وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله ؛ [ ص: 414 ] " الأكمه " : الذي يولد أعمى؛ قال الراجز:
هرجت فارتد ارتداد الأكمه
وقوله - عز وجل -: وأنبئكم بما تأكلون ؛ أي: أخبركم بمأكولكم؛ فجائز أن تكون " ما " ؛ ههنا؛ في موضع " الذي " ؛ والمعنى: " أنبئكم بالذي تأكلونه وتدخرونه " ؛ ويجوز أن يكون " ما " ؛ وما وقع بعدها بمنزلة المصدر؛ المعنى: " أنبئكم بأكلكم وادخاركم " ؛ والأول أجود.
ومعنى تدخرون جاء في التفسير: ما تأكلون في غدوكم؛ و " تدخرون " ؛ بالدال؛ والذال؛ وقال بعض النحويين: إنما اختير " تدخرون " ؛ لأن التاء تدغم في الذال؛ نحو " تذكرون " ؛ فكرهوا " تذخرون " ؛ لأنه لا يشبه ذلك؛ فطلبوا حرفا بين التاء والذال؛ فكان ذلك الحرف الدال؛ وهذا يحتاج صاحبه إلى أن يعرف الحروف المجهورة والمهموسة؛ وهي - فيما زعم - ضربان؛ فالمهجورة حرف أشبع الاعتماد عليه في موضعه؛ ومنع النفس أن يجري معه؛ والمهموس حرف أضعف الاعتماد عليه في موضعه؛ وجرى معه النفس؛ وإنما قيل: " تدخرون " ؛ وأصله " تذخرون " : أي: " يفتعلون " ؛ من " الذخر " ؛ لأن الذال حرف مجهور؛ لا يمكن النفس أن يجري معه؛ لشدة اعتماده في مكانه؛ والتاء مهموسة؛ فأبدل من مخرج التاء حرف مجهور؛ يشبه الذال في جهرها؛ وهو الدال؛ فصار " تذدخرون " ؛ ثم أدغمت الذال في الدال؛ وهذا أصل الإدغام؛ أن تدغم الأول في الثاني؛ و " تذخرون " ؛ جائز؛ فأما ما قال في الملبس فليس " تذخرون ملبسا " ؛ بشيء. الخليل