( قوله : ويطلبه من رفيقه ، فإن منعه تيمم ) أي يطلب الماء من رفيقه أطلقه هنا وفصل في الوافي فقال ، وإن كان عنده أنه لا يعطيه يتيمم ، وإن مع رفيقه ماء فظن أنه إن سأله أعطاه لم يجز التيمم يعيد وعلل له في الكافي بأنه ظهر أنه كان قادرا ، وإن منعه قبل شروعه وأعطاه بعد فراغه لم يعد ; لأنه لم يتبين أن القدرة كانت ثابتة ا هـ . شك في الإعطاء وتيمم وصلى فسأله فأعطاه
اعلم أن ظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة وجوب السؤال من الرفيق كما يفيده ما في المبسوط قال : وإذا كان مع رفيقه ماء فعليه أن يسأله إلا على قول ، فإنه كان يقول السؤال ذل وفيه بعض الحرج وما شرع التيمم إلا لدفع الحرج ولكنا نقول ماء الطهارة مبذول عادة بين الناس وليس في سؤال ما يحتاج إليه مذلة فقد { الحسن بن زياد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض حوائجه من غيره } ا هـ .
فاندفع بهذا ما وقع في الهداية وشرح الأقطع من الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه فعنده لا يلزمه الطلب وعندهما يلزمه واندفع ما في غاية البيان من أن قول حسن وفي الذخيرة نقلا عن الحسن أنه لا خلاف بين الجصاص أبي حنيفة وصاحبيه فمراده فيما إذا غلب على ظنه منعه تجري الظنة عليه لا يجب الطلب منه ا هـ .
ولو كان مع رفيقه دلو لم يجب أن يسأله ولو سأله فقال انتظر حتى أستقي فالمستحب عند أن ينتظر بقدر ما لا يفوت الوقت ، فإن خاف ذلك تيمم وعندهما ينظر ، وإن خاف فوت الوقت وجه قولهما إن الوعد إذا وجد صار قادرا باعتباره ; لأن الظاهر أنه يفي به وعلى هذا الخلاف العاري إذا وعد له رفيقه الثوب كذا في معراج الدراية وفي فتح القدير والتوشيح لو كان مع رفيقه دلو وليس معه له أن يتيمم قبل أن يسأله عنه وفي المجتبى رأى في صلاته ماء في يد غيره ثم ذهب منه قبل الفراغ فسأله فقال لو سألتني لأعطيتك فلا إعادة عليه ، وإن كانت العدة قبل الشروع يعيد لوقوع الشك في صحة الشروع والأصح أنه لا يعيد ; لأن العدة بعد الذهاب لا تدل على الإعطاء قبله . ا هـ . أبي حنيفة
وقد قدمنا الفروع المتعلقة بها عن الزيادات وفي التوشيح وأجمعوا أنه إذا قال أبحت لك مالي لتحج به ، فإنه لا يجب عليه الحج وأجمعوا أن في الماء إذا وعده صاحبه أن يعطيه لا يتيمم وينتظر ، وإن خرج الوقت والفرق بينهما أن القدرة في الأول لا تكون إلا بالملك وفي الثاني بالإباحة وفي المحيط ولو قرب من الماء ، وهو لا يعلم به ولم يكن بحضرته من يسأله عنه أجزأه التيمم ; لأن الجهل بقربه كبعده عنه ولو لم تجز صلاته ; لأنه قادر على استعماله بالسؤال كمن نزل بالعمران ولم يطلب الماء لم يجز تيممه كان بحضرته من يسأله فلم يسأله حتى تيمم وصلى ثم سأله فأخبره بماء قريب
وإن سأله في الابتداء فلم يخبره [ ص: 171 ] ثم أخبره بماء قريب جازت صلاته ; لأنه فعل ما عليه . ا هـ .
( قوله : ، وإن لا يتيمم ، وإلا تيمم ) هذه المسألة على ثلاثة أوجه إما إن أعطاه بمثل قيمته في أقرب موضع من المواضع الذي يعز فيه الماء أو بالغبن اليسير أو بالغبن الفاحش ففي الوجه الأول والثاني لا يجزئه التيمم لتحقق القدرة ، فإن القدرة على البدل قدرة على الماء كالقدرة على ثمن الرقبة في الكفارة تمنع الصوم وفي الوجه الثالث يجوز له التيمم لوجود الضرر ، فإن حرمة مال المسلم كحرمة نفسه والضرر في النفس مسقط فكذا في المال كذا في العناية ونظيره الثوب النجس إذا لم يكن عنده ماء ، فإنه يصلي فيه ولا يلزمه قطع الثوب من موضع النجاسة ، والمراد بالثمن الفاضل عن حاجته على ما قدمناه واختلفوا في تفسير الغبن الفاحش ففي النوادر هو ضعف القيمة في ذلك المكان وفي رواية الحسن إذا قدر أن يشتري ما يساوي درهما بدرهم ونصف لا يتيمم وقيل ما لا يدخل تحت تقويم المقومين وقيل ما لا يتغابن في مثله ; لأن الضرر مسقط واقتصر في البدائع والنهاية على ما في النوادر فكان هو الأولى وقد قدمنا أنه إذا كان له مال غائب وأمكنه الشراء بثمن مؤجل وجب عليه الشراء بخلاف ما إذا وجد من يقرضه ، فإنه لا يجب عليه ; لأن الأجل لازم ولا مطالبة قبل حلوله بخلاف القرض قيد بالماء ; لأن العاري إذا قدر على شراء الثوب لم يعطه إلا بثمن وله ثمنه