( قوله : ومن فإن حلق في الأول لزمه الآخر ، ولا دم ، وإلا لزم ، وعليه دم قصر أو لا ، ومن فرغ من عمرته إلا التقصير فأحرم بأخرى لزمه دم ) بيان للجمع بين إحرامين لشيئين متحدين وصرح في الهداية بأنه بدعة ، وأفرط في غاية البيان فقال : إن الجمع بين الإحرامين لحجتين أو لعمرتين حرام ; لأنه بدعة . ا هـ . أحرم بحج ثم بآخر يوم النحر
وهو سهو لما في المحيط والجمع بين إحرامي الحج لا يكره في ظاهر الرواية ; لأن في العمرة إنما كره الجمع بين الإحرامين ; لأنه يصير جامعا بينهما في الفعل ; لأنه يؤديهما في سنة واحدة ، وفي الحج لا يصير جامعا بينهما في الأداء في سنة واحدة فلا يكره . ا هـ .
فإذا بعرفات ثم أحرم بأخرى يوم النحر فإن الثانية تلزمه مطلقا لإمكان الأداء ; لأن الإحرام الثاني إنما يرتفض لتعذر الأداء ، ولا تعذر هنا في الأداء ; لأن إحرامه انصرف إلى حجة في السنة القابلة فإن كان الإحرام الثاني بعد الحلق للأول فلا دم عليه ; لأنه أحرم بالثانية بعد التحلل من الأولى فلم يكن جامعا ، وإن كان قبل الحلق لزمه دم عند أحرم بحجة ووقف مطلقا ; لأنه إن حلق للأولى فقد جنى على إحرام الثانية ، وإن كان نسكا في إحرام الأولى ، وإن لم يحلق فقد أخر النسك عن وقته ، وهما يخصان الوجوب بما إذا حلق ; لأنهما لا يوجبان بالتأخير شيئا وبهذا علم أن المراد بالتقصير في قوله قصر أو لا الحلق ، وإنما اختاره اتباعا للجامع الصغير كما في غاية البيان أو ليصير الحكم جاريا في المرأة ; لأن التقصير عام في الرجل والمرأة كما في العناية . أبي حنيفة
وإنما لزم الدم فيما إذا أحرم بعمرة بعد أفعال الأولى قبل الحلق ; لأنه جمع بينهما ، وقد تقدم أنه مكروه في العمرتين دون الحجتين فلذا فرق في المختصر بين الحج والعمرة فأوجب في العمرة دما للجمع بين العمرتين ، ولم يوجبه في الحج ; لأنه لو أوجبه لأوجب دمين فيما إذا أحرم بالثاني قبل الحلق للأول دم لما ذكرناه سابقا ودم للجمع وبه قال : بعض المشايخ اتباعا لرواية الأصل ، وما في المختصر اتباع للجامع الصغير [ ص: 56 ] فإنه أوجب دما واحدا للحج ، وقد علمت فيما سبق عن المحيط أن الفرق بينهما ظاهر الرواية وتعقبه في فتح القدير بأنه لا يتم ; لأن كونه يتمكن من أداء العمرة الثانية لا يوجب الجمع فعلا فاستويا فالأوجه أنه ليس فيه إلا رواية الوجوب . ا هـ .
وقيد بكونه أحرم للثاني يوم النحر ; لأنه لو أحرم بالثاني بعرفات ليلا أو نهارا رفض الثانية ، وعليه دم للرفض ، وعمرة وحجة من قابل عندهما ; لأنه كفائت الحج ، وعند لا يصح التزامه الثانية ثم عند محمد ارتفض كما انعقد ، وعند أبي يوسف ارتفض بوقوفه أبي حنيفة بعرفة كذا في المحيط ، وهو ظاهر فيما إذا أحرم بالثاني يوم عرفة أو ليلة النحر ، ولم يكن وقف نهارا ، وأما إذا أحرم ليلة النحر بعدما وقف نهارا فينبغي أن يرتفض عند بالوقوف أبي حنيفة بالمزدلفة لا بعرفة ; لأنه سابق وسبب الترك إنما يكون متأخرا ، وقيد بتراخي إحرام الثاني عن الأول ; لأنه إن أحرم بهما معا أو على التعاقب لزماه عندهما ، وعند في المعية يلزمه إحداهما ، وفي التعاقب الأولى فقط ، وإذا لزماه عندهما ارتفضت إحداهما باتفاقهما ويثبت حكم الرفض واختلفا في وقت الرفض فعند محمد عقب صيرورته محرما بلا مهلة ، وعند أبي يوسف إذا شرع في الأعمال ، وقيل إذا توجه سائرا ونص في المبسوط على أنه ظاهر الرواية ; لأنه لا تنافي بين الإحرامين ، وإنما التنافي بين الأداءين وثمرة الاختلاف فيما إذا جنى قبل الشروع فعليه دمان للجناية على إحرامين ، ولو قتل صيدا لزمه قيمتان ودم عند أبي حنيفة لارتفاض إحداهما قبلها ، وإذا رفض إحداهما لزمه دم للرفض ويمضي في الأخرى ويقضي حجة ، وعمرة لأجل التي رفضها ، وإذا أحصر قبل أن يصير إلى أبي يوسف مكة بعث بهديين عند وبواحد عندهما أما عند الإمام فلأنه صار رافضا لإحداهما ، وأما عند أبي يوسف فلأنه لم يلزمه إلا أحدهما فإذا لم يحج في تلك السنة لزمه عمرتان وحجتان ; لأنه فاته حجتان في هذه السنة . محمد
وقيد بكون إحرام العمرة الثانية بعد الفراغ من العمرة الأولى إلا التقصير ; لأنه لو كان بعد التقصير فلا شيء عليه ، وإن كانا معا أو على التعاقب فالحكم كما تقدم في الحجتين من لزومهما عندهما خلافا من ارتفاع أحدهما بالشروع في عمل الأخرى عند لمحمد خلافا الإمام ووجوب القضاء ودم للرفض ، وإن كان قبل الفراغ بعدما طاف للأولى شوطا رفض الثانية ، وعليه دم الرفض والقضاء . وكذا لو طاف الكل قبل أن يسعى فإن كان فرغ إلا الحلق لم يرفض شيئا ، وعليه دم الجمع ، وهي مسألة المختصر فإن حلق للأولى لزمه دم آخر للجناية على الثانية ، ولو لأبي يوسف يرفضها ويمضي في الأولى حتى يتمها ; لأن الفاسد معتبر بالصحيح في وجوب الإتمام ، وإن نوى رفض الأولى والعمل في الثانية لم يكن عليه إلا الأولى ، ومن كان جامع في الأولى قبل أن يطوف فأفسدها ثم أدخل الثانية ; لأن الأولى تعينت عمرة حين أخذ في الطواف فحين أهل بعمرة أخرى صار جامعا بين عمرتين فلهذا يرفض الثانية . أحرم لا ينوي شيئا فطاف ثلاثة فأقل ثم أهل بعمرة رفضها