( قوله : ودوام الركوب واللبس والسكنى كالإنشاء لا دوام الدخول ) يعني لو فإنه يحنث بالدوام كما لو ابتدأ بها بخلاف ما إذا حلف لا يركب هذه الدابة ، وهو راكبها أو لا يلبس هذا الثوب ، وهو لابسه أو لا يسكن هذه الدار ، وهو ساكنها فإنه لا يحنث بالاستمرار فيها والقياس أن يحنث قياسا على غيره والاستحسان الفرق بين الفصلين ، وهو أن الدوام على الفعل لا يتصور حقيقة ; لأن الدوام هو البقاء والفعل المحدث عرض والعرض مستحيل البقاء فيستحيل دوامه ، وإنما يراد بالدوام تجدد أمثاله ، وهذا يوجد في الركوب واللبس والسكنى ، ولا يوجد في الدخول ; لأنه اسم للانتقال من العورة إلى الحصن والمكث قرار فيستحيل البقاء تحقيقه أن الانتقال حركة والمكث سكون ، وهما ضدان ألا ترى أنه يضرب لها مدة يقال ركبت يوما ، ولبست يوما ، ولا يقال دخلت يوما قال في التبيين والفارق بينهما أن كل ما يصح امتداده له دوام كالقعود والقيام والنظر ونحوه ، وما لا يمتد لا دوام له كالدخول والخروج . ا هـ . حلف لا يدخل هذه الدار ، وهو فيها
وفي المجتبى والفارق بينهما صحة قران المدة به كاليوم والشهر ، وفي فتح القدير ونظير المسألة حلف لا يخرج ، وهو خارج لا يحنث حتى يدخل ثم يخرج ، وكذا لا يتزوج ، وهو متزوج ، ولا يتطهر ، وهو متطهر فاستدام الطهارة والنكاح لا يحنث . ا هـ .
والمراد بالدوام المكث ساعة على حاله ، وقيد به ; لأنه لو نزل من ساعته أو نزع الثوب فإنه لا يحنث ، وقال يحنث لوجود الشرط ، وإن قل ، ولنا أن اليمين تعقد للبر فيستثنى منه زمان تحقيقه وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى . زفر
وأشار المصنف إلى أنه لو طلقت ثلاثا في كل ساعة طلقة بخلاف ما إذا لم يكن راكبا فركب أنها تطلق واحدة ، ولا تطلق بالاستمرار ، وفي المجتبى ، وإنما يعطى للدوام حكم الابتداء فيما يمتد إذا كانت اليمين حال الدوام أما إذا كان قبله فلا حتى لو قال كلما ركبت فأنت طالق ، وهو راكب ، ومكث ثلاث ساعات فعليه درهم واحد ، ولو قال ذلك حالة الركوب لزمه في كل ساعة يمكنه النزول درهم قلت : في عرفنا لا يحنث إلا بابتداء الفعل في الفصول كلها ، وإن لم ينو ، وفيه عن قال كلما ركبت هذه الدابة فلله علي أن أتصدق بدرهم ثم ركبها ودام عليها ما يدل عليه ، وإليه أشار أستاذنا رحمه الله ا هـ . أبي يوسف
فأفاد أن الساعة التي تكون دواما هي ما يمكنه النزول فيها ، وأشار المصنف إلى أنه لو حلف ليدخلنها غدا ، وهو فيها فمكث حتى مضى الغد حنث ; لأنه لم يدخلها فيه إذ لم يخرج .
