( فإن أتلف ) من حرم عليه ما ذكر ( صيدا ) مما ذكر وإن لم يكن مملوكا ( ضمنه ) بما يأتي لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا } الآية ، وقيس بالمحرم الحلال في
الحرم ، ولا فرق في الضمان بين الناسي للإحرام أو كونه في
الحرم وجاهل الحرمة وإن عذر بقرب إسلام أو نحوه ، وقيد المتعمد في الآية ومنكم خرج مخرج الغالب فيحرم التعرض لشيء من أجزائه من لبن وبيض وشعر ويضمنها بالقيمة ، وإنما لم يجب في ورق شجر
الحرم جزاء ; لأنه لا يضر الشجر ، وجز الشعر يضر الحيوان في الحر والبرد ، ولو حصل مع تعرضه لنحو اللبن نقص في الصيد ضمنه أيضا ، فقد سئل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الإمام الشافعي رضي الله عنه عمن
nindex.php?page=treesubj&link=3809_3443حلب عنزا من الظباء وهو محرم فقال : تقوم العنز بلبن وبلا لبن وينظر نقص ما بينهما فيتصدق به وهذا النص لا يقتضي اختصاص الضمان بحالة النقص كما فهمه
الإسنوي بل هو لبيان كيفية التقويم ومعرفة المغروم
[ ص: 345 ] ومحل ضمان البيض ما لم يكن مذرا أو مذرا من النعام ، وإن كان مذرا منه ضمن قشره ; لأن له قيمة إذ ينتفع به ، بخلاف المذر من غيره ، ولو كسره عن فرخ فمات وجب مثله من النعم أو طار وسلم لم يجب شيء ، ولو نفره عن بيضه أو أحضن بيضه دجاجة وفسد ببعض الصيد ضمنه حتى لو تفرخ كان من ضمانه حتى يمتنع ، فإن كان الصيد مملوكا لزمه مع الضمان لحق الله تعالى الضمان للآدمي وإن أخذه منه برضاه كعارية ، لكن المغروم لحق الله ما يأتي من المثل ثم القيمة ، والمغروم لحق الآدمي القيمة مطلقا .
وقد ألغز
ابن الوردي بذلك فقال :
عندي سؤال حسن مستظرف فرع على أصلين قد تفرعا قابض شيء برضا مالكه
ويضمن القيمة والمثل معا
وخرج بما مر
nindex.php?page=treesubj&link=3441_17093_25507_3445الصيد المملوك في الحرم بأن صاده في الحل فملكه ثم دخل به الحرم فلا يحرم على حلال ، التعرض له ببيع أو شراء أو غيرهما من أكل أو ذبح ، بخلاف المحرم لإحرامه ، ويزول ملك المحرم عن صيد أحرم وهو في ملكه بإحرامه فيلزمه إرساله ، وإن تحلل حتى لو قتله بعد التحلل ضمنه ويصير مباحا فلا غرم له إذا قتل أو أرسل ، ومن أخذه ولو قبل إرساله وليس محرما ملكه ; لأنه لا يراد للدوام فتحرم استدامته كاللباس بخلاف النكاح ولو مات في يده ضمنه وإن لم يتمكن من إرساله إذا كان يمكنه إرساله قبل الإحرام ، ولو أحرم أحد مالكيه تعذر إرساله فيلزمه رفع يده عنه .
قال
الإمام : ولم يوجبوا عليه السعي في ملك نصيب شريكه ليطلقه لكن ترددوا في أنه لو تلف هل يضمن نصيبه ا هـ .
تردد
الزركشي فيما لو
nindex.php?page=treesubj&link=3794_25620_3445كان يملك الصبي صيدا هل يلزم الولي إرساله ويغرم قيمته كما يغرم قيمة النفقة الزائدة بالسفر ؟ والأوجه أخذا مما مر أنه يلزمه كفارة محظورات إحرامه أنه يلزمه إرساله
[ ص: 346 ] ويغرم قيمته ; لأنه المورط له في ذلك ومن
nindex.php?page=treesubj&link=3794_3445مات عن صيد وله قريب محرم ورثه كما يملكه بالرد بالعيب ، ولا يزول ملكه عنه إلا بإرساله كما في المجموع ، ويجب إرساله كما لو أحرم وهو في ملكه ، ولو باعه صح وضمن الجزاء ما لم يرسل حتى لو مات في يد المشترى لزم البائع الجزاء ، وفرق
ابن المقري بين ما كان في ملكه قبل الإحرام حيث توقف على الإرسال بأنه دخل في ملكه قهرا بالإرث فلا يزول قهرا ، ودخوله في الإحرام رضا بزوال ملكه .
وما اعترض به
الجوجري من كون المملوك قبل الإحرام بالإرث يزول ملكه عنه بالإحرام قهرا مع أنه دخل في ملكه قهرا ، فكونه في الإحرام لا تأثير له ، ومن أن دخوله في الإحرام رضا بزوال ملكه عما في ملكه وعما سيملكه وهو محرم يرد بمنع ما ذكره إذ الابتداء أقوى من الدوام ، فكان ابتداء طرو الإحرام على المملوك ولو بالإرث مزيلا لملكه ; لأنه أقوى منه ، بخلاف ما تجدد حال الإحرام بنحو الإرث فإن الإحرام ضعف عن منع دخوله في الملك فليضعف عن إزالة الملك بعد وجوده بالأولى .
