ذلك جزيناهم بما كفروا [17]
قال : "ذلك" في موضع نصب أي جزيناهم ذلك (وهل يجازى إلا الكفور) قراءة أهل الحرمين أبو إسحاق وأبي عمرو ، وقرأ الكوفيون إلا وعاصم عاصما وهل نجازي إلا الكفور وهذا عند أولى لأن قبله "جزيناهم" ولم يقل: جوزوا. قال أبي عبيد : الأمر في هذا واسع، والمعنى فيه بين لو قال قائل: خلق الله جل وعز آدم من طين، وقال آخر خلق آدم من طين لكان المعنى واحدا. وفي الآية سؤال لا أعلم في السورة أشد منه يقال: ما معنى: وهل يجازى إلا الكفور ولم يذكر أصحاب المعاصي غير الكفار؟ وقد تكلم العلماء في هذا فقال قوم: ليس يجازى بمثل هذا الجزاء الذي هو الاصطلام والهلاك إلا من كفر، فأما أبو جعفر قطرب فجوابه على هذه الآية على خلاف؛ لأنه جعلها في أهل المعاصي غير الكفار، وجرى على مذهبه، وقوله من كفر بالنعم فعمل الكبائر، وأولى ما قيل في هذه الآية وأجل ما روي فيها أن قال: مثلا [ ص: 341 ] بمثل. وروى الحسن أيوب عن أبي مليكة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حوسب هلك" فقلت: يا نبي الله، فأين قوله جل وعز: عائشة فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال: "إنما ذلك العرض، ومن نوقش الحساب هلك". قال عن : وهذا إسناد صحيح، وشرحه أن الكافر يكافأ على أعماله ويحاسب عليها ويحبط ما عمل من خير، ويبين لك هذا قوله جل وعز في الأول "ذلك جزيناهم بما كفروا" وفي الثاني "وهل يجازى" فمعنى "يجازى" يكافأ بما عمل، ومعنى "جزيناهم" وفيناهم فهذا حقيقة اللغة وإن كان جازى يقع بمعنى جزى مجازا. أبو جعفر