويين إلا فإنه زعم أن هذا لا يجوز وكان يرويه "بين الدخول [ ص: 142 ] وحومل"، قرأ الأصمعي ابن عباس (فترى الودق يخرج من خلله) وخلل واحد خلال مثل جمل وجمال، وهو واحد يدل على جمع والضحاك وينـزل من السماء من جبال فيها من برد من قال: إن المعنى من جبال برد فيها، فبرد عنده في موضع خفض هكذا يقول كما تقول: الإنسان من لحم ودم، والإنسان لحم ودم، ويجب أن يكون على قوله: المعنى من جبال برد فيها بتنوين الجبال؛ لأنه قال: الجبال هي البرد، فأما على قول البصريين فيكون من برد في موضع نصب، ويجوز الخفض كما تقول: مررت بخاتم حديدا وبخاتم حديد، الخفض على البدل والنصب عند الفراء على الحال، وعند سيبويه على البيان. ومن قال: المعنى من مقدار جبال فمن برد عنده في موضع نصب لا غير. قال أبي العباس : كما تقول عندي بيتان تبنا، ومثله عنده { الفراء أو عدل ذلك صياما }. ومن قال: إن "من" زائدة فيهما فهما عنده في موضع نصب لا غير. وقرأ : أبو جعفر يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار بضم الياء، وزعم أبو حاتم أن هذا لحن، وهو قول أستاذه يقول: دخل بالمدخل ولا يجيز ههنا أدخل، ويزعم أن الباء تعاقب الألف، وهذا هو القول البين، فأما أن يكون خطأ لا يجوز ولا يحمل عليه، فقد زعم جماعة أن الباء تزاد واحتجوا بقول الله جل وعز: { الأخفش ومن يرد فيه بإلحاد بظلم } وإن كان غير هذا القول أولى منه، وهو ما حكاه لنا علي بن سليمان عن . قال: تكون الباء [ ص: 143 ] متعلقة بالمصدر إذ كان الفعل دالا عليه ومأخوذا منه فعلى هذا يكون التقدير ذهابه بالأبصار أو إذهابه وكذا: أدخل بالمدخل السجن الدار، جائز على هذا . محمد بن يزيد