وقوله دخوله في الإحرام إلخ ممنوع أيضا إذ ما سيملكه غير محقق ولا مظنون غالبا فلا أثر لهذا الرضا إن سلم وجوده ، وكما منع الإحرام دوام الملك يمنع ابتداءه اختيارا كشراء وهبة وقبول وصية وحينئذ فيضمنه بقبض نحو شراء أو عارية أو وديعة لا نحو هبة ، ثم إن أرسله ضمن قيمته للمالك وسقط الجزاء بخلافه في الهبة لا ضمان ; لأن العقد الفاسد كالصحيح في الضمان ، والهبة غير مضمونة ، وإن رده لمالكه سقطت القيمة وضمنه بالجزاء حتى يرسله فيسقط ضمان الجزاء ، ولو باعه ثم أحرم ثم أفلس المشتري لم يكن له الرجوع فيه لكن يبقى حقه حتى يتحلل فحينئذ يرجع فيه كما نقله
الزركشي عن
الماوردي فيكون تعذر الرجوع في الحال عذرا في التأخير ، وعليه لو وجد المحرم بثمن الصيد الذي باعه قبل عيبا كان له الرد بعد تحلله ، وشرط الضمان فيما مر بمباشرة أو غيرها على خلاف القاعدة في خطاب الوضع كون الصائد مميزا ليخرج المجنون والمغمى عليه والنائم والطفل الذي لا يميز ، ومن انقلب على فرخ وضعه الصيد في فراشه جاهلا به وأتلفه .
والسبب في خروج ذلك عن القاعدة المذكورة أنه حق الله تعالى ففرق بين من هو من أهل التمييز وغيره ، ومعنى كونه حقا لله تعالى : أي أصالة وفي بعض حالاته ، إذ منها الصيام فلا نظر لكون الفدية تصرف للفقراء ، ثم
[ ص: 347 ] ضمان السيد هنا : إما بمباشرة أو سبب أو وضع يد ، فالأول كالقتل ونحوه ، والثاني هو ما أثر في التلف ولم يحصله فيضمن ما تلف من الصيد بنحو صياحه أو وقوع حيوان أصابه سهم عليه أو وقوعه بشبكة نصبها في
الحرم أو وهو محرم وإن نصبها بملكه أو وقع الصيد بها بعد موته أو بعد التحلل كما أفتى به
البغوي ، قال لتعديه حال نصبها ، وأخذ منه
الأذرعي أنه لو نصبها بغير
الحرم وهو حلال لم يضمن ما تلف بها وإن أحرم ; ولو
nindex.php?page=treesubj&link=3785_3444_3441_3794أرسل محرم كلبا معلما على صيد أو حل رباطه والسيد حاضر ثم أو غائب ثم ظهر فقتله ضمن كحلال فعل ذلك في
الحرم ، وكذا يضمن لو انحل رباطه بتقصيره في الربط فقتل صيدا حاضرا أو غائبا ثم ظهر ، وفارق ما ذكر عدم الضمان بإرسال الكلب لقتل آدمي بأن الكلب معلم للاصطياد فاصطياده بإرساله كاصطياده بنفسه وليس معلما لقتل الآدمي فلم يكن القتل منسوبا إلى المرسل بل إلى اختيار الكلب ، ولهذا لو أرسل كلبا غير معلم على صيد فقتله لم يضمنه كما جزم به
الماوردي والجرجاني nindex.php?page=showalam&ids=11872والقاضي أبو الطيب وعزاه إلى نصه في الإملاء ، وحكاه في المجموع عن
الماوردي فقط ، ثم قال : وفيه نظر وينبغي أن يضمنه ; لأنه سبب ا هـ .
