[ ص: 155 ] سورة "الممتحنة"
مدنية
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله (تعالى): يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ؛ قيل: المعنى: "تلقون إليهم المودة"؛ والمعنى - والله أعلم -: "يلقون إليهم أخبار النبي - عليه السلام - وسره؛ بالمودة التي بينكم وبينهم؛ ودليل هذا القول: تسرون إليهم ؛ ما يستره النبي - عليه السلام - بالمودة؛ ويروى وكان كتب إلى أهل حاطب بن أبي بلتعة؛ مكة يتنصح لهم؛ فكتب إليهم: إن رسول الله يريد أن يغزوكم؛ فخذوا حذركم؛ فأطلع الله نبيه على ذلك؛ وكان كتب إليهم كتابا؛ ووجه به مع امرأة يقال: إنها كانت مولاة بني هاشم؛ فوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعلي؛ خلفها؛ فلحقاها؛ فسألاها عن الكتاب؛ فأنكرت؛ ففتشا ما معها؛ فلم يجدا شيئا؛ فقال والزبير؛ - رضوان الله عليه -: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكذبنا"؛ فأقسم علي عليها لتخرجن الكتاب أو ليضربنها بالسيف؛ فقالت لهما: وليا وجوهكما؛ وأخرجت الكتاب من قرن من قرون شعرها؛ فجاء بالكتاب إلى النبي - عليه السلام -؛ فعرضه على علي فاعترف به؛ وقال: إن لي حاطب؛ بمكة أهلا؛ ومالا؛ فأردت أن أتقرب منهم؛ ولن يرد الله بأسه عنهم؛ فأنزل الله - عز وجل -: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم ؛ الآية؛ إلى آخر القصة. [ ص: 156 ] وأما قوله: أنها نزلت في إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي ؛ هذا شرط؛ جوابه تقدم؛ المعنى: "إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء؛ و"جهادا"؛ و"ابتغاء"؛ منصوبان لأنهما مفعولان لهما؛ المعنى: "إن كنتم خرجتم لجهاد وابتغاء مرضاتي؛ فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء"؛ .