الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) يسن ( أن يؤذن قائما ) { لأمره صلى الله عليه وسلم بلالا بالقيام } ولأنه أبلغ في الإعلام ، فيكره للقاعد وللمضطجع أشد وللراكب المقيم ، بخلاف المسافر لا يكره له ذلك لحاجته للركوب ، لكن الأولى له أن لا يؤذن إلا بعد نزوله لأنه لا بد له منه للفريضة ، وقضية كلام الرافعي أنه لا يكره ترك القيام ولو غير راكب . ويوجه بأن من شأن السفر التعب والمشقة فسومح له ومن ثم قال الإسنوي : ولا يكره له أيضا ترك الاستقبال ولا المشي لاحتماله في صلاة النفل ففي الأذان أولى ، والإقامة كالأذان فيما ذكر ، والأوجه أن كلا منهما يجزي من الماشي وإن بعد عن محل ابتدائه بحيث لا يسمع آخره من سمع أوله إن فعل ذلك لنفسه ، فإن فعلهما لغيره كأن كان ثم معه من يمشي وفي محل ابتدائه غيره اشترط أن لا يبعد عن محل ابتدائه بحيث لا يسمع آخره من سمع أوله وإلا لم يجزه كما في المقيم . وسن أن يتوجه ( للقبلة ) لأنه المنقول سلفا وخلفا ولأنها أشرف الجهات ، فلو ترك ذلك مع القدرة كره وأجزأه لأنه لا يخل به ، ويسن أن يلتفت في الأذان والإقامة بوجهه لا بصدره من غير أن ينتقل عن محله ولو على منارة محافظة على الاستقبال يمينا مرة في قوله حي على الصلاة مرتين ويسارا أخرى في حي على الفلاح كذلك حتى يتمهما في الالتفاتتين لما رواه الشيخان عن أبي جحيفة قال { رأيت بلالا يؤذن ، فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا ، يقول يمينا وشمالا حي على الصلاة حي على الفلاح } وفي رواية لأبي داود بإسناد صحيح { فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدر } واختصت الحيعلتان بالالتفات لأن غيرهما ذكر الله تعالى وهما خطاب الآدمي كالسلام في الصلاة يلتفت فيه دون ما سواه من أذكارها ، ويفارق كراهة التفات الخطيب في الخطبة بأنه يعظ الحاضرين ، فالأدب في حقه أن لا يعرض عنهم ، وإنما لم يكره في الإقامة بل يندب كما مر ، لأنه القصد منها الإعلام فليس فيه ترك أدب ، ولا يلتفت في قوله الصلاة خير من النوم كما اقتضاه كلامهم وصرح به ابن عجيل اليمني

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وللراكب المقيم ) أي جالسا أخذا من قول ع بعد راكبا جالسا ( قوله بخلاف المسافر ) أي فلا يكره له الأذان راكبا جالسا عميرة ( قوله : لا بد له منه ) أي من النزول ( قوله : ترك القيام ) أي للمسافر كما يشعر به قوله ويوجه إلخ ، فلا ينافي ما مر في قوله فيكره للقاعد إلخ ( قوله : والأوجه أن كلا منهما يجزئ ) قد تشعر عبارته باختصاص الإجزاء على هذا الوجه بالمسافر ، ولعله جرى على الغالب من أن غيره لا يمشي في أذانه ولا إقامة ( قوله : وإلا لم يجزه ) أي لم يجز من لم يسمع الكل . ويؤخذ منه أن ما جرت به العادة من الدوران في الأذان أنه إن سمع آخره من سمع أوله كفى وإلا فلا ، وسيأتي ذلك عن سم ( قوله : منارة ) أي وتسمى المئذنة أيضا ( قوله : ولا يلتفت في قوله الصلاة خير من النوم ) أي لو ترتب على عدم الالتفات عدم سماع بعضهم



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لم يجزه ) لعله بالنسبة لمن في محل ابتدائه إذ لا توقف في إجزائه لمن يمشي معه ، ومن ثم احترز بالتصوير المذكور عما إذا أذن لمن يمشي معه فقط كما هو ظاهر ، ثم رأيت سم توقف في عبارة الشارح وذكر أنه بحث معه فيها فحاول تأويلها بما لا يخفى ما فيه انتهى . والحاصل أنه ينبغي حذف قوله كأن كان ثم معه من يمشي إذ حكمه حكم ما إذا كان يؤذن لنفسه




                                                                                                                            الخدمات العلمية