قال في الخادم : قضية إطلاق غيرهم التسوية بين المعلم وغيره ، وظاهر أن محل كلام هؤلاء إذا لم يكن الكلب ضاربا ، وقضية الفرق السابق : أنه لو كان الكلب معلما لقتل الآدمي فأرسل عليه فقتله ضمن كالضاري ، وهو ظاهر ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=3446استرسل كلب فزاد عدوه بإغراء محرم لم يضمنه ; لأن حكم الاسترسال لا ينقطع بالإغراء
nindex.php?page=treesubj&link=25507_3785_3794_3444ويضمن ما تلف منه بحفر بئر حفرها وهو محرم بالحل أو الحرم وهو متعد بالحفر كأن حفر في ملك غيره من غير إذنه ، أو وهو حلال في
الحرم وإن لم يكن متعديا به كأن حفرها بملكه ، أو موات ; لأن حرمة
الحرم لا تختلف فصار كنصب شبكة فيه في ملكه ، بخلاف حرمة المحرم فلا يضمن ما تلف من ذلك بما حفره خارج
الحرم بغير عدوان كما لو تلف به بهيمة أو آدمي ، ولو دل المحرم آخر على صيد ليس في يده فقتله أو أعانه بآلة أو نحوها أثم ولا ضمان ، أو بيده والقاتل حلال ضمن المحرم ; لأن حفظه واجب عليه ولا يرجع على القاتل ، ولو رماه قبل إحرامه فأصابه بعده أو عكس ضمن تغليبا الإحرام فيهما وإنما أهدر مسلم رماه فارتد لتقصيره ، ولو رمى صيدا فنفذ منه إلى صيد آخر ضمنهما والثالث التعدي
[ ص: 348 ] بوضع اليد عليه فيضمن المحرم صيدا وضع يده عليه بتلف حصل له وهو في يده ولو بنحو وديعة كالغاصب أو بما في يده كأن تلف بنحو رفس مركوبه كما لو هلك به آدمي أو بهيمة ، ولو كان مع الراكب سائق وقائد فالأوجه اختصاص الضمان بالأول ; لأن اليد له ، ولا يضمن ما تلف بإتلاف بعيره وإن فرط أخذا مما في المجموع عن
الماوردي وأقره ، أنه لو حمل ما يصاد به فانفلت بنفسه وقتل لم يضمن ، وإن فرط وفارق انحلال رباط الكلب بتقصيره بأن الغرض من الربط غالبا دفع الأذى فإذا انحل بتقصيره فوت الغرض بخلاف حمله ، ولو رماه بسهم فأخطأه أو أرسل عليه كلبا فلم يقتله أثم ولا جزاء ، ولو كان المتلف لما في يد المحرم محرما ضمن وكان ذو اليد طريقا على الأصح ، بخلاف ما لو كان حلالا فإن الضامن وهو ذو اليد ولا رجوع له على المتلف بشيء ; لأنه ليس من أهل ضمان الصيد ولو أكره محرم على قتله ضمنه ورجع بما غرمه على مكرهه وإنما يضمن ما تلف في يده إن كان أخذه لغير مصلحة الصيد لا إن أخذه لمصلحته كمداواته أو تخليصه من نحو سبع أو هرة اختطفته فمات في يده ، قال
الرافعي : لأنه قصد المصلحة فجعلت يده يد وديعة كما لو أخذ المغصوب من الغاصب ليرده إلى مالكه فتلف في يده وكان الغاصب حربيا أو رقيقا للمالك ، ولا ينافى هذا قولهما أن الوديع يضمن كما مر ، إذ معنى هذا أن قصده مصلحة الصيد أخرج اليد عن وضعها الأصلي في هذا الباب وألحقها بيد الوديع المبحوث عنها في باب الوديعة ، فليس معنى قول
الرافعي فجعلت يده يد وديعة أن يده صارت كاليد المستودعة صيدا بل كالمستودعة غيره في عدم الضمان للمعنى المذكور ، ولا يضمن أيضا بإتلافه لما صال عليه أو على غيره لأجل دفع له عن نفس محترمة أو عضو كذلك أو مال بل أو اختصاص فيما يظهر ; لأن الصيال ألحقه بالمؤذيات ، ولو قتله للدفع راكبه الصائل عليه ضمنه ، وإن كان لا يمكن دفع راكبه إلا بقتله ; لأن الأذى ليس منه كما في إيجاب الفدية بحلق شعر رأسه لإيذاء القمل .
نعم يرجع بما غرمه على الراكب ولا ضمان ولا إثم بقتل جراد عم طريقه ، ولم يطأ إلا ما لا بد له من وطئه ; لأنه ملجأ إلى ذلك فأشبه دفعه لصياله ، وكالجراد ما لو باض بفراشه ولم يمكنه دفعه إلا بالتعرض لبيضه فإذا نحاه وفسد لم يضمنه
[ ص: 349 ] ومنه يؤخذ تنفيره إذا أضر بأكله متاعه مثلا أو ببوله ، ويضمن حلال فرخا حبس أمه حتى تلف والفرخ في
الحرم دون أمه ; لأن حبسها جناية عليه ، ولا يضمنها ; لأنه أخذها من الحل أو هي في
الحرم دونه ضمنهما ، أما هو فكما لو رماه من
الحرم إلى الحل ، وأما هي فلكونها في
الحرم والفرخ ، مثال إذ كل صيد وولده كذلك إذا كان يتلف لانقطاع متعهده وخرج بالحلال المحرم فيضمن مطلقا ، ولو نفر محرم صيدا ولو في الحل أو نفره حلال في
الحرم فهلك بسبب التنفير بنحو صدمة أو أخذ سبع أو قتل حلال له في الحل ضمنه ويستمر في ضمانه حتى يسكن ، ولو تلف به في نفاره صيد آخر ضمنه أيضا ، ويضمن حلال أيضا بإرساله وهو في الحل إلى صيد في الحل أيضا سهما مر في
الحرم فأصابه وقتله أو بإرساله وهما في الحل أيضا كلبا معلما تعين
الحرم عند الإرسال لطريقه وإن لم تكن هي الطريق المألوفة ; لأنه ألجأه إلى الدخول ، بخلاف ما إذا لم يتعين ; لأن له اختيارا ولا كذلك السهم .
