الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والقلتان خمسمائة رطل بغدادي ) نسبة إلى [ ص: 87 ] بغداد بدالين مهملتين وبإعجام الثانية وبنون بدلها وبميم أوله بدل الباء مدينة مشهورة ، والرطل بكسر الراء أفصح من فتحها لخبر { إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا } وفي رواية { فإنه لا ينجس } وهو المراد بقوله لم يحمل خبثا : أي يدفع النجس ولا يقبله ، وفي رواية { إذا بلغ الماء قلتين من قلال هجر } والواحدة قدرها إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه بقربتين ونصف أخذا من ابن جريج القائل بأنها تسع قربتين وشيئا : أي من قرب الحجاز ، وواحدتها لا تزيد غالبا على مائة رطل بغدادي ، وسيأتي بيانه في زكاة النابت ، فاحتاط الشافعي رضي الله عنه فحسب الشيء نصفا ، إذ لو كان فوقه لقال تسع ثلاث قرب إلا شيئا على عادة العرب ، فتكون القلتان خمس قرب والمجموع خمسمائة رطل .

                                                                                                                            وهجر بفتح الهاء والجيم : قرية بقرب المدينة الشريفة ، وهما ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا في الموضع المربع المستوي الأبعاد الثلاثة طولا وعرضا وعمقا بذراع الآدمي وهو شبران ( تقريبا في الأصح ) قدم تقريبا ليشمله وما قبله التصحيح فلا يضر نقص رطل أو رطلين ، وهو المراد من قول الرافعي : إنه لا يضر نقص قدر لا يظهر بنقصه تفاوت في التغيير بقدر معين من الأشياء المغيرة ، كأن تأخذ إناءين في واحد قلتان وفي الآخر دونهما ، ثم تضع في أحدهما قدرا من المغير وتضع في الآخر قدره ، فإن لم يظهر بينهما تفاوت في التغيير لم يضر ذلك وإلا ضر ومقابل ما مر ما قيل إنها ألف رطل ، وقيل هما ستمائة رطل ، وقيل إنهما تحديد فيضر أي شيء نقص ( والتغير ) المؤثر حسا أو تقديرا ( بطاهر أو نجس طعم أو لون أو ريح ) فتغير أحد الأوصاف كاف . أما في النجس فبالإجماع ، وأما في الطاهر فعلى المذهب ، واحترز بالمؤثر عن التغير بجيفة على الشط .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : والقلتان خمسمائة رطل بغدادي ) ومقدارهما بالأرطال المصرية أربعمائة وستة وأربعون رطلا وربع رطل وسدس درهم وخمسة أسباع درهم ، قاله ابن الملقن في شرح الحاوي رحمه الله . قال ابن علان : هما بالوزن المصري أربعمائة رطل وستة وأربعون رطلا وثلاثة أسباع رطل ، وبالدمشقي مائة رطل وسبعة أرطال وسبع رطل ، وبالمقدسي ثمانون رطلا وثلث رطل وربع أوقية ودرهمان وثلث درهم وثلث سبع درهم ، وبالأمنان [ ص: 87 ] مائتا من وخمسون منا ; لأن المن رطلان ( قوله : وبميم أوله ) أي مع النون فقط كما في القاموس ، وعبارته بغداد بمهملتين ومعجمتين وتقديم كل منهما ، وبغدان وبغدين ومغدان مدينة السلام ، وتبغدد إذا انتسب إليها أو تشبه بأهلها ا هـ ( قوله : على مائة رطل بغدادي ) قال ابن حجر : وحينئذ فانتصار ابن دقيق العيد لمن لم يعمل بخبر القلتين محتجا بأنه مبهم لم يبين عجيب ، إذ لا وجه للمنازعة في شيء مما ذكر وإن سلم ضعف زيادة من قلال هجر ; لأنه إذا اكتفي بالضعيف في الفضائل والمناقب فالبيان كذلك ، بل أبو حنيفة يحتج به مطلقا .

                                                                                                                            وأما اعتماد الشافعي لهما فهو يدل على أنه إما لهذا أو لثبوتها عنده ا هـ ( قوله في الموضع المربع ) أما في المدور فذراع عرضا وذراعان عمقا بذراع النجار في العمق وذراع الآدمي في العرض ( قوله : أو رطلين ) لا يقال هذا يرجع إلى التحديد ; لأنا نقول : هو تحديد غير التحديد المختلف فيه ا هـ ابن قاسم على منهج رحمه الله



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وبميم أوله ) أي مع النون فقط كما في القاموس ( قوله : بأنها تسع ) في العبارة تساهل وإلا فليس في الكلام متعلق لهذا الظرف




                                                                                                                            الخدمات العلمية