فقال : أي من سننه . ( وسننه ) أي الوضوء
وقد ذكر في الطراز أنها نحو خمسين سنة ، وما دل عليه ظاهر كلام المصنف من الحصر محمول على الإضافي باعتبار المذكور هنا ( السواك ) وهو في اللغة : الدلك وآلته .
وفي الشرع : استعمال [ ص: 178 ] عود أو نحوه كأشنان في أسنان وما حولها لقوله عليه الصلاة والسلام { } وفي رواية { لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء } وسواء في استحبابه له أكان حال شروعه فيه أم في أثنائه قياسا على ما سيأتي في التسمية ، وبدؤه بالسواك يشعر بأنه أول السنن وهو ما جرى عليه جمع ، وجرى بعضهم على أن أولها غسل كفيه ، والأوجه أن يقال : لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء ، وأول الفعلية التي منه غسل كفيه . أول سنته الفعلية المتقدمة عليه السواك
وأول القولية التسمية ، فينوي معها عند غسل كفيه بأن يقرنها بها عند أول غسلهما ثم يتلفظ بها سرا عقب التسمية ، فالمراد بتقديم النية على غسل الكفين الواقع في كلامهم تقديمها على الفراغ منه ، وبما تقرر يندفع ما قيل قرنها بها مستحيل لندب التلفظ بها ، ولا يعقل التلفظ مع التسمية ولا يختص طلبه بالوضوء فيسن لكل غسل أو تيمم وإن لم يصل به ، وسن كونه ( عرضا ) أي عرض الأسنان ظاهرها وباطنها ، وكيفية ذلك أن يبدأ بجانب فمه الأيمن [ ص: 179 ] ويذهب إلى الوسط ثم الأيسر ويذهب إليه ، ويكره طولا لأنه قد يدمي اللثة ويفسدها إلا في اللسان ، فيسن فيه ، والكراهة لا تنافي الإجزاء ، وكذا يقال في فيكره لإزالته جزءا ، وقد يحرم كأن فعله بضار ، ويجزئ في الحالتين لحصول المقصود من إزالة القلح به . الاستياك بالمبرد
ويسن غسله للاستياك به ثانيا إن علق به قذر ، ويندب ويحصل ( بكل خشن ) بشرط أن يكون طاهرا فلا يكفي النجس فيما يظهر لقوله صلى الله عليه وسلم { بلع الريق أول الاستياك } وهذا منجسة له ، ويسن أن يكون بيمينه وإن كان لإزالة تغير لأن اليد لا تباشره ، وبه يفرق بينه وبين ما مر في نحو الاستنثار ، وخرج بما ذكر المضمضة بنحو ماء الغاسول وإن أنقى الأسنان وأزال القلح لأنها لا تسمى سواكا بخلافه بالغاسول نفسه ، وأولاه الأراك ، [ ص: 180 ] فالنخل فذو الريح الطيب فاليابس المندى بالماء فبماء الورد فبغيره كالريق فالعود ، ويسن السواك بالزيتون لأنه من شجرة مباركة ، وورد { السواك مطهرة للفم } وحينئذ فيظهر كونه بعد النخل ، ولا يكره بسواك غيره بإذنه ، ويحرم بدونه إن لم يعلم رضاه به ( إلا أصبعه ) ولو خشنة فلا تكفي ( في الأصح ) لأنها جزء منه فلا تحسن أن تكون سواكا ، والثاني واختاره هي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي المصنف في المجموع إجزاؤها بالخشنة .
أما أصبع غير المتصلة الخشنة فتجزئ ، فإن كانت منفصلة ولو منه فالأوجه عدم إجزائها وإن قلنا بطهارتها كالاستنجاء بجامع الإزالة كما بحثه البدر بن شهبة فقد قال الإمام : والاستياك عندي في معنى الاستجمار انتهى .
وإن جرى بعض المتأخرين على إجزائها ، ونبه في الدقائق على زيادة المستثنى والمستثنى منه على المحرر ( ويسن للصلاة ) ولو نفلا أو سلم من كل ركعتين أو كان فاقد الطهورين أو كان متيمما أو صلى على جنازة ولسجدة تلاوة ، [ ص: 181 ] وإن لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { استاك للقراءة أو شكر } والمعتمد تفضيل صلاة الجماعة وإن قلنا بسنيتها على صلاة المنفرد بسواك لكثرة الفوائد المترتبة عليها إذ هي سبع وعشرون فائدة ، وحينئذ فلا تعارض بين الخبر المذكور وخبر صلاة الجماعة ، لأن الدرجات المترتبة على صلاة الجماعة قد تعدل الواحدة منها كثيرا من الركعات بسواك ، ولو نسيه ثم تذكره تداركه بفعل قليل كما أفتى به ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بلا سواك الوالد رحمه الله تعالى وهو ظاهر خلافا للزركشي ، لأن الصلاة وإن كان الكف مطلوبا فيها لكنه عارضه طلب السواك لها وتداركه فيها ممكن .
