( قوله : طاهر ) أما الآدمي ; فلأن لعابه متولد من لحم طاهر ، وإنما لا يؤكل لكرامته ولا فرق بين الجنب والطاهر والحائض والنفساء والصغير والكبير والمسلم والكافر والذكر والأنثى كذا ذكر وسؤر الآدمي والفرس وما يؤكل لحمه الزيلعي رحمه الله يعني أن الكل طاهر طهور من غير كراهة وفيه نظر فقد صرح في المجتبى من باب الحظر والإباحة أنه يكره ولهذا لم يذكر الذكر والأنثى في كثير من الكتب لكن قد يقال الكراهة المذكورة إنما هو في الشرب لا في الطهارة واستثنوا من هذا العموم سؤر المرأة للرجل وسؤره لها إذا شرب من ساعته ، فإن سؤره نجس لا لنجاسة لحمه بل لنجاسة فمه كما لو آدمي فوه أما لو مكث قدر ما يغسل فمه بلعابه ثم شرب لا ينجس في كثير من الكتب وفي الخلاصة والتجنيس رجل شرب الخمر إن تردد في فيه من البزاق بحيث لو كان ذلك الخمر على ثوب طهرها ذلك البزاق طهر فمه . ا هـ . سؤر شارب الخمر
وهذا هو الصحيح من مذهب أبي حنيفة ويسقط اعتبار الصب عند وأبي يوسف للضرورة ونظيره لو أبي يوسف طهر خلافا أصاب عضوه نجاسة فلحسها حتى لم يبق أثرها أو قاء الصغير على ثدي أمه ثم مصه حتى زال الأثر في جميعها بناء على عدم جواز إزالة النجاسة بغير الماء المطلق كما سيأتي إن شاء الله تعالى وفي بعض شروح لمحمد ، فإن القدوري ، وإن شرب بعد ساعات ; لأن الشعر الطويل كما تنجس لا يطهر باللسان ا هـ . كان شارب الشارب طويلا ينجس الماء
وكأنه ; لأنه لا يتمكن اللسان من استيعابه بإصابة بله إياه بريقه ثم أخذ ما عليه من البلة النجسة مرة بعد أخرى ، وإلا فهو ليس دون الشفتين والفم في تطهيره بالريق تفريعا على قول أبي حنيفة في جواز وأبي يوسف كذا في شرح منية المصلي التطهير من النجاسة بغير الماء
فإن قيل ينبغي أن يتنجس سؤر الجنب على القول بنجاسة المستعمل لسقوط الفرض به قلنا ما يلاقي الماء من فمه مشروب سلمنا أنه ليس بمشروب لكن لحاجة فلا يستعمل به كإدخال يده في الحب لإخراج كوزه على ما قدمناه في المياه وقد نقلوا روايتين في رفع الحدث بهذا الشرب وظاهر كلامهم ترجيح أنه رافع فلا يصير الماء مستعملا للحرج لكن صرح يعقوب باشا بأن الصحيح أن الفرض لا يسقط به ويدل على طهارة سؤر الآدمي مطلقا ما رواه من طريق مالك الزهري عن { أنس بن مالك أبو بكر فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال الأيمن فالأيمن } وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره وغيره { مسلم رضي الله عنها كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في عائشة } ولما أنزل النبي صلى الله عليه وسلم بعض المشركين في المسجد ومكنه من المبيت فيه على ما في الصحيحين على أن المراد بقوله تعالى { عن إنما المشركون نجس } النجاسة في اعتقادهم وقد روي { فمد يده ليصافحه فقبض يده وقال إني جنب فقال [ ص: 134 ] عليه السلام المؤمن ليس بنجس حذيفة } ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي البغوي في المصابيح ، وأما ففيه روايتان عن سؤر الفرس فظاهر الرواية عنه طهوريته من غير كراهة ، وهو قولهما ; لأن كراهة لحمه عنده لاحترامه ; لأنه آلة الجهاد لا لنجاسة فلا يؤثر في كراهة سؤره ، وهو الصحيح كذا في البدائع وغيره ، وأما سؤر ما يؤكل لحمه ; فلأنه متولد من لحم طاهر فأخذ حكمه ويستثنى منه الإبل الجلالة والبقر الجلالة والدجاجة المخلاة كما سيأتي والجلالة التي تأكل الجلة بالفتح وهي في الأصل البعرة وقد يكنى بها عن العذرة ، وهي هنا من هذا القبيل كما أشار إليه في المغرب ويلحق بما يؤكل ما ليس له نفس سائلة مما يعيش في الماء وغيره كذا في التبيين . أبي حنيفة