[ ص: 394 ] فكرر الفعل وقد يستغنى بأحدهما؛ وهذا على لغة الذين قالوا "ضربت زيدا ضربته" وهو توكيد مثل: (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) وقال بعضهم (أحد عشر) وأسكن العين وكذلك (تسعة عشر) إلى العشرين لما طال الاسم وكثرت متحركاته أسكنوا. ولم يسكنوا في قولهم: "اثني عشر واثنتا عشرة" للحرف الساكن الذي قبل العين وحركة العين في هذا كله هو الأصل.
وأما قوله: (رأيتهم لي ساجدين) فإنه لما جعلهم كمن يعقل في السجود والطواعية جعلهم كالإنس في تذكيرهم إذا جمعهم، كما قال: (علمنا منطق الطير) . وقال الشاعر: [ لبيد ]:
(256) صدها منطق الدجاج عن القصد وضرب الناقوس فاجتنبا
وقال: (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) إذا تكلمت نملة فصارت كمن يعقل وقال: (في فلك يسبحون) لما جعلهم يطيعون شبههم بالإنس مثل ذلك: (قالتا أتينا طائعين) على هذا القياس إلا أنه ذكر وليس مذكرا كما يذكر بعض المؤنث. وقال قوم: إنما قال: (طائعين) لأنهما أتتا وما فيهما فتوهم بعضهم "مذكرا" أو يكون كما قال: (واسأل القرية) وهو يريد أهلها. وكما تقول: "صلى المسجد" وأنت تريد أهل المسجد إلا أنك تحمل الفعل على الآخر، كما قالوا: "اجتمعت أهل اليمامة" وقال: (ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن) لأن[ ص: 395 ] الجماعة من غير الإنس مؤنثة. وقال بعضهم "للذي خلق الآيات" ولا أراه قال ذلك إلا لجهله بالعربية. قال الشاعر [ عبدة بن الطيب ]:
(257) إذ أشرف الديك يدعو بعض أسرته إلى الصياح وهم قوم معازيل
(258) وأنت امرؤ تعدو على كل غرة فتخطئ فيها مرة وتصيب
(259) فصبحت والطير لم تكلم جابية طمت بسيل مفعم