( باب الهدي ) .
هو في اللغة ما يهدى إلى الحرم من شاة أو بقرة أو بعير الواحد هدية كما يقال جدي في جدية السرج ويقال هدي بالتشديد على فعيل الواحدة هدية كمطية ، ومطي ، ومطايا كذا في المغرب ( قوله : أدناه شاة ، وهو إبل وبقر وغنم ) يفيد أن له أعلى ، وهو كذلك فإن ، وقد فسر الأفضل الإبل والأدنى الشاة والبقر وسط رضي الله عنهما : { ابن عباس ما استيسر من الهدي } بالشاة ، وأراد بالإبل والبقر والغنم بيان الحرم فالهدي لغة وشرعا واحد لا أن تلك الأنواع تسمى هديا من غير إهداء إلى أنواع ما يهدى إلى الحرم وحينئذ فإطلاق الهدي على غير الأنواع الثلاثة في كلام الفقهاء في باب الأيمان والنذور مجاز ثم الواحد من النعم يكون هديا بجعله صريحا هديا أو دلالة ، وهي إما بالنية أو بسوق بدنة إلى مكة ، وإن لم ينو استحسانا ; لأن نية الهدي ثابتة عرفا ; لأن سوق البدنة إلى مكة في العرف يكون للهدي لا للركوب والتجارة كذا في المحيط ، وأراد به السوق بعد التقليد لا مجرد السوق ، وأفاد ببيان الأدنى أنه لو فإنه يلزمه شاة ; لأنها الأقل ، وإن عين شيئا لزمه فإن كان مما يراق دمه ففيه ثلاث روايات في رواية قال : لله علي أن أهدي ، ولا نية له أبي سليمان يجوز أن يهدي بقيمته ; لأن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى ، وما أوجبه الله تعالى في جزاء الصيد يتأدى بالقيمة فكذا ما أوجبه العبد ، وفي رواية أبي حفص أجزأه أن يهدي مثله ; لأنه في معناه ، وفي رواية لا يجوز أن يهدي قيمته ; لأنه أوجب شيئين الإراقة والتصدق فلا يجوز الاقتصار على التصدق كما في هدي المتعة والقران بخلاف جزاء الصيد ; لأنه كما أوجب الهدي أوجب غيره ، وهو الإطعام ، وهنا الناذر ما أوجب إلا الهدي فتعين ، ولو بعث بقيمته فاشترى ابن سماعة بمكة مثله وذبحه جاز قال الحاكم في المختصر ويحتمل أن يكون هذا تأويل رواية أبي سليمان ، ومن فقد أحسن ، وليس هذا من القيمة لثبوت الإراقة في البدل الأعلى كالأصل . نذر شاة فأهدى جزورا
وقالوا إذا لم يجزه ، وهي مرجحة لرواية قال : لله علي أن أهدي شاتين فأهدى شاة تساوي شاتين قيمة فكان هو المذهب ، وإن كان ابن سماعة فإن كان منقولا تصدق بعينه أو بقيمته ، وإن كان عقارا تصدق بقيمته ، ولا يتعين التصدق به في المنذور شيئا لا يراق دمه الحرم ، ولا على فقراء مكة ; لأن الهدي فيه مجاز عن التصدق . ثم اعلم أنه إذا لا يلزمه شيء كما لو قال : هذه الشاة هدي إلى ألحق بلفظ الهدي ما يبطله الحرم أو إلى المسجد الحرام عند ; لأن اسم الهدي إنما يوجب باعتبار إضمار أبي حنيفة مكة بدلالة العرف فإذا صرح بالحرم أو المسجد تعذر هذا الإضمار إذ قد صرح بمراده ( قوله : وما جاز في الضحايا جاز في الهدايا ) يعني فيجوز ، ولا يجوز الثني من الإبل والبقر والغنم إلا من الضأن ; لأنه قربة تعلقت بإراقة الدم كالأضحية فيتخصصان بمحل واحد والثني من الغنم ما تم له سنة ، ومن البقر ما تم له سنتان ، ومن الإبل ما تم له خمس واختلف في الجذع من الضأن فجزم في المبسوط أنه ابن سبعة أشهر عند الفقهاء وستة في اللغة ، وفي غاية البيان أنه ما تم له ثمانية أشهر وشرط أن يكون عظيم الجثة أما إن كان صغيرا فلا بد من تمام السنة ، وأفاد أنه يجوز للاشتراك في بدنة كما في الأضحية بشرط إرادة الكل القربة ، وإن اختلفت أجناسهم من دم متعة ، وإحصار وجزاء صيد وغير ذلك . الجذع
ولو [ ص: 76 ] كان الكل من جنس واحد كان أحب بأن أو يشتروها معا في الابتداء ، وهو الأفضل ، وأما إذا اشتراها للهدي من غير نية الشركة ليس له الاشتراك فيها ; لأنه يصير بيعا ; لأنها كلها صارت واجبة بعضها بإيجاب الشرع ، وما زاد بإيجابه ، وإذا كان أحد الشركاء كافرا أو مريدا اللحم دون الهدي لم يجزهم ، وإذا مات أحد الشركاء فرضي وارثه أن ينحرها عن الميت معهم أجزأهم استحسانا ; لأن المقصود هو التصدق ، وأي الشركاء نحرها يوم النحر أجزأ الكل ، وأشار إلى أنه لا بد من اشترى بدنة لمتعة مثلا ناويا أن يشترك فيها ستة أو يشتريها بغير نية الهدي ثم يشترك فيه ستة وينووا الهدي كما في الأضحية فهو مطرد منعكس أي فما لا يجوز في الضحايا لا يجوز في الهدايا فعبارة الهداية أولى ، وهي : ولا يجوز في الهدايا إلا ما جاز في الضحايا . فإنه لا يلزم من الإطراد الانعكاس ألا ترى إلى قولهم : وما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز أن يكون أجرة في الإجارة لم يلزم انعكاسه لفساده لجواز جعل المنافع المختلفة أجرة لا ثمنا . السلامة عن العيوب