بادت وغير آيهن مع البلى إلا رواكد جمرهن هباء ومشجج أما سواء قذاله
فبدا وغير ساره المعزاء
فرفع ومشجج على المعنى؛ لأن المعنى بها رواكد وبها مشجج . والقراءة بالرفع اختيار لأن الحور لا يطاف بهن ، واختار أبي عبيد الخفض واحتج بأن الفاكهة واللحم أيضا لا يطاف بهما وإنما يطاف بالخمر . وهذا الاحتجاج لا ندري كيف هو إذ كان القراء قد أجمعوا على القراءة بالخفض [ ص: 328 ] في قوله جل وعز "وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون" فمن أين له أنه لا يطاف بهذه الأشياء التي ادعى أنه لا يطاف بها؟ وإنما يسلم في هذا لحجة قاطعة أو خبر يجب التسليم له . واختلفوا في قوله جل وعز "وحور عين" كما ذكرت والخفض جائز على أن يحمل على المعنى؛ لأن المعنى ينعمون بهذه الأشياء وينعمون بحور عين ، وهذا جائز في العربية كثير ، كما قال : الفراء
علفتها تبنا وماء باردا حتى شتت همالة عيناها
فحملت على المعنى ، وقال آخر :
يا ليت زوجك قد غدا متقلدا سيفا ورمحا
وقال الآخر :
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
[ ص: 329 ] والعيون لا تزجج فحمله على المعنى . فأما "وحورا عينا" فهو أيضا محمول على المعنى؛ لأن معنى الأول يعطون هذا ويعطون حورا ، كما قال :
جئني بمثل بني بدر لقومهم أو مثل أسرة منظور بن سيار
أو عامر بن طفيل في مركبه أو حارثا يوم نادى القوم يا حار
قال : الحور الشديدات سواد سواد العين . وهذا أحسن ما قيل في معناهن . والحور البياض ومنه الحواري ، وروي عن الحسن البصري أنه قال : قيل حور لأن العين تحار فيهن ، وقال مجاهد : العين العظيمات الأعين . قال الضحاك : عين جمع عيناء وهو على فعل إلا أن الفاء كسرت لئلا تنقلب الياء واوا فيشكل بذوات الواو ، وقد حكى أبو جعفر أن من العرب من يقول : حير عين على الإتباع . الفراء