ألا ترى طلب الشارع دفع المار فيها والتصفيق بشرطه وجذب من وقف عن يساره إلى يمينه مع كون ذلك فعلا ، فالقول بعدم التدارك معللا بما مر ليس بشيء ، والأوجه أنه يندب لها وإن استاك للوضوء ولم يتغير فمه وقرب الفصل .
ويسن للطواف ولو نفلا ( وتغير الفم ) أي نكهته بنحو نوم وسكوت وأكل كريه ، وأفهم تعبيره بالفم دون السن ندبه لتغير فم من لا سن له وهو كذلك ، إذ يسن له الاستياك مطلقا ويتأكد له عندما يتأكد لغيره كقراءة قرآن [ ص: 182 ] أو حديث أو علم شرعي ، وبحث الزركشي كونه قبل التعوذ للقراءة ( ولا يكره ) بحال ( إلا للصائم بعد الزوال ) وإن كان نفلا لخبر الصحيحين { } والخلوف بضم الخاء : تغير رائحة الفم ، والمراد الخلوف بعد الزوال لخبر { لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك } والمساء بعد الزوال فخصصنا عموم الأول الدال على الطيب مطلقا بمفهوم هذا ، ولأنه أثر عبادة مشهود له بالطيب فكره إزالته كدم الشهيد ، وإنما لم يحرم كما حرمت إزالة دم الشهيد لمعارضته في الصائم بتأذيه وغيره برائحته فأبيح له إزالته ، حتى أن لنا قولا اختاره أعطيت أمتي في رمضان خمسا ، ثم قال : وأما الثانية فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك النووي في مجموعه تبعا لجماعة إنها لا تكره ، بخلاف دم الشهيد فإنه لم يعارضه في فضيلته شيء ، ولأن المستاك متصرف في نفسه ، وإزالة دم [ ص: 183 ] الشهيد تصرف في حق الغير ولم يأذن فيه .
نعم نظير دم الشهيد أن يسوك مكلف صائما بعد الزوال بغير إذنه ، ولا شك كما قاله في الخادم في تحريمه ، واختصت الكراهة بما بعد الزوال لأن التغير بالصوم إنما يظهر حينئذ ، بخلافه قبله فيحال على نوم أو أكل في الليل أو نحوهما .
ويؤخذ من ذلك أنه لو واصل وأصبح صائما كره له قبل الزوال كما قاله الجيلي ، وتبعه الأذرعي والزركشي ، وجزم به الغزي كصاحب الأنوار وهو المعتمد ، وظاهر كلامهم أنه لا كراهة قبل الزوال ولو لمن لم يتسحر بالكلية ، وهو الأوجه ، ويوجه بأن من شأن التغير قبل الزوال أنه يحال على التغير من الطعام ، بخلافه بعده فأناطوه بالمظنة من غير نظر إلى الأفراد كالمشقة في السفر ، وعلم من إطلاق المصنف أنه لا يستاك بعد الزوال لصلاة أو نحوها ، إذ لو طلب منه ذلك لزم أن لا خلوف غالبا إذ لا بد من مجيء صلاة بعد الزوال .
نعم إن تغير فمه بعده بنحو نوم استاك لإزالته كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، ولو أكل الصائم ناسيا بعد الزوال أو مكرها أو موجرا ما زال به الخلوف أو قبله ما منع ظهوره وقلنا بعدم فطره وهو الأصح فهل يكره له السواك أم لا لزوال المعنى ؟ قال الأذرعي : إنه محتمل وإطلاقهم يفهم التعميم ، ولا يجب السواك على من تنجس فمه بدسومة إذ الواجب إزالتها بسواك أو غيره .
أنه يطهر الفم ويرضي الرب ويطيب النكهة ويبيض الأسنان ويشد اللثة ويسوي الظهر ويبطئ الشيب ويضاعف الأجر ويذكي الفطنة ويصفي الخلقة ويسهل النزع ويذكر الشهادة عند الموت ومن فوائد السواك