وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها في السنة التي فرض فيها رمضان قبل أن تفرض زكاة المال وكان يخطب قبل الفطر بيومين يأمر بإخراجها كذا في شرح النقاية والكلام ها هنا في وكميتها وشرطها وحكمها وسببها وركنها ووقت وجوبها ووقت الاستحباب فالأول أنها واجبة كما في الكتاب وأراد به الوجوب المصطلح عليه عندنا ، وإن كان ورد في السنة لفظ فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر ; لأن معناه أمر أمر إيجاب ، والأمر الثابت بظني إنما يفيد الوجوب ، والإجماع المنعقد على وجوبها ليس قطعيا ليكون الثابت الفرض ; لأنه لم ينقل تواترا ; ولهذا قالوا : من أنكر وجوبها لا يكفر واختلفوا هل هي على الفور أو التراخي فقيل تجب وجوبا مضيقا في يوم الفطر عينا ، وقيل : تجب موسعا في العمر كالزكاة وصححه في البدائع معللا [ ص: 271 ] بأن الأمر بأدائها مطلق عن الوقت فلا تضييق إلا في آخر العمر ، ورده كيفيتها المحقق في تحرير الأصول بأنه من قبيل المقيد بالوقت لا المطلق لقوله عليه الصلاة والسلام { } فبعده قضاء فالراجح القول الأول وأما بيان كميتها وشرطها وسببها ووقتها فسيأتي مفصلا وأما أغنوهم في هذا اليوم عن المسألة فهو نفس الأداء إلى المصرف فهي التمليك كالزكاة فلا تتأدى بطعام الإباحة ، وأما ركنها فهو الخروج عن عهدة الواجب في الدنيا ووصول الثواب في الآخرة والإضافة فيها من إضافة الشيء إلى شرطه ، وهو مجاز ; لأن الحقيقة إضافة الحكم إلى سببه ، وهو الرأس بدليل التعدد بتعدد الرأس وجعلوها في الأصول عبادة فيها معنى المؤنة ; لأنها وجبت بسبب الغير كما تجب مؤنته ولذا لم يشترط لها كمال الأهلية فوجبت في مال الصبي والمجنون خلافا حكمها بخلاف العشر فإنه مؤنة فيها معنى العبادة ; لأن المؤنة ما به بقاء الشيء ، وبقاء الأرض في أيدينا به ، والعبادة لتعلقه بالنماء وإذا كانت الأرض الأصل كانت المؤنة غالبة وللعبادة لا يبتدأ الكافر به ، ولا يبقى عليه خلافا لمحمد كما تقدم . لمحمد