ولو دخل صيد رمي إليه أو إلى غيره وهو في الحل
الحرم فقتله السهم فيه ضمنه ، وكذا لو أصاب صيدا فيه كان موجودا فيه قبل رميه إلى صيد في الحل ، ولا يضمن مرسل الكلب بذلك إلا إن عدم الصيد ملجأ غير
الحرم عند هربه . ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=13677الأذرعي أنه لو
nindex.php?page=treesubj&link=17091_25507_17090أرسل كلبا أو سهما من الحل إلى صيد فيه فوصل إليه في الحل وتحامل الصيد بنفسه أو نقل الكلب له في الحرم فمات فيه لم يضمنه ، ولم يحل أكله احتياطا لحصول قتله في
الحرم ، ولو رمى في الحل صيدا كله أو قوائمه في
الحرم واعتمد عليها أو عكسه ضمنه تغليبا للحرمة ، وإنما لم يضمن من سعى من
الحرم إلى الحل أو من الحل إلى الحل ، لكن سلك في أثناء سعيه
الحرم فقتل الصيد من الحل ; لأن ابتداء الصيد من حين الرمي أو نحوه لا من حين السعي ، فإن أخرج يده منه ونصب شبكة لم يضمن ما ينعقل بها ، وقياسه أنه لو أخرج يده من
الحرم ورمى إلى صيد فقتله لم يضمنه ، ولا أثر لكون غير قوائمه في
الحرم كرأسه إن أصاب ما في الحل وإلا ضمنه كما ذكره
الأذرعي والزركشي ، هذا في القائم فغيره العبرة بمستقره ، ولو كان نصفه في الحل ونصفه في
الحرم حرم
[ ص: 350 ] كما جزم به بعضهم تغليبا للحرمة .
( فَإِنْ أَتْلَفَ ) مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ ( صَيْدًا ) مِمَّا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا ( ضَمِنَهُ ) بِمَا يَأْتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا } الْآيَةَ ، وَقِيسَ بِالْمُحْرِمِ الْحَلَالِ فِي
الْحَرَمِ ، وَلَا فَرْقَ فِي الضَّمَانِ بَيْنَ النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ أَوْ كَوْنِهِ فِي
الْحَرَمِ وَجَاهِلِ الْحُرْمَةِ وَإِنْ عُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامٍ أَوْ نَحْوِهِ ، وَقَيَّدَ الْمُتَعَمِّدَ فِي الْآيَةِ وَمِنْكُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَيَحْرُمَ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مِنْ لَبَنٍ وَبَيْضٍ وَشَعْرٍ وَيَضْمَنُهَا بِالْقِيمَةِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي وَرَقِ شَجَرِ
الْحَرَمِ جَزَاءً ; لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الشَّجَرَ ، وَجَزُّ الشَّعْرِ يَضُرُّ الْحَيَوَانَ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ ، وَلَوْ حَصَلَ مَعَ تَعَرُّضِهِ لِنَحْوِ اللَّبَنِ نَقْصٌ فِي الصَّيْدِ ضَمِنَهُ أَيْضًا ، فَقَدْ سُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَمَّنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3809_3443حَلَبَ عَنْزًا مِنْ الظِّبَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ : تَقُومُ الْعَنْزُ بِلَبَنٍ وَبِلَا لَبَنٍ وَيَنْظُرُ نَقْصَ مَا بَيْنَهُمَا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَهَذَا النَّصُّ لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الضَّمَانِ بِحَالَةِ النَّقْصِ كَمَا فَهِمَهُ
الْإِسْنَوِيُّ بَلْ هُوَ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ التَّقْوِيمِ وَمَعْرِفَةِ الْمَغْرُومِ
[ ص: 345 ] وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْبَيْضِ مَا لَمْ يَكُنْ مَذَرًا أَوْ مَذَرًا مِنْ النَّعَامِ ، وَإِنْ كَانَ مَذَرًا مِنْهُ ضَمِنَ قِشْرَهُ ; لِأَنَّ لَهُ قِيمَةً إذْ يُنْتَفَعُ بِهِ ، بِخِلَافِ الْمَذَرِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَلَوْ كَسَرَهُ عَنْ فَرْخٍ فَمَاتَ وَجَبَ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ أَوْ طَارَ وَسَلِمَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ ، وَلَوْ نَفَّرَهُ عَنْ بَيْضِهِ أَوْ أَحْضَنَ بَيْضَهُ دَجَاجَةٌ وَفَسَدَ بِبَعْضِ الصَّيْدِ ضَمِنَهُ حَتَّى لَوْ تَفَرَّخَ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ ، فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ مَمْلُوكًا لَزِمَهُ مَعَ الضَّمَانِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الضَّمَانُ لِلْآدَمِيِّ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ بِرِضَاهُ كَعَارِيَّةٍ ، لَكِنَّ الْمَغْرُومَ لِحَقِّ اللَّهِ مَا يَأْتِي مِنْ الْمِثْلِ ثُمَّ الْقِيمَةِ ، وَالْمَغْرُومُ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا .
