( قوله لو فقراء ) أي تجب النفقة لهؤلاء أما الأبوان فلقوله تعالى { ولأبويه وأجداده وجداته : وصاحبهما في الدنيا معروفا } ، أنزلت في الأبوين الكافرين وليس من المعروف أن الابن يعيش في نعم الله تعالى ويتركهما يموتان جوعا ، وأما الأجداد والجدات فلأنهما من الآباء والأمهات ولهذا يقوم الجد مقام الأب عند عدمه ; ولأنهم تسببوا لإحيائه فاستوجبوا عليه الإحياء بمنزلة الأبوين وشرط الفقر ; لأنه لو كان ذا مال فإيجاب النفقة في ماله أولى من إيجابها في مال غيره بخلاف نفقة الزوجة حيث تجب مع الغنى ; لأنها تجب لأجل الحبس الدائم كرزق القاضي ، ولو ادعى الولد غنى الأب وأنكر الأب فالقول للأب والبينة للابن وفي المبتغى بالمعجمة إذا كان الأب محتاجا وأبى الابن أن ينفق عليه وليس ثمة قاض يرفع الأمر إليه له أن يسرق من مال ابنه وبوجود قاض ثمة يأثم بسرقة ماله وبإعطاء الابن ما لا يكفيه يجوز له أن يأخذ إلى أن تقع الكفاية وبسرقته ما فوق الكفاية يأثم ، وكذا إذا لم يكن محتاجا ولم تكن نفقته عليه لا يجوز له أن يسرق مال ابنه ا هـ .
وأطلق في الابن ولم يقيده بالغنى مع أنه مقيد به لما في شرح ولا يجبر الابن على نفقة أبويه المعسرين إذا كان معسرا إلا إذا كان بهما زمانة أو بهما فقر فقط فإنهما يدخلان مع الابن ويأكلان معه ولا يفرض لهما نفقة على حدة ا هـ . الطحاوي
وفي الخانية ولا يجب على الابن الفقير نفقة والده الفقير حكما إذا كان الوالد يقدر على العمل وإن كان الوالد لا يقدر على عمل أو كان زمنا وللابن عيال كان على الابن أن يضم الأب إلى عياله وينفق على الكل والموسر في هذا الباب من يملك [ ص: 224 ] مالا فاضلا عن نفقة عياله ويبلغ الفاضل مقدارا تجب فيه الزكاة ا هـ .
وفي الخلاصة المختار في الفقير الكسوب أن يدخل الأبوين في النفقة وقيد بفقرهم فقط ; لأنه لو كان فقيرا وله قدرة على الكسب فإن الابن يجبر على نفقته وهو قول السرخسي ، وقال الحلواني لا يجبر إذا كان الأب كسوبا ; لأنه غني باعتبار الكسب فلا ضرورة في إيجاب النفقة على الغير ، وإذا كان الابن قادرا على الكسب لا تجب نفقته على الأب فلو كان كل منهما كسوبا يجب أن يكتسب الابن وينفق على الأب فالمعتبر في إيجاب نفقة الوالدين مجرد الفقر قيل هو ظاهر الرواية ; لأن معنى الأذى في إيكاله إلى الكد والتعب أكثر منه في التأفيف المحرم بقوله تعالى { : فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما } ، كذا في فتح القدير والقائل بأنه ظاهر الرواية صاحب الذخيرة والضمير في قوله ولأبويه يعود إلى الإنسان المفهوم فأفاد بإطلاقه أنه لا فرق بين الذكر والأنثى وفي الهداية وهي على الذكور والإناث بالسوية في ظاهر الرواية وهو الصحيح ; لأن المعنى يشملهما ا هـ .
وفي الخلاصة وبه يفتى وفي فتح القدير وهو الحق لتعلق الوجوب بالولاد وهو يشملهما بالسوية بخلاف غير الولاد ; لأن الوجوب علق فيه بالإرث ا هـ .