ولو نوى بالدخول الإقامة فيه لم يحنث ، وإلى هنا فرغ المصنف من مسائل الدخول لكنه لم يستوفها ونحن نذكر ما فاته منها تكثيرا للفائدة ، ولكثرة الاحتياج إلى مسائل الأيمان ففي الظهيرية لو اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث إذا لم يخرج [ ص: 330 ] إلى السكة ، ولو حلف لا يدخل في هذه السكة فدخل دارا من تلك السكة لا من السكة بل من السطح أو غيره لا يحنث رجل جالس في البيت من المنزل حلف لا يدخل هذا البيت فاليمين على ذلك البيت الذي كان جالسا فيه ; لأن ما وراء ذلك البيت يسمى منزلا ودارا هذا إذا كانت اليمين بالعربية فإن كانت بالفارسية فاليمين على دخول ذلك المنزل وتلك الدار فإن قال عنيت ذلك البيت الذي كنت جالسا فيه صدق ديانة لا قضاء ; لأن في الفارسية خانه اسم للكل هذا إذا لم يشر إلى بيت بعينه فإن أشار إلى بيت بعينه فالعبرة للإشارة حلف لا يدخل سكة فلان فدخل مسجدا في تلك السكة ، ولم يدخل السكة إن كانت نوت أن لا يدخل دارا تسكنها المرأة لا تبطل اليمين بالبيع ، وإن لم يكن لها نية فاليمين على دار مملوكة لها . امرأة حلفت أن لا يدخل زوجها دارها فباعت دارها فدخل الزوج ، وهي تسكنها
وقال بعضهم يعتبر في جنس هذه المسائل سبب اليمين إن كانت اليمين لغيظ من صاحب الدار تبطل اليمين بالبيع ، وإن كانت لضرر الجيران لا تبطل اليمين بالبيع ، ولو حنث في يمينه ; لأن الدار تنسب إلى كل واحدة من المحلتين ، وعن بعض المشايخ إذا حلف لا يدخل محلة كذا فدخل دارا لها بابان أحدهما مفتوح في تلك المحلة والآخر مفتوح في محلة أخرى لا يحنث ; لأنه لا يراد من دخول الحمام ذلك ، ولو حلف لا يدخل الحمام فدخل المسلخ إن لم يكن على الميت دين مستغرق لا يحنث ; لأنها انتقلت إلى الورثة بالموت ، وإن كان عليه دين مستغرق قال حلف لا يدخل دار فلان فمات صاحب الدار ثم دخل الحالف محمد بن سلمة يحنث ; لأنها بقيت على حكم ملك الميت ، وقال لا يحنث ، وعليه الفتوى ; لأنها لم تبق ملكا للميت من كل وجه ، ولو الفقيه أبو الليث لا يحنث ، ولو اشترى فلان دارا ، ووهبها للحالف ثم دخل الحالف حنث ، ولو حلف لا يدخل دارا يشتريها فلان فاشترى فلان دارا وباعها من الحالف فدخل الحالف لا يحنث وتكون اليمين على عمرانها ، وكذا لو حلف لا يدخل قرية كذا فدخل أراضي القرية لا يحنث إلا أن يكون الكروم والضياع في العمران ، وكذلك لو كان الكلام على البلدة . حلف لا يشرب الخمر في قرية كذا فشرب في كرومها وضياعها
ولو حلف لا يدخل كورة كذا أو رستاق كذا فدخل الأراضي حنث ، ولو حلف لا يدخل بغداد فمن أي الجانبين دخل حنث ، ولو حلف لا يدخل مدينة السلام لا يحنث ما لم يدخل من ناحية الكوفة ; لأن اسم بغداد يتناول الجانبين ، ومدينة السلام لا ، ولو حلف لا يدخل الري ذكر شمس الأئمة السرخسي أن الري في ظاهر الرواية يتناول المدينة والنواحي وروي عن هشام عن أنه اسم للمدينة حتى لو محمد في ظاهر الرواية تفسد الإجارة ، وفي رواية استأجر دابة إلى الري ، ولم يذكر إلى المدينة ، ولا إلى الرستاق بعينه هشام لا تفسد ، ولو بغداد فمر بها في سفينة روى حلف لا يدخل هشام أنه يحنث ، وقال لا يحنث ما لم يدخل إلى الجدة ، وهذا بخلاف الصلاة فإن البغدادي إذا جاء من أبو يوسف الموصل في السفينة فدخل بغداد فأدركته الصلاة ، وهو في السفينة تلزمه صلاة الإقامة لا صلاة السفر ، ولو الفرات فركب سفينة في الفرات أو كان على الفرات جسر فمر على الجسر لا يحنث ما لم يدخل الماء . حلف لا يدخل في
