الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وإن صلح وهي ممن لا يحد قاذفها فلا حد ولا لعان ) ; لأنها إن لم تكن عفيفة فهو [ ص: 126 ] صادق في قوله وإن كانت صغيرة أو مجنونة أو محدودة في قذف فلفقد أهليتها للشهادة ، أما في الصغيرة والمجنونة فظاهر ، وأما في المحدودة العفيفة فلأن قذفه مع أهلية اللعان إنما يوجب اللعان ، فإذا امتنع لعدم أهليتها له امتنع الحد أيضا وإن كانت ممن يحد قاذفها فلو قال وإن صلح وهي ليست أهلا للشهادة لكان أولى ليدخل المحدودة في قذف ولم تدخل في عبارته ; لأنها ممن يحد قاذفها كما لا يخفى ولم يتعرض صريحا لما إذا لم يصلحا لأداء الشهادة وقد فهم من اشتراطه أولا أنه لا لعان ، وأما الحد فإن كانا صغيرين أو مجنونين أو كافرين أو مملوكين فلا يجب ، وأما إذا كانا محدودين في قذف فإنه يجب الحد عليه ; لأن امتناع اللعان لمعنى من جهته ، وكذا إذا كان هو عبد أو هي محدودة في قذف يحد ; لأن قذف العفيفة ، ولو كانت محدودة موجب للحد مطلقا قيد بنفي الحد واللعان ; لأن التعزير واجب ; لأنه آذاها وألحق الشين بها فيجب حسما لهذا الباب كذا في الاختيار .

                                                                                        وفي الكافي وإن كانا محدودين في قذف فعليه الحد ; لأن قذفه باعتبار حاله غير موجب للعان فيكون موجبا للحد ولا يجوز أن يقال امتناع جريان اللعان لكونها محدودة ; لأن أصل القذف من الرجل وإنما يظهر حكم المانع في حقها بعد قيام الأهلية في جانبه فأما بدون الأهلية في جانبه معتبر بحالها ا هـ .

                                                                                        وتحقيقه كما في العناية أن المانع من الشيء إنما يعتبر مانعا إذا وجد المقتضي ; لأنه عبارة عما ينفى به الحكم مع وجود المقتضي وإذا لم يكن الزوج أهلا للشهادة لم ينعقد قذفه مقتضيا للعان فلا يعتبر المانع والقذف في نفسه موجب للحد فيحد بخلاف ما إذا وجدت الأهلية من جانبه فإنه ينعقد قذفه مقتضيا له فإذا ظهر عدم أهليتها بطل المقتضي فلا يجب الحد ; لأنه إنما انعقد اللعان وقد أبطله المانع ا هـ .

                                                                                        ثم الإحصان يعتبر عند القذف حتى لو قذفها وهي أمة أو كافرة ثم أسلمت أو أعتقت لا حد ولا لعان كذا ذكره الشارح ، ثم اعلم أن اللعان بعد وجوبه يسقط بالطلاق ولا يجب الحد ولا يعود اللعان بتزوجها بعده ; لأن الساقط لا يعود ويسقط بزناها ووطئها بشبهة وبردتها ، وإن أسلمت بعده لا يعود بإكذابه نفسه ولا يحد بخلاف ما إذا أكذب نفسه بعد اللعان وبموت شاهد القذف وغيبته بخلاف ما لو عميا أو فسقا أو ارتدا كما في فتح القدير ، ولو أسند الزنا بأن قال زنيت وأنت صبية أو مجنونة وهو معهود وهي الآن أهل فلا لعان بخلاف وأنت ذمية أو أمة أو منذ أربعين سنة وعمرها أقل تلاعنا لاقتصاره كما في فتح القدير أيضا .

                                                                                        [ ص: 126 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 126 ] ( قوله فلو قال وإن صلح وهي ليست أهلا للشهادة لكان أولى ) فيه إنه لو قال كذلك لا يشمل ما إذا كانت غير عفيفة فإنها من أهل الشهادة لكنها ممن لا يحد قاذفها وعن هذا قال في النهر في كلام المصنف جملة حالية مطوية أي : وإن صلح شاهدا ولم تصلح ا هـ . تأمل




                                                                                        الخدمات العلمية