( والنية بالقلب ) إجماعا فلا يكفي نطق [ ص: 457 ] بها مع غفلة قلبه عنها ، وهذا جار في سائر الأبواب ، ولا يضره لو نطق بخلاف ما في القلب كأن ( ويندب النطق ) بالمنوي ( قبيل التكبير ) ليساعد اللسان القلب ولأنه أبعد عن الوسواس وللخروج من خلاف من أوجبه ، وتبطل صلاته بتلفظه بالمشيئة فيها أو بنيتها إن قصد التعليق أو أطلق للمنافاة وبنية الخروج والتردد فيه ، بخلاف الصوم والحج والاعتكاف لأن الصلاة أضيق ، وبتعليقه بشيء وإن لم يحصل لما مر ، وفارق من نوى وهو في الأولى مبطلا في الثانية بأنه جازم والمعلق غير جازم والوسواس القهري لا أثر له ، ولو نوى الظهر وسبق لسانه إلى العصر صحت صلاته ، ولا تبطل بشك جالس للتشهد الأول في ظهره فقام لثالثة ثم تذكره ، ولا بالقنوت في سنة الصبح بظن أنها الصبح وإن طال الزمن وأتى بركن فيما يظهر خلافا ظن أنه في صلاة أخرى فرض أو نفل فأتم عليه للقمولي ومن تبعه .
ولا بنية الصلاة ودفع الغريم أو حصول دينار فيما إذا قيل له صل ولك دينار ، بخلاف نية فرض ونفل لا يندرج فيه للتشريك بين عبادتين مقصودتين ، [ ص: 458 ] وبخلاف نية الطواف ودفع الغريم لأنه من جنس ما يدفع فيه عادة بخلاف الصلاة ، ولو بطلت ، أو أتى بمنافي الفرض لا النفل كأن أحرم القادر بالفرض قاعدا ، أو أحرم به قبل وقته عامدا عالما لم تنعقد صلاته لتلاعبه ، فإن كان له عذر كظنه دخول الوقت فأحرم بالفرض أو قلبه نفلا لإدراك جماعة مشروعة وهو منفرد فسلم من ركعتين ليدركها أو ركع مسبوق قبل تمام التكبيرة جاهلا انقلبت نفلا لعذره ، إذ لا يلزم من بطلان الخصوص بطلان العموم ، ولو قلبها نفلا معينا كركعتي الضحى لم تصح لافتقاره إلى تعيين ، ولو لم تشرع في حقه الجماعة وكان في صلاة الظهر مثلا فوجد من يصلي العصر لم يجز له قطعها كما في المجموع ، ولو علم كونه أحرم قبل وقتها في أثنائها لم يتمها لتبين بطلانها ، وإنما وقعت له نفلا لقيام عذره كما لو صلى باجتهاد لغير القبلة ثم تبين له الحال ، فإن كان بعد فراغها وقعت له نفلا أو في أثنائها بطلت كما مر وامتنع عليه الاستمرار فيها ، ولو قلب المصلي صلاته التي هو فيها صلاة أخرى عالما عامدا صحت صلاته كما أفتى به صلى لقصد ثواب الله تعالى أو الهرب من عقابه الوالد رحمه الله تعالى خلافا للفخر الرازي .
ويمكن حمل كلامه على من محض عبادته لذلك وحده ، ولكن يبقى النظر في بقاء إسلامه ، ومما يدل على أن هذا مراد المتكلمين أنه محط نظرهم لمنافاته لاستحقاقه تعالى العبادة من الخلق لذاته .
أما من لم يمحضها فلا شبهة في صحة عبادته كما قررناه ، [ ص: 459 ] إذ طمعه في ذلك وطلبه إياه لا ينافي صحتها .