وَقَدْ أَلْغَزَ
ابْنُ الْوَرْدِيِّ بِذَلِكَ فَقَالَ :
عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفٌ فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ
وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعًا
وَخَرَجَ بِمَا مَرَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3441_17093_25507_3445الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ فِي الْحَرَمِ بِأَنْ صَادَهُ فِي الْحِلِّ فَمَلَكَهُ ثُمَّ دَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى حَلَالٍ ، التَّعَرُّضُ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَكْلٍ أَوْ ذَبْحٍ ، بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ لِإِحْرَامِهِ ، وَيَزُولُ مِلْكُ الْمُحْرِمِ عَنْ صَيْدٍ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ بِإِحْرَامِهِ فَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ ، وَإِنْ تَحَلَّلَ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ ضَمِنَهُ وَيَصِيرُ مُبَاحًا فَلَا غُرْمَ لَهُ إذَا قَتَلَ أَوْ أَرْسَلَ ، وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا مَلَكَهُ ; لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَتَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهُ كَاللِّبَاسِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إرْسَالِهِ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ إرْسَالُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ، وَلَوْ أَحْرَمَ أَحَدُ مَالِكَيْهِ تَعَذَّرَ إرْسَالُهُ فَيَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ .
قَالَ
الْإِمَامُ : وَلَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ السَّعْيَ فِي مِلْكِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ لِيُطْلِقَهُ لَكِنْ تَرَدَّدُوا فِي أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ ا هـ .
تَرَدَّدَ
الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3794_25620_3445كَانَ يَمْلِكُ الصَّبِيُّ صَيْدًا هَلْ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ إرْسَالُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ كَمَا يَغْرَمُ قِيمَةَ النَّفَقَةِ الزَّائِدَةِ بِالسَّفَرِ ؟ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ مَحْظُورَاتِ إحْرَامِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ
[ ص: 346 ] وَيَغْرَمُ قِيمَتُهُ ; لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3794_3445مَاتَ عَنْ صَيْدٍ وَلَهُ قَرِيبٌ مُحْرِمٌ وَرِثَهُ كَمَا يَمْلِكُهُ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ ، وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ، وَيَجِبُ إرْسَالُهُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ ، وَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ وَضَمِنَ الْجَزَاءَ مَا لَمْ يُرْسِلْ حَتَّى لَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرَى لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ ، وَفَرَّقَ
ابْنُ الْمُقْرِي بَيْنَ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِرْسَالِ بِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا بِالْإِرْثِ فَلَا يَزُولُ قَهْرًا ، وَدُخُولُهُ فِي الْإِحْرَامِ رِضًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ .
وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ
الْجَوْجَرِيُّ مِنْ كَوْنِ الْمَمْلُوكِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْإِرْثِ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ قَهْرًا مَعَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا ، فَكَوْنُهُ فِي الْإِحْرَامِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ ، وَمِنْ أَنَّ دُخُولَهُ فِي الْإِحْرَامِ رِضًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَمَّا فِي مِلْكِهِ وَعَمَّا سَيَمْلِكُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ يُرَدُّ بِمَنْعِ مَا ذَكَرَهُ إذْ الِابْتِدَاءُ أَقْوَى مِنْ الدَّوَامِ ، فَكَانَ ابْتِدَاءُ طُرُوُّ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَلَوْ بِالْإِرْثِ مُزِيلًا لِمِلْكِهِ ; لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ ، بِخِلَافِ مَا تَجَدَّدَ حَالَ الْإِحْرَامِ بِنَحْوِ الْإِرْثِ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ ضَعْفٌ عَنْ مَنْعِ دُخُولِهِ فِي الْمِلْكِ فَلْيَضْعُفَ عَنْ إزَالَةِ الْمِلْكِ بَعْدَ وُجُودِهِ بِالْأَوْلَى .
وَقَوْلُهُ دُخُولُهُ فِي الْإِحْرَامِ إلَخْ مَمْنُوعٌ أَيْضًا إذْ مَا سَيَمْلِكُهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَلَا مَظْنُونٍ غَالِبًا فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الرِّضَا إنْ سَلِمَ وُجُودُهُ ، وَكَمَا مَنَعَ الْإِحْرَامُ دَوَامَ الْمِلْكِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ اخْتِيَارًا كَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ وَقَبُولِ وَصِيَّةٍ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُهُ بِقَبْضٍ نَحْوَ شِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لَا نَحْوَ هِبَةٍ ، ثُمَّ إنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ وَسَقَطَ الْجَزَاءُ بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ لَا ضَمَانَ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ ، وَالْهِبَةُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ ، وَإِنْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ سَقَطَتْ الْقِيمَةُ وَضَمِنَهُ بِالْجَزَاءِ حَتَّى يُرْسِلَهُ فَيَسْقُطَ ضَمَانُ الْجَزَاءِ ، وَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لَكِنْ يَبْقَى حَقُّهُ حَتَّى يَتَحَلَّلَ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ
الزَّرْكَشِيُّ عَنْ
الْمَاوَرْدِيِّ فَيَكُونَ تَعَذُّرُ الرُّجُوعِ فِي الْحَالِ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ ، وَعَلَيْهِ لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ بِثَمَنِ الصَّيْدِ الَّذِي بَاعَهُ قَبْلُ عَيْبًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ ، وَشَرْطُ الضَّمَانِ فِيمَا مَرَّ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ كَوْنُ الصَّائِدِ مُمَيِّزًا لِيَخْرُجَ الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَالطِّفْلُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ ، وَمَنْ انْقَلَبَ عَلَى فَرْخٍ وَضَعَهُ الصَّيْدُ فِي فِرَاشِهِ جَاهِلًا بِهِ وَأَتْلَفَهُ .
