[ ص: 280 ] أي كعمى وصمم وخرس وشلل لقوله تعالى { ( الثالث ) من الأسباب ( مرض يخاف معه من استعماله ) أي الماء ( على منفعة عضو ) وإن كنتم مرضى } الآية ، ولما روى { ابن عباس } ولو لم يكن المرض المذكور حاصلا عنده ، ولكن خاف من استعمال الماء الإفضاء إليه تيمم أيضا قياسا على الحاصل وتعبيره بمنفعة عضو يؤخذ منه عدم الفرق بين زوالها بالكلية كما سبق ونقصها وهو كذلك ، ويؤخذ منه أيضا الجواز عند الخوف على نفس أو سقوط عضو بالأولى ، فلذلك لم يصرح بهما كما صرح بهما في المحرر . أن رجلا أصابه جرح على عهده صلى الله عليه وسلم ثم أصابه احتلام ، فأمر بالاغتسال فاغتسل فمات ، فبلغ ذلك النبي فقال : قتلوه قاتلهم الله ، أولم يكن شفاء العي السؤال ؟
نعم متى عصى بسبب المرض توقفت صحة تيممه على توبته لتعديه والعضو بضم العين وكسرها ( وكذا بطء البرء ) وهو طول مدة المرض وإن لم يزد الألم وكذا زيادة العلة وهو إفراط الألم وكثرة المقدار وإن لم تطل المدة ( أو الشين الفاحش ) من نحو تغير لون ونحول واستحشاف وثغرة تبقى ولحمة تزيد [ ص: 281 ] ( في الأظهر ) لإطلاق المرض في الآية ، ولأن مشقة الزيادة والبطء فوق مشقة طلب الماء من فرسخ ، وضرر الشين المذكور فوق ضرر الزيادة اليسيرة على ثمن مثل الماء . في عضو ظاهر
واحترز عن اليسير ولو على عضو ظاهر كأثر جدري وسواد قليل ، وعن الفاحش بعضو باطن وهو ما يعد كشفه هتكا للمروءة بأن لا يبدو في المهنة غالبا ، والظاهر بخلافه فلا أثر لخوف ذلك فيهما إذ ليس فيهما كبير ضرر كما في المجموع .
ولا نظر لكون المتطهر قد يكون رقيقا ولو أمة حسناء فتنقص قيمته بذلك نقصا فاحشا ، ويفارق عدم وجوب بذل فلس زائد على ثمن مثل الماء كما مر بأن الخسران ثم محقق بخلافه هنا ، وقضيته جواز التيمم عند تحقق النقص .
ورد بأنه يلزمه ذلك في الظاهر أيضا ولم يقولوا به وليس في محله لأن الاستشكال فيه أيضا ، وفرق بينهما أيضا بأنه إنما أمرناه هنا بالاستعمال وإن تحقق نقص لتعلق حقه تعالى بالطهارة بالماء فلم نعتبر حق السيد لدليل ما لو ترك الصلاة فإنا نقتله به وإن فات حقه بالكلية ، بخلاف بذل الزيادة ، ويمكن توجيه ما أطلقوه بأن الغالب عدم تأثير القليل في الظاهر [ ص: 282 ] والكثير في الباطن ، بخلاف الكثير في الظاهر ، فأناطوا الأمر بالغالب فيهما ولم يعولوا على خلافه ، ويفرق بينه وبين بذل زائد على الثمن بأن هذا يعد غبنا في المعاملة ولا يسمح بها أهل العقل ، كما جاء عن رضي الله عنهما أنه كان يشح فيها بالتافه ويتصدق بالكثير ، فقيل له فقال : ذاك عقلي وهذا جودي . ابن عمر
والثاني لا يتيمم لذلك لانتفاء التلف ، وعلى الأول إنما يتيمم إن أخبره بكونه يحصل منه ذلك وبكونه مخوفا طبيب مقبول الرواية ولو عبدا أو امرأة أو عرف هو ذلك من نفسه ، وإلا فليس له التيمم كما جزم به في التحقيق ونقله في الروضة عن السنجي وأقره وهو المعتمد وإن جزم البغوي بأنه يتيمم .
وقال الإسنوي : إنه يدل له ما في المجموع في الأطعمة عن نص رحمه الله أن الشافعي جاز له تركه والانتقال إلى الميتة ا هـ . المضطر إذا خاف من الطعام المحضر إليه أنه مسموم
فقد فرق الوالد رحمه الله تعالى بينهما بأن ذمته هنا اشتغلت بالطهارة بالماء فلا تبرأ من ذلك إلا بدليل ولا كذلك أكل الميتة ، وفي كلام ابن العماد ما يدل عليه ( وشدة البرد كمرض ) أي في أنه يتيمم إن خاف شيئا مما مر ولم يجد ما يسخن به الماء [ ص: 283 ] أو يدثر أعضاءه لما روي عن قال { عمرو بن العاص ذات السلاسل ، فأشفقت أن أغتسل فأهلك ، فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا ، صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله يقول { عمرو ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } فضحك صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا } . احتلمت في ليلة باردة في غزوة