منصوب لأنه نداء نكرة لا يجوز فيه إلا النصب عند البصريين، وزعم أن الاختيار النصب، وأنها لو رفعت النكرة الموصولة بالصفة لكان صوابا، واستشهد بأشياء منها أنه سمع من العرب: يا مهم بأمرنا لا تهتم. وأنشد: الفراء
يا دار غيرها البلى تغييرا
قال : في هذا بطلان باب النداء أو أكثره لأنه يرفع النكرة المحضة ويرفع ما هو منزلة المضاف في طوله ويحذف التنوين متوسطا ويرفع ما هو في المعنى [ ص: 392 ] مفعول بغير علة أوجبت ذلك. فأما ما حكاه عن أبو جعفر العرب فلا يشبه ما أجازه، لأن تقدير: يا مهتم بأمرنا لا تهتم، على التقديم والتأخير، والمعنى: يا أيها المهتم لا تهتم بأمرنا. وتقدير البيت: يا أيها الدار، ثم حول المخاطبة أي يا هؤلاء غير هذه الدار البلى، كما قال جل وعز: {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم}. وكان يقول بأن قوله جل وعز: "يا حسرة على العباد" من أصعب ما في القرآن من المسائل، وإنما قال هذا لأن السؤال فيه أن يقال: ما الفائدة في نداء الحسرة؟ قال أبو إسحاق : وقد شرح هذا أبو جعفر بأحسن شرح، ومذهبه أن المعنى إذا قيل: يا عجباه فمعناه يا عجب هذا من إبانك، ومن أوقاتك التي يجب أن تحضرها، والمعنى على قوله أنه يجب أن تحضر الحسرة لهم على أنفسهم لاستهزائهم بالرسل، وفي معنى الآية قول غريب إسناده جيد رواه سيبويه عن الربيع بن أنس قال: لما رأى الكفار العذاب قالوا: يا حسرة على العباد، يعنون بالعباد الرسل الثلاثة الذين أرسلوا إليهم تحسروا على فواتهم وإن لم يحضروا حتى يؤمنوا. قال الله تعالى: أبي العالية وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون