( قوله : والواقف على السطح داخل ، وفي طاق الباب لا ) أي ليس بداخل ; لأن السطح من الدار ألا ترى أن ، وإذا المعتكف لا يفسد اعتكافه بالخروج إلى سطح المسجد فإنه يحنث ، وقيل في عرفنا لا يحنث ، وما في المختصر قول المتقدمين ، ومقابله قول المتأخرين ووفق بينهما في فتح القدير بحمل ما في المختصر على ما إذا كان للسطح حضير وحمل مقابله على ما إذا لم يكن له حضير أي ساتر . حلف لا يدخل هذه الدار فوقف على سطحها من غير دخول من الباب بأن توصل إليه من سطح آخر
وأشار [ ص: 327 ] المصنف إلى أنه لو صعد على شجرة داخلها أو قام على حائط فيها فإنه داخل فيحنث ، ولو كان الحائط مشتركا بينه وبين جاره لم يحنث كما في الظهيرية ، وعلى قول المتأخرين لا والظاهر قول المتأخرين في الكل ; لأنه لا يسمى داخل الدار عرفا ما لم يدخل جوفها حتى صح أن يقال لم يدخل الدار ، ولكن صعد سطحها ونحوه ، وفي التبيين والمختار أنه لا يحنث في العجم ; لأن الواقف على السطح لا يسمى داخلا عندهم .
وأشار المصنف إلى أنه لو فإنه لا يصدق قضاء لكن يصدق فيما بينه وبين الله تعالى ; لأنهم قد يذكرون الدار ويريدون صحنها فقد نوى ما يحتمله كلامه كما في البدائع ، وأفاد بإطلاقه أنه لا فرق في المحلوف عليه بين أن يكون دارا أو بيتا أو مسجدا فإن كان فوق المسجد مسكن فدخله لا يحنث ; لأنه ليس بمسجد كما في البدائع أيضا . نوى في حلفه لا يدخل دار فلان فدخل صحنها
وأشار بقوله داخل إلى أن المحلوف عليه دخول الدار فقط للاحتراز عما إذا فإنه إذا دخلها من غير الباب لم يحنث لعدم الشرط ، وهو الدخول من الباب فإن نقب للدار بابا آخر فدخل يحنث ; لأنه عقد يمينه على الدخول من باب منسوبة إلى الدار ، وقد وجد والباب الحادث كذلك فيحنث ، وإن عنى به الباب الأول يدين فيما بينه وبين الله تعالى ; لأن لفظه يحتمله ، ولا يدين في القضاء ; لأنه خلاف الظاهر حيث أراد بالمطلق المقيد ، وإن عين الباب فقال لا أدخل من هذا الباب فدخل من باب آخر لا يحنث ، وهذا مما لا شك فيه ; لأنه لم يوجد الشرط كذا في البدائع . حلف لا يدخل من باب هذه الدار
وقيد بالسطح ; لأنه لو حلف لا يدخل دار فلان فحفر سردابا تحت دار فلان أو قناة فدخل ذلك السرداب أو القناة لم يحنث ; لأنه لم يدخل ، ولو كان للقناة موضع مكشوف في الدار فإن كان كبيرا يستقي منه أهل الدار فإذا بلغ ذلك الموضع حنث ; لأنه من الدار فإن أهل الدار ينتفعون به انتفاع الدار فيكون من مرافق الدار بمنزلة بئر الماء ، وإن كان بئرا لا ينتفع به أهل الدار ، وإنما هو للضوء لم يحنث ; لأنه ليس من مرافق الدار ، ولا يعد داخله داخل الدار ، ولو اتخذ فلان سردابا تحت داره وجعل بيوتا وجعل لها أبوابا إلى الطريق فدخلها الحالف حنث ; لأن السرداب تحت الدار من بيوتها كذا في المحيط .
وأشار المصنف إلى أنه لو فإنه لا يحنث ; لأنه داخل ، وليس بخارج كذا في غاية البيان ، وفي المحيط لو حلف لا يخرج من هذه الدار فصعد سطحها لا يحنث ; لأن الشجرة بمنزلة بناء الدار . ا هـ . حلف لا يخرج من هذه الدار ، وفي الدار شجرة أغصانها خارج الدار فارتقى تلك الشجرة حتى صار بحال لو سقط سقط في الطريق
وإنما لا يكون داخلا إذا وقف في طاق الباب ; لأن الباب لإحراز الدار ، وما فيها فلم يكن الخارج من الدار والمراد بطاق الباب عتبته التي إذا أغلق الباب كانت خارجة عنه ، وهي المسماة بأسكفة الباب ، وأما العتبة التي لو أغلق الباب تكون داخلة فهي من الدار فيحنث بالدخول فيها ، ولو كان المحلوف عليه الخروج انعكس الحكم كما نص عليه الحاكم ، وقيد بكونه واقفا في طاق الباب أي بقدميه ; لأنه لو وقف بإحدى رجليه على العتبة ، وأدخل الأخرى فإن استوى الجانبان أو كان الجانب الخارج أسفل لم يحنث ، وإن كان الجانب الداخل أسفل حنث ; لأن اعتماد جميع بدنه على رجله التي هي في الجانب الأسفل كذا في كثير من الكتب ، وفي الظهيرية معزيا إلى السرخسي الصحيح أنه لا يحنث مطلقا . ا هـ .
وهو ظاهر ; لأن الانفصال التام لا يكون إلا بالقدمين ، وفي الظهيرية بعده ، ولو أدخل رأسه ، وإحدى قدميه حنث ، وأفاد المصنف رحمه الله دلالة أن حقيقة الدخول الانفصال من الخارج إلى الداخل فلهذا لو أدخل رأسه ، ولم يدخل قدميه أو تناول منها لم يحنث ألا ترى أن السارق لو فعل ذلك لم يقطع كما في البدائع ، ولو دخل الدهليز فإنه يحنث ففرق بينهما إذا كان المحلوف على دخوله الدار أو البيت ففي الأول يحنث بدخول [ ص: 328 ] دهليزه ، وفي الثاني لا ، وأما صحن الدار أو البيت ففي الكافي لو لم يحنث حتى يدخل البيت ; لأن شرط حنثه الدخول في البيت ، ولم يوجد ثم قال : وهذا في عرفهم ، وأما في عرفنا فالدار والبيت واحد فيحنث إن دخل صحن الدار ، وعليه الفتوى . ا هـ . حلف لا يدخل بيت فلان ، ولا نية له فدخل في صحن داره
وفي الظهيرية ، ولو قام على كنيف شارع أو ظلة شارعة إن كان مفتح الكنيف والظلة في الدار كان حانثا .
وفي المحيط لو دخل حانوتا مشرعا من هذه الدار إلى الطريق ، وليس له باب في الدار فإنه يحنث ; لأن من جملة الدار ما أحاطت به الدور ، وإن دخل بستانا في تلك الدار فإن كان متصلا بها لم يحنث ، وإن كان في وسطها حنث . ا هـ .
وفي القنية لا يحنث ، وفي الخلاصة معزيا إلى فتاوى حلف لا يدخل داره فدخل إصطبله النسفي لو إن كان ينتفع به المحلوف عليه ، وهو تبع لبيته يحنث قال رحمه الله ، وفيه نظر . ا هـ . حلف لا يدخل بيت فلان فجلس على دكان على بابه
وعلى هذا لو دخل حوشا بجنب البيت يحنث والحاصل أنه إذا حلف لا يدخل هذه الدار أو دار فلان فإنه يحنث بالوقوف على سطحها أو حائطها أو شجرة فيها أو عتبة داخل الباب ودهليزها أو صحنها أو كنيفها أو ظلتها بالشرط المذكور أو بستانها الذي في وسطها ويحنث بدخولها على أي صفة كان الحالف راكبا كان أو ماشيا أو محمولا بأمره حافيا أو منتعلا بشرط أن يكون مختارا لما في الظهيرية ، ولو جاء إلى بابها ، وهو يشتد في المشي أي يعدو فانعثر أو انزلق فوقع في الدار اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث ، وإن دفعته الريح ، وأوقعته في الدار اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث إن كان لا يستطيع الامتناع ، وإن كان على دابة فجمحت وانفلتت ، وأدخلته في الدار ، وهو لا يستطيع إمساكها لا يحنث ، وإن أدخله إنسان مكرها فخرج منها ثم دخل بعد ذلك مختارا اختلفوا فيه والفتوى على أنه يحنث . ا هـ .
ووجهه أن الشرط لم يوجد بالدخول مكرها بدليل عدم الحنث ، وقد وجد بالدخول ثانيا مختارا فحنث وسيأتي بعد ذلك إيضاحه ووضع القدم كالدخول فيما ذكرنا ; لأنه صار مجازا عن الدخول ، وهي مسألة الحقيقة والمجاز في الأصول ، وهذا كله باعتبار الدار ، وأما باعتبار صفتها بالإضافة إلى فلان فإنه يحنث إذا دخل دارا مضافة إلى فلان سواء كان يسكنها بالملك أو بالإجارة أو بالعارية ، وفي المجتبى لو يعتق وتطلق إذا لم ينو فإن نوى شيئا صدق . ا هـ . قال إن دخلت دار زيد فعبدي حر ، وإن دخلت دار عمرو فامرأتي طالق فدخل دار زيد ، وهي في يد عمرو بإجارة
وفي المحيط لو لا يحنث إذا لم يدل الدليل على دار الغلة وغيرها ; لأن داره مطلقا دار يسكنها . ا هـ . حلف لا يدخل دار فلان ، وله دار يسكنها ودار غلة فدخل دار الغلة
وفي الخانية لو حنث . ا هـ . حلف لا يدخل دار ابنته وابنته تسكن في دار زوجها أو حلف لا يدخل دار أمه وأمه تسكن في بيت زوجها فدخل الحالف
وقد وقعت حادثة هي أن رجلا فأجبت بأنه لا يحنث ، ولا بد من الجمع ; لأنه جمع ليس فيه الألف واللام قال في الواقعات إذا حلف بالطلاق أن أولاد زوجته لا يطلعون إلى بيته فطلع واحد هل يحنث يحنث ; لأنه اسم جنس بخلاف قوله رجالا أو نساء . ا هـ . قال والله لا أكلم الفقراء أو المساكين أو الرجال فكلم واحدا منهم
فقد علمت أن الجمع المعرف بالألف واللام كالمفرد وغيره على حقيقته ، ولا تأثير للإضافة ، وعدمها بدليل ما في الواقعات أيضا لو قال والله لا أكلم إخوة فلان والأخ واحد فإن [ ص: 329 ] كان يعلم يحنث إذا كلم ذلك الواحد ; لأنه ذكر الجمع ، وأراد الواحد ، وإن كان لا يعلم لا يحنث ; لأنه لم يرد الواحد فبقيت اليمين على الجمع كمن لا يحنث . ا هـ . بلفظه . حلف لا يأكل ثلاثة أرغفة من هذا الحب ، وليس فيه إلا رغيف واحد ، وهو لا يعلم
وهو صريح في أن الجمع المضاف كالمنكر لكن قال في القنية إن أحسنت إلى أقاربك فأنت طالق فأحسنت إلى واحد منهم يحنث ، ولا يراد الجمع في عرفنا . ا هـ .
فيحتاج إلى الفرق إلا أن يدعي أن في العرف فرقا ، ولو دخل دارا مملوكة لفلان ، وفلان لا يسكنها يحنث ، ولو يحنث ، وإلا فلا ، ولو حلف لا يدخل دار فلان فدخل دارا مشتركة بينه وبين فلان إن كان فلان يسكنها روايتان قالوا ما ذكره أنه لا يحنث ذلك قول حلف لا يدخل دار فلان فآجر فلان داره فدخلها الحالف هل يحنث فيه أبي حنيفة ; لأن عندهما كما تبطل الإضافة بالبيع تبطل بالإجارة والتسليم ، وملك اليد للغير كذا في الظهيرية ، وهي مسألة الأصول أيضا . وأبي يوسف
[ ص: 327 ]