الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وإن عجز عن أحدها صام ثلاثة أيام متتابعة ) أي إن لم يقدر على الإعتاق والإطعام والكسوة كفر بالصوم لقوله تعالى { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } وشرطنا التتابع عملا بقراءة ابن مسعود متتابعات وقراءته كروايته وهي مشهورة جاز الزيادة بها على القطعي المطلق وأشار بالعجز إلى أنه لو كان عنده واحد من الأصناف الثلاثة لا يجوز له الصوم ، وإن كان محتاجا إليه ففي الخانية ولا يجوز التكفير بالصوم إلا لمن عجز عما سوى الصوم فلا يجوز لمن يملك ما هو منصوص عليه في الكفارة ، أو يملك بدله فوق الكفاف ، والكفاف منزل يسكنه وثوب يلبسه ويستر عورته وقوت يومه ومن الناس من قال قوت شهر ، وإن كان له عبد وهو محتاج إلى الخدمة لا يجوز له التكفير بالصوم ; لأنه قادر على الإعتاق ومن ملك مالا وعليه دين مثل ذلك ووجبت عليه الكفارة فقضى دينه بذلك المال جاز له التكفير بالصوم ، وإن صام قبل قضاء الدين اختلفوا فيه قال بعضهم يجوز له الصوم وقال بعضهم لا يجوز ، وفي الكتاب إشارة إلى القولين ولو كان له مال غائب ، أو دين على رجل وليس في يده ما يكفر عن يمينه جاز له الصوم قال هذا إذا لم يكن المال الغائب عبدا فإن كان عبدا يجوز في الكفارة ولا يجوز له التكفير بالصوم ; لأنه قادر على الإعتاق ا هـ .

                                                                                        وفي المجتبى ظاهر المذهب إذا فضل عن حاجته قدر ما يكفر به لا يجوز له الصوم ا هـ .

                                                                                        والاعتبار في العجز وعدمه وقت الأداء لا وقت الحنث فلو حنث وهو معسر ، ثم أيسر لا يجوز له الصوم ، وفي عكسه يجوز ويشترط استمرار العجز إلى وقت الفراغ من الصوم فلو صام المعسر يومين ، ثم أيسر لا يجوز له الصوم كذا في الخانية .

                                                                                        وقيد بالتتابع لأنه لو صام الثلاثة متفرقة لا يجوز له ولم يستثن العذر لما في الخلاصة ولو حاضت المرأة في الثلاثة استقبلت بخلاف كفارة الفطر وأشار المصنف بالعجز إلى أن العبد إذا حنث لا يكفر إلا بالصوم ; لأنه عاجز عن الثلاثة ولو أعتق عنه مولاه أو أطعم ، أو كسا لا يجزئه وكذا المكاتب والمستسعى ولو صام العبد فعتق قبل أن يفرغ ولو بساعة فأصاب مالا وجب عليه استئناف الكفارة بالمال كذا في فتح القدير ، وفي المجتبى : كفر بالصوم ، وفي ملكه رقبة ، أو ثياب أو طعام قد نسيه قيل يجزئه عند أبي حنيفة ومحمد والصحيح أنه لا يجزئه وفي الجامع الأصغر وهب ماله وسلمه ، ثم صام ، ثم رجع بالهبة أجزأه الصوم والمعتبر في التكفير حال الأداء لا غير ا هـ .

                                                                                        وهذا يستثنى من قولهم إن الرجوع في الهبة فسخ من الأصل وفي المجتبى أيضا بذل ابن المعسر لأبيه مالا ليكفر به لا تثبت القدرة به إجماعا .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قول المصنف : وإن عجز عن أحدها إلخ ) قال الرملي يعني التحرير والإطعام والكسوة جميعا لا عن بعضها فإنه إذا كان قادرا على واحد من الثلاث لا يصوم فعلى هذا يكون أحد دائرا كما أشار إليه بقوله " الإعتاق والإطعام والكسوة " فبطل اعتراض من اعترض عليه والله تعالى أعلم .




                                                                                        الخدمات العلمية