الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وإن عجز المولى عن وطئها بمرضه أو مرضها أو بالرتق أو بالصغر أو بعد مسافة ففيؤه أن يقول فئت إليها ) لأنه أذاها بذكر المنع فيكون إرضاؤها بالوعد باللسان أراد ببعد المسافة أن يكون بينهما مسافة لا يقدر على قطعها في مدة الإيلاء فإن قدر لا يصح فيؤه باللسان كما في البدائع ، وقيد بالقول لأن المريض لو فاء بقلبه لا بلسانه لا يعتبر كذا في الخانية ، وليس مراده خصوص لفظ فئت إليها بل ما يدل عليه كقوله رجعتك أو راجعتك أو ارتجعتك أو أبطلت الإيلاء أو رجعت عما قلت : ونحوه ، ودخل تحت العجز أن تكون ممتنعة منه أو كانت في مكان لا يعرفه ، وهي ناشزة أو حال القاضي بينهما لشهادة الطلاق الثلاث للتزكية أو كانت محبوسة أو محبوسا إذا لم يقدر على مجامعتها في السجن فإن قدر عليه ففيؤه الجماع كذا في غاية البيان ، وقيد بما ذكره من أنواع العجز الحقيقي احترازا عن العجز الحكمي مثل أن يكون محرما وقت الإيلاء وبينه وبين الحج أربعة أشهر فعندنا لا يكون فيؤه إلا بالجماع لأنه المتسبب باختياره بطريق محظور فيما لزمه فلا يستحق تخفيفا ، وأراد بكون الفيء باللسان معتبرا مبطلا للإيلاء في حق الطلاق أما في حق بقاء اليمين باعتبار الحنث فلا حتى لو وطئها بعد الفيء باللسان في مدة الإيلاء لزمته الكفارة لتحقق الحنث ، وفي البدائع ، ومن شروط صحة الفيء بالقول قيام ملك النكاح وقت الفيء بالقول ، وهو أن يكون في حال ما يفيء إليها زوجته غير بائنة منه فإن كانت بائنة منه ففاء بلسانه لم يكن ذلك فيئا ، ويبقى الإيلاء لأن الفيء بالقول حال قيام النكاح ، وإنما يرفع الإيلاء في حق حكم الطلاق بحصول إيفاء حقها به ، ولا حق لها حالة البينونة بخلاف الفيء بالجماع فإنه يصح بعد ثبوت البينونة حتى لا يبقى الإيلاء بل يبطل لأنه حنث بالوطء فانحلت اليمين ، وبطلت ، ولم يوجد الحنث هاهنا فلا تنحل اليمين فلا يرتفع الإيلاء ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله أو محبوسا ) هذا على ما في شرح مختصر الكرخي للقدوري قال في الفتح وصححه في البدائع قلت ، وعبارة البدائع بعد نقل ما في شرح المختصر وذكر القاضي في شرح مختصر الطحاوي أنه لو آلى من امرأته ، وهي محبوسة أو هو محبوس أو كان بينه وبين امرأته أقل من أربعة أشهر إلا أن العدو أو السلطان منعه عن ذلك فإن فيأه لا يكون إلا بالفعل ، ويمكن أن يوفق بين القولين في الحبس بأن يحمل ما ذكره القاضي على أن يقدر أحدهما على أن يصل إلى صاحبه في السجن ، والوجه في المنع من العدو أو السلطان نادر ، وعلى شرف الزوال فكان ملحقا بالعدم ، والله تعالى أعلم انتهت ، فقوله إذا لم يقدر على مجامعتها هو توفيق البدائع بين القولين ، ووفق المقدسي في شرحه بوجه آخر أخذا من قوله في الفتح والحبس بحق لا يعتبر في الفيء باللسان ، وبظلم يعتبر .




                                                                                        الخدمات العلمية