( ويحرمان بالصحراء ) بعين الفرج ولو مع عدمه [ ص: 135 ] بالصدر لعين القبلة لا جهتها فيما يظهر بدون ساتر في غير معد لذلك قال صلى الله عليه وسلم { } رواه الشيخان ورويا أيضا { إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط ولكن شرقوا أو غربوا حفصة مستقبل الشام مستدبر الكعبة } وروى أنه صلى الله عليه وسلم قضى حاجته في بيت وغيره بإسناد حسن { ابن ماجه } فجمع أئمتنا أخذا من كلام أنه صلى الله عليه وسلم ذكر عنده أن ناسا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم فقال أوقد فعلوها حولوا بمقعدتي إلى القبلة رضي الله عنه بين هذه الأخبار بحمل أولها المفيد للتحريم على الصحراء لأنها لسعتها لا يشق فيها اجتناب الاستقبال والاستدبار بخلاف البنيان فقد يشق فيه اجتناب ذلك فيجوز فعله كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز الشافعي . والمعتبر في الساتر أن يكون مرتفعا قدر ثلثي ذراع فأكثر في حق الجالس
قال جماعة من الأصحاب : لأنه يستر من سرته إلى موضع قدميه فيؤخذ منه أنه يعتبر في حق القائم أن يستر من سرته إلى موضع قدميه كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وكلام الأصحاب في اعتبار ذلك الارتفاع خرج مخرج الغالب ، ولعل وجهه صيانة القبلة عن خروج الخارج من الفرج وإن كانت العورة تنتهي بالركبة .
وأما عرضها فالمعتبر فيه أن يستر جميع ما توجه به سواء في ذلك القائم والجالس ، فسترة القائم فيه كسترة الجالس ، ولا بد أن لا يتباعد عنها أكثر من ثلاثة أذرع ، ويحصل بالوهدة والرابية والدابة وكثيب الرمل وغيرها ، [ ص: 136 ] وكذا إرخاء الذيل .
أما إن كان في معد ولو بلا سترة فلا حرمة ولا كراهة ولا خلاف الأولى ، أو في غير معد بسترة فخلاف الأولى .
واعلم أن العلة الصحيحة للتحريم فيما مر هي ، والتعليل بأن الفضاء لا يخلو غالبا عن مصل إنسي أو غيره فقد يرى قبله إن استدبرها أو دبره إن استقبلها ضعيف كما في المجموع ، لأن غير الصحراء كذلك من عدم خلوه غالبا عمن ذكر ، ولأنه لو حال بينه وبينها ساتر جاز وإن كان دبره مكشوفا على المعتمد خلافا لبعضهم ، ولو استقبلها بصدره وحول قبله عنها وبال لم يحرم بخلاف عكسه ، ولو اشتبهت عليه القبلة وجب الاجتهاد حيث لا سترة وإلا استحب ، ويأتي هنا جميع ما سيأتي قبيل صفة الصلاة ، ومنه حرمة التقليد مع تمكنه من الاجتهاد وأنه يجب التعلم لذلك ، ومحل ذلك كله ما لم يغلبه الخارج أو يضره كتمه وإلا فلا حرج ، ولو هبت ريح عن يمين القبلة ويسارها جاز الاستقبال والاستدبار ، ولو : تعارض الاستقبال والاستدبار وجب الاستدبار لأن الاستقبال أفحش . تعظيم جهة القبلة
ويكره كما بحثه استقبال القمرين في الليل الحضرمي ، ومراده بالقمرين القمر فقط .
أما الشمس فيتقيد حكمها بالنهار بخلاف استدبارهما ، ويكره محاذاة ما كان قبلة ونسخ ولو باستدبار كما جرى عليه ابن المقري في روضه وسواء كان كذلك ببول أم غائط للنهي عن استقبال بيت المقدس واستدباره كما في المجموع ، وإنما حملوا النهي هنا على التنزيه وفيما مر على التحريم في بعض أحواله للإجماع ، إذ لا نعلم أحدا ممن يعتد به حرمه هنا ، قاله المصنف في المجموع .
والأوجه أن السترة المانعة للحرمة فيما مر تمنع الكراهة هنا ،