ولو قال حلف أن لا يدخل هذه الدار فاشترى صاحبها بجنب الدار بيتا ، وفتح باب البيت إلى هذه الدار وجعل طريقه فيها وسد الباب الذي كان للبيت قبل ذلك فدخل الحالف هذا البيت من غير أن يدخل هذه الدار يحنث ; لأن البيت صار من الدار . ا هـ . محمد
ما في الظهيرية والفتوى على قول في مسألة المرور بالسفينة فيما إذا حلف لا يدخل أبي يوسف بغداد كما في الواقعات وذكر في البدائع لو فإن قصده بالدخول حنث ، وإن لم يقصده لا يحنث ، وكذلك إن دخل عليه بيت غيره فإن دخل عليه في مسجد أو ظلة أو سقيفة أو دهليز دار لم يحنث ، وإن دخل عليه [ ص: 331 ] في فسطاط أو خيمة أو بيت شعر لم يحنث إلا أن يكون الحالف من أهل البادية ; لأنهم يسمون ذلك بيتا والتعويل في هذا الباب على العرف ، وعن حلف لا يدخل على فلان فدخل عليه بيته لا يدخل على فلان هذه الدار فدخل الدار ، وفلان في بيت من الدار لا يحنث ، وإن كان في صحن الدار يحنث ، وكذا لو محمد أنه لا يكون داخلا عليه إلا إذا دخل في بيته قال حلف لا يدخل على فلان هذه القرية لو محمد لم يحنث ; لأنه لم يدخل على فلان لما لم يقصده ، وإن لم تكن له نية حنث . ا هـ . حلف لا يدخل على فلان فدخل على فلان بيته ، وهو يريد رجلا غيره يزوره
وفي الذخيرة قالوا الصفة إذا لم تكن داعية إلى اليمين إنما لا تعتبر في المعين إذا ذكرت على وجه التعريف أما إذا ذكرت على وجه الشرط تعتبر ، وهو الصحيح ألا ترى أن من لا تطلق واعتبرت الصفة في المعين لما ذكرت على سبيل الشرط . ا هـ . قال لامرأته إن دخلت هذه الدار راكبة فهي طالق فدخلتها ماشية
وفي الواقعات لا يحنثان ; لأنه لم يدخل واحد منهما على صاحبه رجلان حلف كل واحد منهما أن لا يدخل على صاحبه فدخلا في المنزل معا فإن كان بينهما كلام يدل على الفور فهو على الفور ; لأن الحال أوجب التقييد ، وإلا كانت اليمين على الأبد ويقع اليمين على الدخول المعتاد قبل اليمين حتى لو امتنع الأخ مرة مما كان المعتاد يحنث ; لأن اليمين مطلقة فتنصرف إلى الأبد . ا هـ . قال لأخ امرأته إن لم تدخل بيتي كما كنت تدخل فامرأته طالق
وفي المحيط والولوالجية وغيرهما لو فهو على أن يدخل بأمره ; لأنه متى دخل بأمره فقد أدخله ، ولو قال إن أدخلت فلانا بيتي فامرأته طالق فهو على الدخول بعلم الحالف فمتى علم ، ولم يمنع فقد ترك ، ولو قال إن دخل فلان بيتي فهو على الدخول أمر الحالف به أو لم يأمر علم به أو لم يعلم ; لأن الشرط هو الدخول ، وقد وجد . ا هـ . قال إن تركت فلانا يدخل بيتي فامرأته طالق
