والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا [67]
هذه قراءة الأعمش وحمزة والكسائي وعاصم على اختلاف عنهما وهي قراءة حسنة من قتر يقتر وهذا القياس في اللازم مثل قعد يقعد. وقرأ ويحيى بن وثاب (لم يقتروا) وهي لغة معروفة حسنة، وقرأ أهل أبو عمرو المدينة (ولم يقتروا) وتعجب أبو حاتم من قراءة أهل المدينة هذه لأن أهل المدينة عنده لا يقع في قراءتهم الشاذ فإنما يقال: أقتر يقتر إذا افتقر، كما قال جل وعز: { وعلى المقتر قدره } وتأول أبو حاتم لهم أن المسرف يفتقر سريعا، وهذا تأويل بعيد ولكن التأويل لهم أن أبا عمر الجرمي حكى عن أنه يقال للإنسان إذا ضيق: قتر يقتر ويقتر وقتر يقتر وأقتر يقتر فعلى هذا تصح القراءة وإن كان فتح الياء أصح وأقرب متناولا وأشهر وأعرف. ومن أحسن ما قيل في معناه ما حدثناه [ ص: 168 ] الأصمعي الحسن بن غليب قال: حدثني عمران بن أبي عمران قال: حدثنا خلاد بن سليمان الحضرمي، قال: حدثني عمرو بن أبي لبيد عن أبي عبد الرحمن الحبلي في قوله جل وعز: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما قال: من أنفق في غير طاعة الله فهو الإسراف ومن أمسك عن طاعة الله فهو الإقتار، ومن أنفق في طاعة الله فهو القوام. قال : تفسير هذه الآية على الحقيقة ما أدب الله جل وعز به نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: { أبو إسحاق ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط } وكان بين ذلك قواما خبر كان واسم كان فيها مضمر دل عليه أنفقوا، والتقدير كان الإنفاق بين الإسراف والفتور عدلا، قول آخر يجعل "بين" اسم كان وينصبها. قال وللفراء : ما أدري ما وجه هذا لأن بين إذا كانت في موضع رفع رفعت كما يقال: بين عينيه أحمر فترفع بين . أبو جعفر