وَالسَّبَبُ فِي خُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ حَقُّ اللَّه تَعَالَى فَفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى : أَيْ أَصَالَةً وَفِي بَعْضِ حَالَاتِهِ ، إذْ مِنْهَا الصِّيَامُ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْفِدْيَةِ تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ ، ثُمَّ
[ ص: 347 ] ضَمَانُ السَّيِّدِ هُنَا : إمَّا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ وَضْعِ يَدٍ ، فَالْأَوَّلُ كَالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ ، وَالثَّانِي هُوَ مَا أَثَّرَ فِي التَّلَفِ وَلَمْ يُحَصِّلْهُ فَيَضْمَنَ مَا تَلِفَ مِنْ الصَّيْدِ بِنَحْوِ صِيَاحِهِ أَوْ وُقُوعِ حَيَوَانٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ عَلَيْهِ أَوْ وُقُوعِهِ بِشَبَكَةٍ نَصَبَهَا فِي
الْحَرَمِ أَوْ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِنْ نَصَبَهَا بِمِلْكِهِ أَوْ وَقَعَ الصَّيْدُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ
الْبَغَوِيّ ، قَالَ لِتَعَدِّيهِ حَالَ نَصْبِهَا ، وَأَخَذَ مِنْهُ
الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهَا بِغَيْرِ
الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهَا وَإِنْ أَحْرَمَ ; وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3785_3444_3441_3794أَرْسَلَ مُحْرِمٌ كَلْبًا مُعَلَّمًا عَلَى صَيْدٍ أَوْ حَلَّ رِبَاطَهُ وَالسَّيِّدُ حَاضِرٌ ثُمَّ أَوْ غَائِبٌ ثُمَّ ظَهَرَ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ كَحَلَالٍ فَعَلَ ذَلِكَ فِي
الْحَرَمِ ، وَكَذَا يَضْمَنُ لَوْ انْحَلَّ رِبَاطُهُ بِتَقْصِيرِهِ فِي الرَّبْطِ فَقَتَلَ صَيْدًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا ثُمَّ ظَهَرَ ، وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ عَدَمَ الضَّمَانِ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ لِقَتْلِ آدَمِيٍّ بِأَنَّ الْكَلْبَ مُعَلَّمٌ لِلِاصْطِيَادِ فَاصْطِيَادُهُ بِإِرْسَالِهِ كَاصْطِيَادِهِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَلَمْ يَكُنْ الْقَتْلُ مَنْسُوبًا إلَى الْمُرْسِلِ بَلْ إلَى اخْتِيَارِ الْكَلْبِ ، وَلِهَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا غَيْرَ مُعَلَّمٍ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ
الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11872وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَعَزَاهُ إلَى نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ ، وَحَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ
الْمَاوَرْدِيِّ فَقَطْ ، ثُمَّ قَالَ : وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ ; لِأَنَّهُ سَبَبٌ ا هـ .
قَالَ فِي الْخَادِمِ : قَضِيَّةُ إطْلَاقِ غَيْرِهِمْ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُعَلَّمِ وَغَيْرِهِ ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ هَؤُلَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْكَلْبُ ضَارِبًا ، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ السَّابِقِ : أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَأُرْسِلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ كَالضَّارِي ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3446اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ فَزَادَ عَدْوُهُ بِإِغْرَاءِ مُحْرِمٍ لَمْ يَضْمَنْهُ ; لِأَنَّ حُكْمَ الِاسْتِرْسَالِ لَا يَنْقَطِعُ بِالْإِغْرَاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=25507_3785_3794_3444وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْهُ بِحَفْرِ بِئْرٍ حَفَرَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالْحَفْرِ كَأَنْ حَفَرَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ ، أَوْ وَهُوَ حَلَالٌ فِي
الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِهِ كَأَنْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ ، أَوْ مَوَاتٍ ; لِأَنَّ حُرْمَةَ
الْحَرَمِ لَا تَخْتَلِفُ فَصَارَ كَنَصْبِ شَبَكَةٍ فِيهِ فِي مِلْكِهِ ، بِخِلَافِ حُرْمَةِ الْمُحْرِمِ فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا حَفَرَهُ خَارِجَ
