( في عضو ) من محل طهارته لجرح أو كسر أو مرض فلم يرد بامتناعه تحريمه بل امتناع وجوب استعماله ، ويصح أن يريد به تحريمه أيضا عند غلبة ظنه حصول المحذور بالطريق المتقدم ، فالامتناع على بابه و مراده بالعضو الجنس ، وخرج به امتناع استعماله في جميع أعضاء طهارته فإنه يكفيه التيمم ( إن لم يكن ) عليه ( ساتر وجب التيمم ) لئلا يبقى محل العلة بلا طهارة ويلزمه إمرار التراب ما أمكن على محل العلة إن كان بمحل التيمم ولم يخش محذورا مما مر وعرف التيمم بالألف واللام إشارة للرد على من ذهب إلى أنه يمر التراب على المحل المعجوز عنه [ ص: 284 ] ( وكذا غسل الصحيح على المذهب ) ولو بأجرة فاضلة عما مر في نظيره في صفة الوضوء ببل خرقة وعصرها لتنغسل تلك المحال بالمتقاطر ، فإن تعذر أمسه ماء بلا إفاضة ، ويدل لذلك ما روي في حديث ( وإذا امتنع استعماله ) أي الماء { عمرو بن العاص } قال أنه غسل معاطفه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم : معناه أنه غسل ما أمكنه وتيمم للباقي ، ومقابل المذهب في وجوب غسله القولان فيمن وجد من الماء ما لا يكفيه ، وفهم من كلام البيهقي المصنف أنه لا يجب مسح موضع العلة بالماء وإن لم يخف منه ، وهو ما نقله الرافعي عن الأئمة لأن الواجب إنما هو الغسل .
نعم يظهر استحبابه ولا يلزمه أن يضع ساترا على العليل ليمسح على الساتر إذ المسح رخصة فلا يناسبها وجوب ذلك ( ولا ترتيب بينهما ) أي بين التيمم وغسل الصحيح ( للجنب ) ونحوه من حائض ونفساء ومن طلب منه غسل مسنون لأن التيمم بدل عن غسل العليل والمبدل لا يجب فيه الترتيب فكذلك بدله .
ورد القول بوجوب تقديم غسل الصحيح ، كوجوب تقديم ماء لا يكفيه بأن التيمم هنا للعلة وهي مستمرة وهناك لعدم الماء ، فأمر باستعماله أولا ليصير عادما ويحمل [ ص: 285 ] النص القائل بأنه يبدأ بالتيمم على الاستحباب ليذهب الماء أثر التراب ( فإن كان محدثا ) حدثا أصغر ( فالأصح اشتراط التيمم وقت غسل العليل ) لاشتراط الترتيب في طهارته فلا ينتقل عن عضو حتى يكمله غسلا وتيمما عملا بقضية الترتيب ، فلو كانت العلة في اليد فالواجب تقديم التيمم على مسح الرأس وتأخيره عن غسل الوجه ، وله تقديمه على غسل الصحيح وهو الأولى ليزيل الماء أثر التراب وتأخيره عنه وتوسطه ، إذ العضو الواحد لا ترتيب فيه ولو كانت العلة في وجهه تيمم عنه قبل غسل اليدين .
ويسن للجنب ونحوه تقديم التيمم أيضا كما في المجموع عن رحمه الله والأصحاب . الشافعي
قال الإسنوي : ولقائل أن يقول : الأولى تقديم ما ندب تقديمه في الغسل ، فإن كانت جراحته في رأسه غسل ما صح منه ثم تيمم عن جريحه ثم غسل باقي جسده وما بحثه ظاهر لا معدل عنه .
والثاني يجب تقديم غسل المقدور عليه من الأعضاء كلها لما مر في الجنب .
والثالث يتخير إن شاء قدم التيمم على المغسول وإن شاء أخر ( فإن فتيممان ) يجبان بناء على الأصح وهو اشتراط التيمم وقت غسل العليل لتعدد العليل ، فلو كانت العلة في وجهه ويده تيمم في الحدث الأصغر تيممين : تيمما عن الوجه قبل الانتقال إلى اليد ، وتيمما عن اليد قبل الانتقال لمسح الرأس ، وله الموالاة بين التيممين بعد فراغ الوجه ولو وجدت العلة في أعضائه الأربعة ولم تعمها فثلاث تيممات واحد عن وجهه وآخر عن يديه وآخر عن رجليه ولا يحتاج إلى تيمم عن الرأس لأن مسح الصحيح منها يكفي وإن قل . جرح عضواه
نعم لو عمتها الجراحة احتاج إلى تيمم رابع عنها ولو عمت العلة أعضاءه الأربعة كفاه تيمم واحد عن الوضوء ، فإن كان على كل عضو منها ساتر عمه وتمكن من رفع الساتر عن [ ص: 286 ] وجهه ويديه وجب عليه لأجل تيممه وإلا لم يجب التيمم ويصلي كفاقد الطهورين ثم يقضي لكنه يسن خروجا من خلاف من أوجبه واليدان والرجلان كل منهما كعضو .
نعم يسن جعل كل واحدة كعضو في التيمم من أجلها .
ويؤخذ مما تقدم أنه لو كفاه تيمم واحد عن ذلك لسقوط الترتيب بينهما حينئذ ، وبه أفتى عمت العلة وجهه ويديه الوالد رحمه الله تعالى ومثل ذلك ما لو عمت الرأس والرجلين .
قال في المجموع : فإن قيل ؟ فالجواب أن التيمم هنا في طهر تحتم فيه الترتيب ، فلو كفاه تيمم واحد حصل تطهير الوجه واليدين في حالة واحدة وهو ممتنع ، بخلاف إذا كانت الجراحة في وجهه ويده وغسل صحيح الوجه أولا جاز توالي تيمميهما فلم لا يكفيه تيمم واحد كمن عمت الجراحة أعضاءه لسقوط الترتيب بسقوط الغسل ا هـ . التيمم عن الأعضاء كلها
قال الشيخ : وما قيل من أن هذا الجواب لا يفيد لأن حكم الترتيب باق فيما يمكن غسله ساقط في غيره فيكفيه تيمم واحد مردود بأن الطهر في العضو الواحد لا يتجزأ ترتيبا وعدمه .