وفي المحيط لو لم يحنث ; لأن المعرفة لا تدخل تحت النكرة كما لو قال زوج بنتي من رجل لا يدخل المأمور تحت هذا الأمر ، ولو قال إن دخل هذه الدار أحد يحنث إذا دخل هو ، سواء كانت الدار له أو لغيره ; لأن النكرة تدخل تحت النكرة . قال إن دخل داري هذه أحد فعبدي حر والدار له ، ولغيره فدخلها هو
ولو قال إن دخل دارك أحد فالمنسوب إليه خارج عن اليمين ; لأنه صار معرفا بالإضافة وتمامه فيه ، وفي الخانية بر في يمينه فإن رآه مرة ثانية ، ولم يمنعه لا شيء عليه . رجل رجل قال لأمنعن فلانا من دخول داري فمنعه مرة يلزمه طلاق الأولى ، ولا يلزمه طلاق الثانية ; لأنه يقول اليمين الأولى كذب والثانية صدق فلا يحنث في الثانية ، ولو حلف بطلاق امرأته أنه لم يدخل هذا اليوم ثم قال أوهمت وحلف بطلاق امرأة أخرى أنه قد دخلها اليومعتق العبيد الثلاث جميعا ; لأن الأول عتق بالكلام الثاني والوسط عتق بالكلام الثالث ، وعتق الثالث بعتق الأول ; لأن الحالف زعم أنه كاذب في الكل فيلزمه عتق الكل ، ولو حلف بعتق عبده أنه دخل هذه الدار اليوم ثم قال لم أدخله وحلف بعتق عبد آخر أنه لم يدخلها اليوم ثم رجع ، وقال قد دخلتها اليوم وحلف بعتق عبد آخر الكوفة ، ولم أتزوج فعبدي حر فإن دخل قبل التزوج حنث ، ولو قال فلم أتزوج فهذا على أن يكون التزوج بعد الدخول حين يدخل ، ولو قال إن دخلت قال إن دخلت الكوفة ثم لم أتزوج فهو على أن يتزوج بعد الدخول على الأبد . ا هـ .
وفي القنية يصدق حلف لا يدخل على هؤلاء القوم ثم دخل عتبة الباب فرأى واحدا منهم فرجع لا يحنث . ا هـ . كان في البيت الشتوي فخاصم امرأته فقال إن دخلت هذا البيت إلى العيد فالحلال عليه حرام ثم قال نويت ذلك البيت بعينه
وفي الخلاصة لا تطلق بتلك اليمين ; لأنها معرفة بإضافة اليمين فلا تدخل تحت [ ص: 332 ] النكرة هذا في مجموع النوازل ، وفي النوازل قال لامرأته إن دخلت دار أبوك فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فدخل دار أبيها ثم إنها حرمت عليه فتزوجها ، وقع الطلاق عليها ، وعلى غيرها والاعتماد على هذا دون ما ذكر في مجموع النوازل ، ولو قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق بغير خسران يشترط قبولها عند دخول الدار وتفسير غير الخسران إن وهبت المهر ثم دخلت الدار . ا هـ . قال لامرأته إن دخلت الدار فنساء طوالق فدخلت الدار
وفي العمدة لو فإن لم تكن الدار ملكا له فالمنع بالقول ، وفي الملك بالقول والفعل ، ولو قال لا أدع فلانا يدخل هذه الدار لا يحنث . ا هـ . حلف لا يدخل دار فلان فاستعار فلان دار جاره واتخذ فيها وليمة ودخلها الحالف
فقولهم إن المستعارة تضاف إليه معناه إذا سكنها لا إذا اتخذ فيها وليمة ، وفي العدة لو قال والله لا أدخل هذه الدار وأدخل هذه الدار فإذا دخل الأولى يحنث ، وإن دخل الثانية لا يحنث ، ولو قال والله لا أدخل هذه الدار أو أدخل هذه الدار بنصب اللام فإن دخل الدار الأولى أولا ثم دخل الثانية يحنث ، وإن دخل الثانية أولا ثم دخل الأولى لا يحنث ; لأن كلمة أو بمنزله حتى . ا هـ .
وفي مآل الفتاوى قال لا أدخل دار فلان أو دار الفلان لا فرق بينهما عند ، ولو دخل دارا اشتراها بعد اليمين لا يحنث . ا هـ . أبي يوسف