الْحَرَمِ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِهِ بَهِيمَةٌ أَوْ آدَمِيٌّ ، وَلَوْ دَلَّ الْمُحْرِمُ آخَرَ عَلَى صَيْدٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ فَقَتَلَهُ أَوْ أَعَانَهُ بِآلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ ، أَوْ بِيَدِهِ وَالْقَاتِلُ حَلَالٌ ضَمِنَ الْمُحْرِمُ ; لِأَنَّ حِفْظَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ ، وَلَوْ رَمَاهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ فَأَصَابَهُ بَعْدَهُ أَوْ عَكْسٌ ضَمِنَ تَغْلِيبًا الْإِحْرَامِ فِيهِمَا وَإِنَّمَا أُهْدِرَ مُسْلِمٌ رَمَاهُ فَارْتَدَّ لِتَقْصِيرِهِ ، وَلَوْ رَمَى صَيْدًا فَنَفَذَ مِنْهُ إلَى صَيْدٍ آخَرَ ضَمِنَهُمَا وَالثَّالِثُ التَّعَدِّي
[ ص: 348 ] بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ فَيَضْمَنَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِتَلَفٍ حَصَلَ لَهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ وَدِيعَةٍ كَالْغَاصِبِ أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ كَأَنْ تَلِفَ بِنَحْوِ رَفْسِ مَرْكُوبِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ بِهِ آدَمِيٌّ أَوْ بَهِيمَةٌ ، وَلَوْ كَانَ مَعَ الرَّاكِبِ سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَالْأَوْجَهُ اخْتِصَاصُ الضَّمَانِ بِالْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ ، وَلَا يَضْمَنَ مَا تَلِفَ بِإِتْلَافِ بَعِيرِهِ وَإِنْ فَرَّطَ أَخْذًا مِمَّا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ
الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ ، أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ مَا يُصَادُ بِهِ فَانْفَلَتَ بِنَفْسِهِ وَقُتِلَ لَمْ يَضْمَنْ ، وَإِنْ فَرَّطَ وَفَارَقَ انْحِلَالَ رِبَاطِ الْكَلْبِ بِتَقْصِيرِهِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الرَّبْطِ غَالِبًا دَفْعُ الْأَذَى فَإِذَا انْحَلَّ بِتَقْصِيرِهِ فَوَّتَ الْغَرَضَ بِخِلَافِ حَمْلِهِ ، وَلَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَخْطَأَهُ أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبًا فَلَمْ يَقْتُلْهُ أَثِمَ وَلَا جَزَاءَ ، وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ لِمَا فِي يَدِ الْمُحْرِمِ مُحْرِمًا ضَمِنَ وَكَانَ ذُو الْيَدِ طَرِيقًا عَلَى الْأَصَحِّ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ حَلَالًا فَإِنَّ الضَّامِنَ وَهُوَ ذُو الْيَدِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُتْلِفِ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ضَمَانِ الصَّيْدِ وَلَوْ أُكْرِهَ مُحْرِمٌ عَلَى قَتْلِهِ ضَمِنَهُ وَرَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مُكْرِهِهِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ أَخَذَهُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّيْدِ لَا إنْ أَخَذَهُ لِمَصْلَحَتِهِ كَمُدَاوَاتِهِ أَوْ تَخْلِيصِهِ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ هِرَّةٍ اخْتَطَفَتْهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ ، قَالَ
الرَّافِعِيُّ : لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمَصْلَحَةَ فَجُعِلَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ لِيَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَكَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا أَوْ رَقِيقًا لِلْمَالِكِ ، وَلَا يُنَافَى هَذَا قَوْلَهُمَا أَنَّ الْوَدِيعَ يَضْمَنُ كَمَا مَرَّ ، إذْ مَعْنَى هَذَا أَنَّ قَصْدَهُ مَصْلَحَةَ الصَّيْدِ أَخْرَجَ الْيَدَ عَنْ وَضْعِهَا الْأَصْلِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَلْحَقَهَا بِيَدِ الْوَدِيعِ الْمَبْحُوثِ عَنْهَا فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ ، فَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ
الرَّافِعِيِّ فَجُعِلَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ أَنَّ يَدَهُ صَارَتْ كَالْيَدِ الْمُسْتَوْدَعَةِ صَيْدًا بَلْ كَالْمُسْتَوْدَعَةِ غَيْرَهُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ ، وَلَا يَضْمَنُ أَيْضًا بِإِتْلَافِهِ لِمَا صَالَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ لِأَجْلِ دَفْعٍ لَهُ عَنْ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ أَوْ عُضْوٍ كَذَلِكَ أَوْ مَالٍ بَلْ أَوْ اخْتِصَاصٍ فِيمَا يَظْهَرُ ; لِأَنَّ الصِّيَالَ أَلْحَقَهُ بِالْمُؤْذِيَاتِ ، وَلَوْ قَتَلَهُ لِلدَّفْعِ رَاكِبُهُ الصَّائِلُ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ رَاكِبِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ ; لِأَنَّ الْأَذَى لَيْسَ مِنْهُ كَمَا فِي إيجَابِ الْفِدْيَةِ بِحَلْقِ شَعْرِ رَأْسِهِ لِإِيذَاءِ الْقُمَّلِ .
