لأنها أغلظ منه ( ( ويحرم بها ) أي بالجنابة ( ما حرم بالحدث ) الأصغر ) لقوله تعالى { والمكث بالمسجد ولا جنبا إلا عابري سبيل } وقوله صلى الله عليه وسلم { } ومثله رحبته وهواؤه وجناح بجداره وإن كان كله في هواء الشارع كما يقتضيه كلام المجموع ، وشمل ذلك ما لو كان المسجد شائعا في أرض بعضها مملوك وإن قل غير الملك فيما يظهر ، ويفارق التفصيل السابق في التفسير مع أن حرمة القرآن آكد من حرمة المسجد ، بأن المسجدية لما انبهمت في كل جزء من أجزاء تلك الأرض التي وقع فيها المكث كان يصدق عليه أنه ماكث في مسجد شائع بخلاف القرآن مع التفسير فإنه غير منبهم فيه بل متميز عنه ، فلم يصدق عليه أنه مس مصحفا شائعا ، وأيضا فاختلاط المسجدية بالملك لا يخرجه عن كونه يسمى مسجدا ، ولا كذلك المصحف إذا اختلط بالتفسير فإنه يخرجه عن كونه يسمى مصحفا إن زاد عليه التفسير كما مر ، ومحل حرمة ما تقدم [ ص: 218 ] إن لم يكن له عذر ، فإن كان كإغلاق بابه أو خوف لو خرج ولو على مال وتعذر غسله هناك تيمم حتما لا بتراب المسجد وهو الداخل في وقفه فيحرم به كتراب مملوك لغيره ويصح ، ومحله أيضا في حق المسلم ; أما الكافر فله دخوله إن أذن له فيه مسلم أو وجد ما يقوم مقام إذنه فيه ودعت حاجة إلى دخوله سواء أكان جنبا أم لا ، [ ص: 219 ] لأنه لا يعتقد حرمته ، أما الكافرة إذا كانت حائضا وأمنت التلويث فهل تمنع كالمسلمة كما في الروضة كأصلها في شروط الصلاة أو لا كما صرحا به في باب اللعان ؟ اختلف المتأخرون في الترجيح ، والأقرب حمل المنع على عدم حاجتها الشرعية وعدمه على وجود حاجتها الشرعية ، ومحلها أيضا في البالغ . إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب
أما كالقراءة كما ذكره الصبي الجنب فيجوز له المكث فيه المصنف في فتاويه .
قال ابن العماد في تسهيل المقاصد : ومن التردد فيه أن يدخل ليأخذ حاجة من المسجد ويخرج من الباب الذي دخل منه دون وقوف ، بخلاف ما لو دخله يريد الخروج من الباب الآخر ثم عن له الرجوع فله أن يرجع ( لا عبوره ) لكونه أخف ولا يكلف الإسراع بل يمشي على عادته .
نعم هو للحائض والنفساء عند أمنهما تلويثه مكروه وإلا فحرام كما سيأتي .
وللجنب خلاف الأولى إلا لعذر ، ولو عبر بنية الإقامة لم يحرم المرور فيما يظهر خلافا لابن العماد ، إذ الحرمة إنما هي لقصد المعصية لا للمرور ، ولو لم يكن مكثا لأن سيرها [ ص: 220 ] منسوب إليه ، بخلاف نحو سرير يحمله إنسان ، ولو دخل على عزم أنه متى وصل للباب الآخر رجع قبل مجاوزته لم يجز لأنه يشبه التردد ، والسابح في نهر فيه كالمار ، ومن دخله فنزل بئره ولم يمكث حتى اغتسل لم يحرم فيما يظهر ، ويحتمل منعه لأنه حصول لا مرور ، وعلى الأول يحمل كلام ركب دابة ومر فيه البغوي أنه لو كان به بئر ودلى نفسه فيها بحبل حرم على ما إذا ترتب عليه مكث كما يظهر من كلامه نفسه ، ولو لم يجد ماء إلا فيه جاز له المكث بقدر حاجته وتيمم لذلك كما لا يخفى ، ولو فالأوجه الحرمة ، كما يؤخذ من كلام جامع زوجته فيه وهما ماران ابن عبد السلام أنه لو مكث جنب فيه هو وزوجته لعذر لم يجز له مجامعتها ، ومن كلامهم في باب الاعتكاف في توجيه كون المسجد شرطا لصحته حيث قالوا : لا جائز أن يكون ذكر بالمساجد شرطا لمنع مباشرة المعتكف في المسجد ، لأن منعها فيه لا يختص به فغير المعتكف كذلك ، وخرج بالمسجد المدرسة والرباط ومصلى العيد ونحوها ; وهل شرط الحرمة تحقق المسجدية أو يكتفى بالقرينة ؟ فيه احتمال ، والأقرب إلى كلامهم الأول ، وعليه فالاستفاضة كافية ما لم يعلم أصله كالمساجد المحدثة بمنى .