( و ) ولو بلون الدم لكثرة جماع ونحوه ، فيكون طاهرا موجبا للغسل إذا وجدت فيه الخواص الآتية ، والمراد منيه ليخرج به مني غيره والخارج أول مرة ليخرج ما لو استدخلته ثم خرج ، سواء في ذلك الرجل والمرأة خرج بنظر أم فكر [ ص: 215 ] أم احتلام أم غيرها لقوله صلى الله عليه وسلم { تحصل ( بخروج مني ) أم سليم وقالت له لا يستحى من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟ قال : نعم ، إذا رأت الماء } ( من طريقه المعتاد ) ولو من قبلي مشكل ( وغيره ) كدبر أو ثقبة قياسا على المعتاد ، وتسويته في الخارج من المعتاد وغيره هي المرجحة في الروضة والمصححة في الشرح الصغير لكن جزم في التحقيق بأن للخارج من غير المعتاد حكم المنفتح في باب الحدث ، فيعتبر فيه الانفتاح والانسداد والأعلى والأسفل ، وصوبه في المجموع . لما جاءته
قال في المهمات : وهو الماشي على القواعد فليعمل به .
قال الرافعي : والصلب هنا كالمعدة هناك .
قال في الخادم : وصوابه كتحت المعدة هناك ، لأن كلام المجموع صريح في أن الخارج من نفس الصلب يوجب الغسل ا هـ .
وهو كما قال : وعليه فيفرق بين هذه وما مر حيث ألحق ثم ما انفتح في المعدة بما فوقها ، بأن العادة جرت بأن ما تحيله الطبيعة تلقيه إلى أسفل وما سواه بالقيء أشبه بخلاف ما هنا ، والصلب إنما يعتبر للرجل أما المرأة فالمعتبر فيها ما بين ترائبها وهي عظام الصدر ، والمراد بخروج المني في حق الرجل والبكر بروزه عن الفرج إلى الظاهر ، ويكفي في الثيب وصوله إلى محل يجب غسله في الجنابة ، ومن أحس بنزول منيه فأمسك ذكره فلم يخرج فلا غسل عليه .
ثم الكلام في مني مستحكم فإن لم يستحكم بأن خرج لمرض لم يجب [ ص: 216 ] الغسل بلا خلاف كما في المجموع عن الأصحاب وهو خروجه بدفعات ، قال تعالى { ( ويعرف ) المني ( بتدفقه ) من ماء دافق } ( أو لذة ) بالمعجمة ( بخروجه ) أي وجدانها وإن لم يتدفق لقلته ويلزمه فتور الذكر وانكسار الشهوة غالبا ( أو ريح عجين ) وطلع نخل ( رطبا وبياض بيض جافا ) وإن لم يتدفق ويلتذ به كأن خرج ما بقي منه بعد الغسل فأي صفة من الثلاث وجدت كفت إذ لا يوجد شيء منها في غيره ، وقوله رطبا وجافا حالان من المني لا من العجين وبياض البيض ، ولا أثر لثخانة أو بياض في مني الرجل ولا ضد ذلك في مني المرأة ( فإن فقدت الصفات ) أي الخواص المذكورة ( فلا غسل ) لأنه ليس بمني ، فلو احتمل كون الخارج منيا أو وديا كمن تخير بين حكميهما فيغتسل أو يتوضأ ويغسل ما أصابه منه ، فلو اختار كونه منيا لم يحرم عليه قبل اغتساله ما يحرم على الجنب للشك في الجنابة ، ولهذا من قال بوجوب الاحتياط بفعل مقتضى الحدثين لا يوجب عليه غسل ما أصاب ثوبه ، لأن الأصل طهارته ، كذا أفتى به استيقظ ووجد الخارج منه أبيض ثخينا الوالد رحمه الله تعالى .
وقضية كلام الزركشي أن له الرجوع عما اختاره وهو ظاهر ، إذ التفويض إلى خيرته يقتضي ذلك .
وإن وحده أو مع من لا يمكن كونه منه كالممسوح فيما يظهر كما في الخادم لزمه الغسل وإن لم يتذكر احتلاما ، ولزمه إعادة كل مكتوبة لا يحتمل حدوثه بعدها ، ويندب له إعادة ما احتمل أنه فيها كما لو نام مع من يمكن كونه منه ولو نادرا ، كالصبي بعد تسع فإنه يندب لهما الغسل ، وعلم مما قررناه صحة ما قيد رأى منيا في ثوبه أو في فراش نام فيه المسألة به بما إذا رأى [ ص: 217 ] المني في باطن الثوب ، فإن رآه في ظاهره فلا غسل لاحتمال أنه أصابه من غيره ( والمرأة كرجل ) فيما مر من حصول الجنابة وما يعرف به المني من الخواص الثلاث على الأصح من اضطراب طويل لعموم الأدلة . الماوردي