( قوله : وكفارته تحرير رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين كما في الظهار ، أو كسوتهم بما يستر عامة البدن ) أيبمعنى القسم أو الحلف لما قدمنا أنها مؤنثة ، والأصل في ذلك قوله تعالى { وكفارة اليمين فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم ، أو تحرير رقبة } وكلمة " أو " للتخيير فكان الواجب أحد الأشياء الثلاثة والتخيير لا ينافي التكليف ; لأن صحته بإمكان الامتثال وهو ثابت ; لأنه بفعل أحدها يبطل قول من قال إن التخيير يمنع صحة التكليف فأوجب خصال الكفارة مع السقوط بالبعض كما أشار إليه في التحرير ، وفي شرح المنار لو أدى الكل لا يقع عن الكفارة إلا واحد وهو ما كان أعلى قيمة ولو ترك الكل يعاقب على واحد منها وهو ما كان أدنى قيمة ; لأن الفرض يسقط بالأدنى ، وهي من الكفر بمعنى الستر ، وإضافتها إلى اليمين إضافة إلى الشرط مجازا لأن السبب عندنا الحنث كما سيأتي وعبر بالتحرير بمعنى الإعتاق دون العتق اتباعا للآية وليفيد أن الشرط الإعتاق فلو ورث من يعتق عليه فنوى عن الكفارة لا يجوز وأفاد بقوله كما في الظهار أي التحرير والإطعام هنا كالتحرير والإطعام في كفارة الظهار أنه يجوز الرقبة مسلمة كانت أو كافرة ذكرا كان ، أو أنثى صغيرة كانت ، أو كبيرة ولا يجوز فائت جنس المنفعة ولا المدبر وأم الولد ولا المكاتب الذي أدى بعض شيء فإن ملك أعطى نصف صاع من بر ، أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير لكل مسكين ، وإن أباح غداهم وعشاهم فإن كان بخبز البر لا يحتاج إلى الإدام وإن كان بغير خبز البر احتاج إليه على التفاصيل المتقدمة في كفارة الظهار ، وفي الخلاصة لو ويجوز في الإطعام التمليك والإباحة لا يجوز إلا عن كفارة واحدة عند أعطى عشرة مساكين كل مسكين ألف من من الحنطة عن كفارة الأيمان أبي حنيفة وكذا في كفارة الظهار ، وفي نسخة وأبي يوسف الإمام السرخسي لو أجزأه ذلك عن الطعام إن كان الطعام أرخص من الكسوة ، وعلى القلب لا يجوز وهذا في طعام الإباحة أما إذا ملك الطعام فيجوز ويقوم مقام الكسوة ولو أدى إلى مسكين مدا من حنطة ونصف صاع من شعير يجوز ا هـ . أطعم خمسة مساكين وكسا خمسة مساكين
وخرج السراويل بقوله بما يستر عامة البدن وصححه في الهداية ; لأن لابسه يسمى عريانا في العرف ولذا قال في الخانية لو لم يحنث في يمينه لكن ما لا يجزئه عن الكسوة يجزئه عن الطعام باعتبار القيمة فلا بد أن يعطيه قميصا ، أو جبة ، أو إزارا أو قباء سابلا بحيث يتوشح به عند حلف لا يلبس ثوبا من غزل فلانة فلبس من غزلها سراويل أبي حنيفة ، وإلا فهو كالسراويل ولا تجزئ العمامة إلا أنه إن أمكن أن يتخذ منها ثوب يجزئ مما ذكرنا جاز أما القلنسوة فلا تجزئ بحال قال وأبي يوسف هذا كله إذا دفع إلى الرجل أما إذا دفع إلى المرأة فلا بد من الخمار مع الثوب ; لأن صلاتها لا تصح بدونه قال في فتح القدير : وهذا يشابه الرواية عن الطحاوي في دفع السراويل أنه للمرأة لا يكفي وهذا كله خلاف ظاهر الجواب ، وإنما ظاهر الجواب ما يثبت به اسم المكتسي وينتفي عنه اسم العريان وعليه بني عدم إجزاء السراويل لا صحة الصلاة وعدمها فإنه لا دخل له في الأمر بالكسوة ; إذ ليس معناه إلا جعل الفقير مكتسيا ا هـ . محمد
وفي الخلاصة : وفي الثوب يعتبر حال القابض إن كان يصلح للقابض يجوز [ ص: 315 ] وإلا فلا وقال بعض مشايخنا : إن كان يصلح لأوساط الناس يجوز قال شمس الأئمة : وهذا أشبه بالصواب ولو إن أمكن الانتفاع به أكثر من نصف مدة الجديد يعني أكثر من ثلاثة أشهر جاز ا هـ . أعطى ثوبا خليقا عن كفارة اليمين
واعلم أنه في الأنواع الثلاثة كما صرح به في فتح القدير وأن لا بد من النية لصحة التكفير قال في الخانية مصرفها مصرف الزكاة فلا يعطيها لأبيه ، وإن علا ولا لولده ، وإن سفل وكذا الصدقة المنذورة ولو كل من لا يجوز صرف الزكاة إليه لا يجوز صرف الكفارة إليه لا يجوز ذلك ; لأن الصدقة تتم بقبولها لا بقبول المولى وهي ليست بمحل لأداء كفارته فلا يجوز كما لو أعطى أباه وأمه وهما مملوكان لفقير لا يجوز ذلك ا هـ . أعطى كفارة يمينه لامرأته وهي أمة لغيره ومولاها فقير
ويرد على الكلية المذكورة الدفع إلى الذمي فإنه جائز في الكفارة دون الزكاة ، وفي الخانية أيضا لوعن أعطى في كفارة اليمين عشرة مساكين كل مسكين مدا مدا ثم استغنوا ، ثم افتقروا ثم أعاد عليهم مدا مدا لا يجوز ذلك ; لأنهم لما استغنوا صاروا بحال لا يجوز دفع الكفارة إليهم فبطل ما أدى كما لو أدى إلى مكاتب مدا ، ثم رده في الرق ، ثم كوتب ثانيا ، ثم أعطاه مدا لا يجوز ذلك . أبي يوسف