نسخة كتاب كتبه أبو عبيدة بن الجراح إلى ومعاذ بن جبل - رضي الله عنهم - : عمر بن الخطاب
سلام عليك ؛ فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو .
أما بعد ؛ فإنا عهدناك وأمر نفسك لك مهم ، فأصبحت وقد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها ؛ يجلس بين يديك الصديق والعدو ، والشريف والوضيع ، ولكل حصته من العدل ؛ فانظر كيف أنت - يا - عند ذلك ؛ فإنا نحذرك يوما تعنو فيه الوجوه ، وتجب فيه القلوب . عمر
وإنا كنا نتحدث أن أمر هذه الأمة يرجع في آخر زمانها : أن يكون إخوان العلانية أعداء السريرة ؛ وإنا نعوذ بالله أن تنزل كتابنا سوى المنزل الذي نزل من قلوبنا ؛ فإنا إنما كتبنا إليك نصيحة لك ؛ والسلام .
فكتب إليهما :
من ، إلى عمر بن الخطاب أبي عبيدة بن الجراح : ومعاذ بن جبل
سلام عليكما ؛ فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو .
أما بعد ؛ فقد جاءني كتابكما ، تزعمان أنه بلغكما أني وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها ، يجلس بين يدي الصديق والعدو ، والشريف والوضيع ؛ وكتبتما : [ ص: 140 ] أن انظر كيف أنت يا عند ذلك ؟ وإنه لا حول ولا قوة عمر - عند ذلك - إلا الله . لعمر
وكتبتما تحذراني ما حذرت به الأمم قبلنا ؛ وقديما كان اختلاف الليل والنهار بآجال الناس : يقربان كل بعيد ، ويبليان كل جديد ، ويأتيان بكل موعود : حتى يصير الناس إلى منازلهم ، من الجنة أو النار ؛ ثم توفى كل نفس بما كسبت ، إن الله سريع الحساب .
وكتبتما تزعمان أن أمر هذه الأمة يرجع في آخر زمانها : أن يكون إخوان العلانية أعداء السريرة ؛ ولستم بذاك ، وليس هذا ذلك الزمان ، ولكن زمان ذلك حين تظهر الرغبة والرهبة ؛ فتكون رغبة بعض الناس إلى بعض إصلاح دينهم ، ورهبة بعض الناس إصلاح دنياهم .
وكتبتما تعوذانني بالله أن أنزل كتابكما مني سوى المنزل الذي نزل من قلوبكما ، وإنما كتبتما نصيحة لي ؛ وقد صدقتكما ؛ فتعهداني منكما بكتاب ؛ ولا غنى بي عنكما .