( قوله والقول لها إن اختلفا في السكوت ) أي لو فالقول قولها وقال قال الزوج بلغك النكاح فسكت وقالت رددت ولا بينة لهما ولم يكن دخل بها القول قوله ; لأن السكوت أصل والرد عارض فصار كالمشروط له الخيار إذا ادعى الرد بعد مضي المدة ونحن نقول إنه يدعي لزوم العقد وملك البضع والمرأة تدفعه فكانت منكرة كالمودع إذا ادعى رد الوديعة ، بخلاف مسألة الخيار ; لأن اللزوم قد ظهر بمضي المدة ولم يذكر زفر المصنف أن عليها اليمين للاختلاف فعند لا يمين عليها وعندهما عليها اليمين وعليه الفتوى كما سيأتي في الدعوى في الأشياء الستة ، وذكر في الغاية معزيا إلى فتاوى الإمام الناصحي أن يحلف عند رجلا لو ادعى على الأب أنه زوجه ابنته الصغيرة فأنكر الأب وفي الكبيرة لا يحلف عنده اعتبارا بالإقرار فيهما . ا هـ . أبي حنيفة
واستشكله في التبيين بأنه مشكل جدا على قوله ; لأن امتناع اليمين عنده لامتناع البدل لا لامتناع الإقرار . ألا ترى أن المرأة لو أقرت لرجل بالنكاح نفذ إقرارها ومع هذا لا تحلف ولا شبهة أن يكون هذا قولهما ا هـ .
وقد صرح العمادي في الفصل السادس عشر بأنه قولهما فقط فقد ظهر بحثه منقولا ، قيدنا بعدم البينة ; لأن أيهما أقام البينة قبلت بينته وليست بينة السكوت ببينة نفي ; لأنه وجودي ; لأنه عبارة عن ضم الشفتين ويلزم منه عدم الكلام كما في المعراج أو هو نفي يحيط به علم الشاهد فيقبل كما لو ادعت أن زوجها تكلم بما هو ردة في مجلس فأقامها على عدم التكلم فيه تقبل ، وكذا إذا قالت الشهود : كنا عندها ولم نسمعها تتكلم ثبت سكوتها كما في الجامع وإن أقاماها فبينتها أولى لإثبات الزيادة أعني الرد فإنه زائد على السكوت وقيد بكونه ادعى سكوتها ; لأنه لو ادعى إجازتها النكاح حين أخبرت أو رضاها وأقاما البينة فبينته أولى على ما في الخانية لاستوائهما في الإثبات وزيادة بينته بإثبات اللزوم
وفي الخلاصة نقلا من أدب القاضي للخصاف في هذه المسألة أن بينتها أولى فتحصل في هذه الصورة اختلاف المشايخ ولعل وجه ما في الخلاصة أن الشهادة بالإجازة أو الرضا لا يلزم منها كونها بأمر زائد على السكوت وقيدنا الصورة بأن تقول بلغني النكاح فرددت ; لأنها لو قالت بلغني النكاح يوم [ ص: 126 ] كذا فرددت وقال الزوج لا بل سكت فإن القول قوله . نظيره : إذا قال الشفيع طلبت الشفعة حين علمت وقال المشتري ما طلبت حين علمت فالقول قول الشفيع ولو قال الشفيع علمت منذ كذا وطلبت وقال المشتري ما طلبت فالقول قول المشتري والفرق أنه إذا قال الشفيع طلبت حين علمت فعلمه عند القاضي ظهر للحال ، وقد وجد منه الطلب للحال فكان القول قوله ، أما إذا قال علمت منذ كذا ثبت عند القاضي بإقراره ، وطلبه منذ كذا لم يظهر فيحتاج إلى الإثبات ، كذا في الولوالجية ، وذكرها في الذخيرة لكن فرق بين بداية المرأة وبين بداية الزوج ، فقال لو قال الزوج بلغك الخبر وسكت ، وقالت المرأة بلغني يوم كذا فرددت فالقول قول المرأة وبمثله لو قالت المرأة بلغني الخبر يوم كذا فرددت وقال الزوج لا بل سكت فالقول قول الزوج ا هـ .
وقيد بالبكر البالغة فإن الضمير عائد إليها احترازا عن الصغيرة التي زوجها غير الأب والجد إذا قالت بعد البلوغ كنت رددت حين بلغني الخبر وكذبها الزوج فإن القول قوله ; لأن الملك ثابت عليها فهي بما قالت تريد إبطال الملك الثابت عليها فكانت مدعية صورة فلا يقبل منها إسناد الفسخ حتى لو قالت عند القاضي : أدركت الآن وفسخت صح ، وقيل كيف يصح وهو كذب ، وإنما أدركت قبل هذا الوقت ؟ فقال : لا تصدق بالإسناد فجاز لها أن تكذب كي لا يبطل حقها وأشار لمحمد المصنف رحمه الله إلى أن الاختلاف لو كان في البلوغ فإن القول لها كما في الولوالجية فالقول لها إن كانت مراهقة ; لأنها إذا كانت مراهقة كان المخبر به يحتمل الثبوت فيقبل خبرها ; لأنها منكرة وقوع الملك عليها . ا هـ . . رجل زوج وليته فردت النكاح فادعى الزوج أنها صغيرة وادعت هي أنها بالغة
[ ص: 125 ]