نَعَمْ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الرَّاكِبِ وَلَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ بِقَتْلِ جَرَادٍ عَمَّ طَرِيقَهُ ، وَلَمْ يَطَأْ إلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ وَطْئِهِ ; لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ إلَى ذَلِكَ فَأَشْبَهَ دَفْعَهُ لِصِيَالِهِ ، وَكَالْجَرَادِ مَا لَوْ بَاضَ بِفِرَاشِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ إلَّا بِالتَّعَرُّضِ لِبَيْضِهِ فَإِذَا نَحَّاهُ وَفَسَدَ لَمْ يَضْمَنْهُ
[ ص: 349 ] وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَنْفِيرُهُ إذَا أَضَرَّ بِأَكْلِهِ مَتَاعَهُ مَثَلًا أَوْ بِبَوْلِهِ ، وَيَضْمَنُ حَلَالٌ فَرْخًا حَبَسَ أُمَّهُ حَتَّى تَلِفَ وَالْفَرْخُ فِي
الْحَرَمِ دُونَ أُمِّهِ ; لِأَنَّ حَبْسَهَا جِنَايَةٌ عَلَيْهِ ، وَلَا يَضْمَنُهَا ; لِأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ الْحِلِّ أَوْ هِيَ فِي
الْحَرَمِ دُونَهُ ضَمِنَهُمَا ، أَمَّا هُوَ فَكَمَا لَوْ رَمَاهُ مِنْ
الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ ، وَأَمَّا هِيَ فَلِكَوْنِهَا فِي
الْحَرَمِ وَالْفَرْخُ ، مِثَالٌ إذْ كُلُّ صَيْدٍ وَوَلَدُهُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ يَتْلَفُ لِانْقِطَاعِ مُتَعَهِّدِهِ وَخَرَجَ بِالْحَلَالِ الْمُحْرِمُ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا ، وَلَوْ نَفَّرَ مُحْرِمٌ صَيْدًا وَلَوْ فِي الْحِلِّ أَوْ نَفَّرَهُ حَلَالٌ فِي
الْحَرَمِ فَهَلَكَ بِسَبَبِ التَّنْفِيرِ بِنَحْوِ صَدْمَةٍ أَوْ أَخْذِ سَبُعٍ أَوْ قَتْلِ حَلَالٍ لَهُ فِي الْحِلِّ ضَمِنَهُ وَيَسْتَمِرُّ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَسْكُنَ ، وَلَوْ تَلِفَ بِهِ فِي نِفَارِهِ صَيْدٌ آخَرُ ضَمِنَهُ أَيْضًا ، وَيَضْمَنُ حَلَالٌ أَيْضًا بِإِرْسَالِهِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ أَيْضًا سَهْمًا مَرَّ فِي
الْحَرَمِ فَأَصَابَهُ وَقَتَلَهُ أَوْ بِإِرْسَالِهِ وَهُمَا فِي الْحِلِّ أَيْضًا كَلْبًا مُعَلَّمًا تَعَيَّنَ
الْحَرَمُ عِنْدَ الْإِرْسَالِ لِطَرِيقِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ الطَّرِيقَ الْمَأْلُوفَةَ ; لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى الدُّخُولِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ ; لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا وَلَا كَذَلِكَ السَّهْمُ .
وَلَوْ دَخَلَ صَيْدٌ رُمِيَ إلَيْهِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ
الْحَرَمَ فَقَتَلَهُ السَّهْمُ فِيهِ ضَمِنَهُ ، وَكَذَا لَوْ أَصَابَ صَيْدًا فِيهِ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ قَبْلَ رَمْيِهِ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ ، وَلَا يَضْمَنُ مُرْسِلُ الْكَلْبِ بِذَلِكَ إلَّا إنْ عَدِمَ الصَّيْدُ مَلْجَأً غَيْرَ
الْحَرَمِ عِنْدَ هَرَبِهِ . وَنَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13677الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=17091_25507_17090أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ سَهْمًا مِنْ الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِيهِ فَوَصَلَ إلَيْهِ فِي الْحِلِّ وَتَحَامَلَ الصَّيْدُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَقَلَ الْكَلْبُ لَهُ فِي الْحَرَمِ فَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ ، وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ احْتِيَاطًا لِحُصُولِ قَتْلِهِ فِي
الْحَرَمِ ، وَلَوْ رَمَى فِي الْحِلِّ صَيْدًا كُلَّهُ أَوْ قَوَائِمَهُ فِي
الْحَرَمِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَوْ عَكْسَهُ ضَمِنَهُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ مَنْ سَعَى مِنْ
الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحِلِّ ، لَكِنْ سَلَكَ فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهِ
الْحَرَمَ فَقَتَلَ الصَّيْدَ مِنْ الْحِلِّ ; لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّيْدِ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ أَوْ نَحْوِهِ لَا مِنْ حِينِ السَّعْيِ ، فَإِنْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْهُ وَنَصَبَ شَبَكَةً لَمْ يَضْمَنْ مَا يَنْعَقِلُ بِهَا ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ
الْحَرَمِ وَرَمَى إلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ ، وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِ غَيْرِ قَوَائِمِهِ فِي
الْحَرَمِ كَرَأْسِهِ إنْ أَصَابَ مَا فِي الْحِلِّ وَإِلَّا ضَمِنَهُ كَمَا ذَكَرَهُ
الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ ، هَذَا فِي الْقَائِمِ فَغَيْرُهُ الْعِبْرَةُ بِمُسْتَقَرِّهِ ، وَلَوْ كَانَ نِصْفُهُ فِي الْحِلِّ وَنِصْفُهُ فِي
الْحَرَمِ حَرُمَ
[ ص: 350 ] كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ .