وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا [19]
مفعولان أي وصفوا أنه هكذا ، وحكموا أنه كذا . واختلف في قراءة هذا أيضا فقرأ والكوفيون عبد الله بن عباس (عباد الرحمن) وقرأ أهل الحرمين وأبو عمرو والحسن وأبو رجاء (عند الرحمن) واحتج لقراءة من قرأ (عباد الرحمن) بأن الإسناد فيها أعلى وأنها رد لقولهم : الملائكة بنات الله فقال : ليسوا بنات هم عباد . قال أبو عبيد : وهما قراءتان مشهورتان معروفتان إلا أن أولاهما "عند" من غير جهة والذي احتج به أبو جعفر لا يلزم لأنه احتج بأن الإسناد في القراءة بعباد أعلى . أبو عبيد
[ ص: 104 ] ولعمري إنها صحيحة عن ولكن إذا تدبرت ما في الحديث رأيت الحديث نفسه قد أوجب أن يقرأ (عند) لأن ابن عباس احتج على سعيد بن جبير بالمصحف ، فقال : في مصحفي "عند" . وهذه حجة قاطعة؛ لأن جماع الحجة من كتب المصاحف مما نقلته الجماعة على أنه "عند" . ولو كان "عباد" لوجب أن يكتب بالألف ، كما كتب ابن عباس بل عباد مكرمون واحتجاجه بأنه رد لقولهم بنات لا يلزم لأن عبادا إنما هو نفي لمن قال : ولد؛ لأنه يقع للمذكر والمؤنث . والأشبه بنسق الآية قراءة من قرأ (عند)؛ لأن المعنى فيه وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن أي لم يروهم إناثا فكيف قالوا هذا وهم عند الرحمن وليسوا عندهم؟ (أأشهدوا خلقهم) قراءة ، وأما سائر القراء فيما علمنا فإنهم قرءوا نافع أشهدوا وهما قراءتان حسنتان قد نقلتهما الجماعة ، والمعنى فيهما متقارب لأنهم إذا شهدوا فقد أشهدوا ، وقوله جل وعز أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون يدل على قراءة من قرأ (أشهدوا) ، والأخرى جائزة حسنة . قال جل وعز ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض