حكم الترجمة المعنوية
وترجمة معاني القرآن الثانوية أمر غير ميسور ، إذ إنه لا توجد لغة توافق اللغة العربية في دلالة ألفاظها على هذه المعاني المسماة عند علماء البيان خواص التراكيب ، وذلك ما لا يسهل على أحد ادعاؤه . وهو ما يقصده من عبارته السابقة . فوجوه البلاغة القرآنية في اللفظ أو التركيب . تنكيرا وتعريفا ، أو تقديما وتأخيرا ، أو ذكرا وحذفا ، إلى غير ذلك مما تسامت به لغة القرآن ، وكان له وقعه [ ص: 309 ] في النفوس - هذه الوجوه في بلاغة القرآن لا يفي بحقها في أداء معناها لغة أخرى ، لأن أي لغة لا تحمل تلك الخواص . الزمخشري
أما المعاني الأصلية فهي التي يمكن نقلها إلى لغة أخرى . وقد ذكر في الموافقات المعاني الأصلية والمعاني الثانوية ثم قال : " إن ترجمة القرآن على الوجه الأول -يعني النظر إلى معانيه الأصلية- ممكن ، ومن جهته صح تفسير القرآن وبيان معانيه للعامة ومن ليس لهم فهم يقوى على تحصيل معانيه . وكان ذلك جائزا باتفاق أهل الإسلام ، فصار هذا الإنفاق حجة في صحة الترجمة على المعنى الأصلي " . الشاطبي
ومع هذا فإن ترجمة المعاني الأصلية لا تخلو من فساد ، فإن اللفظ الواحد في القرآن قد يكون له معنيان أو معان تحتملها الآية فيضع المترجم لفظا يدل على معنى واحد حيث لا يجد لفظا يشاكل اللفظ العربي في احتمال تلك المعاني المتعددة .
وقد يستعمل القرآن اللفظ في معنى مجازي فيأتي المترجم بلفظ يرادف اللفظ العربي في معناه الحقيقي . ولهذا ونحوه وقعت أخطاء كثيرة فيما ترجم لمعاني القرآن .
وما ذهب إليه واعتبره حجة في صحة الترجمة على المعنى الأصلي ليس على إطلاقه . فإن بعض العلماء يخص هذا بمقدار الضرورة في إبلاغ الدعوة . بالتوحيد وأركان العبادات ، ولا يتعرض لما سوى ذلك ، ويؤمر من أراد الزيادة بتعلم اللسان العربي . الشاطبي
"