( ولا يصح ) ( إلا بلفظ ) ولا يأتي فيه خلاف المعاطاة وفارق نحو البيع بأنها عهدت فيه جاهلية فأمكن تنزيل النص عليها ، ولا كذلك الوقف ، فلو الوقف من ناطق لا يحسن الكتابة لم يخرج بذلك عن ملكه . نعم بناء المسجد في الموات تكفي النية فيه لأنه ليس فيه إخراج الأرض المقصودة بالذات عن ملكه لا حقيقة ولا تقديرا حتى يحتاج إلى لفظ قوي يخرجه عنه كما قاله في الكفاية تبعا بنى بناء على هيئة مسجد أو مقبرة وأذن في إقامة الصلاة أو الدفن فيه للماوردي ، ويزول ملكه عن الآلة باستقرارها في محلها من البناء لا قبله ، إلا أن يقول ; هي للمسجد ، ويقبل ناظره له ذلك ويقبضه كما قاله القمولي والبلقيني ، وقول الروياني : لو عمر مسجدا خرابا ولم يقف الآلة كانت عارية يرجع فيها متى شاء ، يمكن حمله على ما إذا لم يبن بقصد المسجد والقول بخلافه على ما إذا بنى بقصد ذلك ، وفي كلام البغوي ما يرد كلام الروياني ، وألحق الإسنوي أخذا من كلام الرافعي بالمسجد في ذلك المدارس والربط والبلقيني أخذا منه أيضا البئر المحفورة للسبيل والبقعة المحياة مقبرة .
قال : وكذا لو أخذ من الناس شيئا ليبني به زاوية أو رباطا فيصير كذلك بمجرد بنائه [ ص: 371 ] أما الأخرس فيصح بإشارته وأما الكاتب فبكتابته مع النية ( وصريحه ) ما اشتق من لفظ الوقف ، نحو ( وقفت كذا ) على كذا ( أو أرضي ) أو أملاكي ( موقوفة ) أو وقف ( عليه والتسبيل والتحبيس ) أي ما اشتق منهما كأملاكي حبس عليه ( صريحان على الصحيح ) فيهما لاشتهارهما شرعا وعرفا فيه . الشيخ أبو محمد
والثاني أنهما كنايتان لعدم اشتهارهما كاشتهار الوقف ، وقيل الأول كناية والثاني صريح ( ولو قال تصدقت بكذا صدقة محرمة ) أو مؤبدة ( أو موقوفة ) ولا يشكل ذكر الخلاف في هذه مع صراحة أرضي موقوفة بلا خلاف لأن فيها خلافا أيضا ، وعلى عدمه فموقوفة في الأولى وقعت مقصودة ، وفي الثانية وقعت تابعة فضعفت صراحتها أو مسبلة أو محبسة أو صدقة حبس أو حبس محرم أو صدقة ثابتة أو بتلة كما قاله ابن خيران أو لا تورث ( أو لا تباع ولا توهب ) الواو هنا بمعنى أو ، إذ أحدهما كاف كما صححه في البحر ، وجزم به ابن خيران وابن الرفعة وإن نازع فيه السبكي ( فصريح في الأصح ) لأن لفظ التصدق مع هذه القرائن لا يحتمل سوى الوقف ، ومن ثم كان هذا صريحا بغيره ، وإنما لم يكن قوله لزوجته أنت بائن مني بينونة محرمة لا تحلين لي بعدها أبدا صريحا لاحتماله غير الطلاق كالتحريم بالفسخ بنحو رضاع ، والثاني كناية لاحتمال تأكيد ملك المتصدق عليه .
وقيل لا تكفي صدقة محرمة حتى يقول لا تباع ولا توهب ( وقوله تصدقت فقط ليس بصريح ) في الوقف ولا كناية فلا يحصل وقف به ( وإن نواه ) لتردده بين صدقة الفرض والنقل والوقف ( إلا أن يضيقه إلى جهة عامة ) كتصدقت به على الفقراء ( وينوي الوقف ) فيصير كناية كما هو ظاهر الروضة كأصلها وصوبه الزركشي ، ويحصل الوقف به لظهور اللفظ حينئذ فيه بخلافه في المضاف [ ص: 372 ] إلى معين ولو جماعة لا يكون كناية في الوقف وإن نواه ، إذ هو صريح في التمليك بلا عوض ، فإن قبل وقبضه ملكه وإلا فلا ، ونقل الزركشي عن جمع أنه متى نوى به الوقف كان وقفا فيما بينه وبين الله تعالى ( والأصح أن قوله حرمته أو أبدته ليس بصريح ) لعدم استعماله مستقلا بل مؤكد كما مر فيكون كناية لاحتماله وإتيانه بأو لدفع إيهام أن أحدهما ليس بكناية .
والثاني أنهما صريحان لإفادتهما الغرض كالتحبيس والتسبيل ( و ) الأصح وإن نازع فيه الإسنوي ( أن قوله جعلت البقعة مسجدا ) من غير نية صريح حينئذ ( تصير به مسجدا ) ولو لم يأت بشيء مما مر لأن المسجد لا يكون إلا وقفا .
والثاني لا تصير لأنه وصفها بما وصفها الشارع بقوله { } والخلاف عند الإطلاق ، فلو نوى به الوقف أو زاد لله صار مسجدا قطعا ، والظاهر كما أفاده جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا الشيخ أنه لو قال أذنت في الاعتكاف فيه صار مسجدا لأن الاعتكاف لا يصح إلا في مسجد بخلاف الصلاة ، وينبغي أن صيرورته مسجدا بذلك إنما هو لتضمن كلامه الإقرار به لا لكون ذلك صيغة إنشاء لوقفه حتى لو لم يوجد منه صيغة لذلك لم يكن وقفا باطنا