( قوله ولم تجز المغرب في الطريق ) أي لم تحل مزدلفة للحديث { صلاة المغرب قبل الوصول إلى } قاله حين قال قيل له الصلاة يا رسول الله وهو في طريق الصلاة أمامك مزدلفة أي وقتها فدل كلامه أنها لا تحل بعرفات بالطريق الأولى .
وأشار إلى أن العشاء لا تحل بالطريق الأولى وإن كان بعد دخول وقتها ; لأن صاحبة الوقت وهي المغرب إذا كانت لا تحل به فغيرها أولى ، ولما كان وقت هاتين الصلاتين وقت العشاء علم أنه لو خاف طلوع الفجر جاز أن يصليهما في الطريق ; لأنه لو لم يصلهما لصارتا قضاء ، وإذا لم يحل له أداؤهما بالطريق فإذ صلاهما أو إحداهما فقد ارتكب كراهة التحريم فكل صلاة أديت معها وجب إعادتها فيجب إعادتهما ما لم يطلع الفجر فإن طلع سقطت الإعادة ; لأن الإعادة للجمع بينهما في وقت العشاء ، وقد خرج في الفتاوى الظهيرية ثم هاهنا مسألة لا بد من معرفتها [ ص: 367 ] وهو أنه لو بمزدلفة يصلي المغرب ثم يعيد العشاء فإن لم يعد العشاء حتى انفجر الصبح عاد العشاء إلى الجواز ، وهذا كما قال قدم العشاء على المغرب فيمن أبو حنيفة لم يجز فإن صلى السادسة عاد إلى الجواز ترك صلاة الظهر ثم صلى بعدها خمسا ، وهو ذاكر للمتروكة
واعلم أن المشايخ صرحوا في كتبهم بعدم الجواز ، وهو يوهم عدم الصحة ، وليس بمراد بل المراد عدم الحل ، ولهذا صرحوا بالإعادة ولو كانت باطلة لكان أداء إن كان في الوقت وقضاء إن كان خارجه ، ولو صرحوا بعدم الحل لزال الاشتباه وحاصل دليلهم المقتضي لعدم الحل أنه ظني مفيد تأخير وقت المغرب في خصوص هذه الليلة ليتوصل إلى الجمع بمزدلفة فعملنا بمقتضاه ما لم يلزم تقديم الدليل القاطع وهو الدليل الموجب للمحافظة على الوقت فقبل طلوع الفجر لم يلزم تقديمه على القطعي ، وبعده انتفى إمكان تدارك هذا الواجب ، وتقرر المأثم إذ لو وجبت الإعادة بعده كان حقيقته عدم الصحة فيما هو مؤقت قطعا ، وفيه التقديم الممتنع وفي فتح القدير وقد يقال بوجوب الإعادة مطلقا لأنه أداها قبل وقتها الثابت بالحديث فتعليله بأنه للجمع فإذا فات سقطت الإعادة تخصيص للنص بالمعنى المستنبط منه ، ومرجعه إلى تقديم المعنى على النص [ ص: 368 ] وكلمتهم على أن العبرة في المنصوص عليه لعين النص لا لمعنى النص لا يقال لو أجريناه على إطلاقه أدى إلى تقديم الظني على القطعي ; لأنا نقول ذلك لو قلنا بافتراض ذلك لكنا نحكم بالإجزاء ونوجب إعادة ما وقع مجزئا شرعا مطلقا ولا بدع في ذلك فهو في نظير وجوب إعادة صلاة أديت مع كراهة التحريم حيث نحكم بإجزائها ، ويجب إعادتها مطلقا ا هـ . وفي المحيط لو صلاهما بعدما جاوز المزدلفة جاز ا هـ .