وفي الخانية فإن كان كانت النفقة عليهما على السواء ، وكذا لو كان أحدهما مسلما والآخر ذميا فهي عليهما على السواء ا هـ . للفقير ابنان أحدهما فائق في الغنى والآخر يملك نصابا
وذكر في الذخيرة فيه اختلافا وعزا ما في الخانية إلى مبسوط ونقل عن محمد الحلواني أنه قال قال مشايخنا هذا إذا تفاوتا في اليسار تفاوتا يسيرا أما إذا تفاوتا فيه تفاوتا فاحشا يجب أن يتفاوتا في قدر النفقة وأشار بقوله ولأبويه إلى أن جميع ما وجب للمرأة يجب للأب والأم على الولد من طعام وشراب وكسوة وسكنى حتى الخادم قال في الخانية وكما يجب على الابن الموسر نفقة والده الفقير تجب عليه نفقة خادم الأب امرأة كانت الخادم أو جارية إذا كان الأب محتاجا إلى من يخدمه ا هـ .
وفي الخلاصة يجبر الابن على نفقة زوجة أبيه ولا يجبر الأب على نفقة زوجة ابنه وفي نفقات الحلواني قال فيه روايتان في رواية كما قلناه ، وفي رواية إنما تجب أما إذا كان صحيحا فلا قال في المحيط فعلى هذا لا فرق بين الأب والابن فإن الابن إذا كان بهذه المثابة يجبر الأب على نفقة خادمه ا هـ . نفقة زوجة الأب إذا كان الأب مريضا أو به زمانة يحتاج إلى الخدمة
وظاهر ما في الذخيرة أن المذهب عدم وجوب نفقة امرأة الأب أو جاريته أو أم ولده حيث لم يكن بالأب علة وأن القول بالوجوب مطلقا إنما هو رواية عن وفي الذخيرة أيضا ، ثم إذا قضى القاضي بالنفقة على الولدين للأب فأبى أحدهما أن يعطي للأب ما يجب عليه فالقاضي يأمر الآخر بأن يعطي كل النفقة ، ثم يرجع على الأخ بحصته ا هـ . أبي يوسف
ومراد المصنف من إيجاب نفقة الأم على الولد إذ لم تكن متزوجة ; لأنها على الزوج كبنته المراهقة إذا زوجها صارت نفقتها على زوجها وقدمنا أن الزوج لو كان معسرا فإن الابن يؤمر بأن يقرضها ، ثم يرجع عليه إذا أيسر ، وقد صرح به في الذخيرة [ ص: 225 ] هنا أيضا قال فإن أبى الابن أن يقرضها النفقة فرض لها عليه النفقة وتؤخذ منه وتدفع إليها ; لأن الزوج المعسر بمنزلة الميت وأشار المصنف بقوله ولأبويه إلى أن الاعتبار في وجوب نفقة الوالدين والمولدين إنما هو القرب والجزئية ولا يعتبر الميراث ، قالوا وإذا استويا في القرب تجب على من له نوع رجحان ، وإذا لم يكن لأحدهما رجحان فحينئذ تجب النفقة بقدر الميراث فإن كان للفقير ولد وابن ابن موسرين فالنفقة على الولد ; لأنه أقرب .
وإذا كانت له بنت وابن ابن فالنفقة على البنت خاصة وإن كان الميراث بينهما ; لأن البنت أقرب ، وإذا كانت له بنت أو ابن بنت وأخ لأب وأم فالنفقة على ولد البنت ذكرا كان أو أنثى وإن كان الميراث للأخ لا لولد البنت ، ولو كان له والد وولد موسران فالنفقة على ولده وإن استويا في القرب لترجح الولد بتأويل { } ، ولو كان له جد وابن ابن فالنفقة عليهما على قدر ميراثهما على الجد السدس والباقي على ابن الابن والدليل على عدم اعتبار الميراث في هذه النفقة أنه لو كان أحدهما ذميا فالنفقة عليهما وإن كان الميراث للمسلم منهما ، ولو كان أنت ومالك لأبيك فالنفقة - على الابن والميراث للأخ ، ولو كان للمسلم الفقير ابن نصراني وأخ مسلم البنت وإن استويا في الميراث ، كذا في الذخيرة وأطلق للفقير بنت ومولى عتاقة موسران فالنفقة على المصنف في الجد فشمل أب الأب وأب الأم جزم به في الذخيرة وغيرها ، نقل الاختلاف في أب الأم وأطلق في الجدة فشمل الجدة من قبل الأب والجدة من قبل الأم وفي الولوالجية الأب إذا أخذ النفقة والكسوة المفروضتين معجلة فضاع ذلك يفرض له أخرى فلو مضت المدة وهي باقية لا يفرض له أخرى بخلاف الزوجة فيهما ، وقد ذكرنا الفرق فيها في أول باب النفقات .