قوله ( لبس خاتم ذهب أو عقد لؤلؤ لبس حلي ) يعني لو حنث أما الذهب فلأنه حلي ، ولهذا لا يحل استعماله للرجال ، وأما عقد اللؤلؤ فأطلقه فشمل المرصع وغيره ، وهو قولهما ، وقال حلف لا يلبس حليا فلبس خاتم ذهب أو عقد لؤلؤ لا يحنث بغير المرصع ; لأنه لا يتحلى به عرفا إلا مرصعا ، ومبنى الأيمان على العرف لهما أن اللؤلؤ حلي حقيقة حتى سمي به في القرآن في قوله تعالى { الإمام وتستخرجون حلية تلبسونها } ، وقيل هذا اختلاف عصر وزمان ويفتى بقولهما ; لأن التحلي به على الانفراد معتاد كذا في الهداية ، ولهذا اختاره في المختصر ، وأطلق الخاتم من الذهب فشمل ما له فص ، وما لا فص له اتفاقا وشمل ما إذا كان الحالف رجلا أو امرأة كما في الظهيرية قوله ( لا خاتم فضة ) أي ليس بحلي عرفا ولا شرعا بدليل أنه أبيح للرجال مع منعهم من التحلي بالذهب والفضة ، وإنما أبيح لهم لقصد التختم لا لقصد الزينة فلم يكن حليا كاملا في حقهم ، وإن كانت الزينة لازم وجوده لكنها لم تقصد به أطلقه فشمل ما إذا كان مصوغا على هيئة خاتم النساء أو لا ، وقيده في النهاية بما إذا لم يكن مصوغا ; لأن ما صيغ على هيئة خاتم النساء بأن كان ذا فص يحنث به ، وهو الصحيح ، وأطلقه بعضهم كما في المختصر ورجحه في فتح القدير ; لأن العرف في خاتم الفضة نفي كونه حليا ، وإن كان زينة . ا هـ .
وأشار المصنف إلى أنه على قياس قول لا بأس للرجال بلبس اللؤلؤ الخالص كذا في التبيين وذكر الإمام القلانسي في تهذيبه أنه على قياس قوله الذهب والفضة ليس بحلي قبل الصياغة حتى لو علقت في عنقها تبر الذهب والفضة لا تحنث وعندهما . ا هـ .
وقيد بخاتم الفضة ; لأن الخلخال والدملج والسوار حلي ; لأنه لا يستعمل إلا للتزين فكان كاملا في معنى الحلي كذا في المحيط .
وأشار المصنف بعقد اللؤلؤ إلى أن عقد الزبرجد أو الزمرد كذلك شرط الترصيع ، وهما أطلقا كما في المحيط والحلي بضم الحاء وتشديد الياء جمع حلي بفتح الحاء وسكون اللام كثدي وثدي ، وقيد به ; لأنه لو فأبو حنيفة لا يحنث ; لأنه لم يلبس السلاح ، ولو لبس درعا من حديد أو غيره يحنث ، ولو حلف لا يلبس سلاحا ، ولا نية له فقلد سيفا أو ترسا لا يحنث ; لأن بائعه لا يسمى بائع السلاح كذا في المحيط ، وفي الظهيرية حلف لا يشتري سلاحا فاشترى سكينا أو حديدا فيمينه على كل ملبوس يستر العورة وتجوز الصلاة فيه حتى لو اشترى مسحا أو بساطا أو طنفسة ، ولبسها لا يحنث والمسح الحلس ، وهو البساط المنسوج من شعر المعزى والطنفسة البساط المحشو ، ولو اشترى فروا أو لبس فروا يحنث ولو اشترى قلنسوة أو لبسها لا يحنث ، ولو اشترى ثوبا صغيرا [ ص: 393 ] يحنث هكذا ذكر في المبسوط قالوا أراد به أن يكون إزارا أو سراويل بل يستر العورة وتجوز الصلاة فيه حتى لو اشترى منديلا يمتخط به لا يحنث ، ولو حلف لا يلبس ثوبا أو لا يشتري لم تحنث إذا لم يبلغ مقدار الإزار ، وإن بلغ حنثت ، وإن حلف لا يلبس ثوبا فلبس لفافة لا يحنث ، وعلى قياس مسألة الخمار ينبغي أن يحنث إذا كانت اللفافة تبلغ مقدار الإزار ، وإن اعتم بعمامة عن حلفت المرأة أن لا تلبس ثوبا فتقنعت بقناع أنه لا يحنث ، وعن محمد كذلك إلا أن تكون عمامة لو لفها كانت إزارا أو رداء فحينئذ يحنث ، وفي السير الكبير إن اسم الثوب لا ينتظم العمامة والقلنسوة والخف وذكر أبي يوسف خواهر زاده أن هذا الجواب في عمائم العرب ; لأنها صغيرة لا يجيء منها الثوب الكامل فأما في عمائمنا فالجواب بخلافه ; لأنه يجيء منها المئزر ، ولو لا يحنث . حلف لا يلبس قميصا فاتزر بقميص أو ارتدى بقميص
والأصل في جنس هذه المسائل أن من حلف على لبس ثوب لا بعينه لا يحنث ما لم يوجد منه اللبس المعتاد ، وإذا حلف على لبس ثوب بعينه فعلى أي وصف لبسه حنث في يمينه ، ولو لا يحنث ، ولو حلف لا يلبس ثوبا فوضعه على عاتقه يريد حمله أو عرضه على البيع ففي الوجه الأول اختلف المشايخ بعضهم قالوا لا يحنث استدلالا بما ذكره حلف لا يلبس قباء أو هذا القباء فوضعه على كتفيه ، ولم يدخل يديه في كميه في المناسك أن المحرم إذا فعل هكذا لا كفارة عليه وبعضهم قالوا يحنث ; لأن القباء قد يلبس هكذا ، وفي الوجه الثاني يحنث بلا خلاف ولو حلف لا يلبس قباء أو هذا القباء فوضعه على اللحاف حالة النوم لا يحنث هكذا حكى محمد ظهير الدين المرغيناني فتوى عمه شمس الإسلام الأوزجندي ا هـ .