الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : لا يقبض دينه درهما دون درهم فقبض بعضه لا يحنث حتى يقبض كله متفرقا لا بتفريق ضروري ) ; لأن الشرط قبض الكل لكنه بوصف التفريق ألا ترى أنه أضاف القبض إلى دين معرف مضافا إليه فينصرف إلى كله فلا يحنث إلا به ، ولا يحنث بالتفريق الضروري وهو أن يقبض دينه في وزنتين ، ولم يتشاغل بينهما إلا بعمل الوزن ; لأنه قد يتعذر قبض الكل دفعة واحدة عادة فيصير هذا القبض مستثنى عنه .

                                                                                        وأشار المصنف إلى أن اليمين لو كانت مؤقتة باليوم بأن حلف لا يقبض دينه درهما دون درهم اليوم فقبض البعض في اليوم متفرقا أو لم يقبض شيئا لم يحنث ; لأن شرط الحنث أخذ الكل في اليوم متفرقا ، ولم يوجد ، وإلى أنه لو قبض الكل جملة ثم وجد بعضها ستوقة فرد لم يحنث بالرد ما لم يستبدل ; لأن الستوقة غير معتد بها فلم يوجد قبض الكل حتى يقبض البدل فإذا قبضه وجد قبض الكل متفرقا بخلاف ما إذا وجد بعضها زيوفا حيث لا يحنث مطلقا ; لأنه بر حين وجد قبض الكل وبالرد لم ينتقض القبض في حقه على ما مر ، وقيد بقوله دينه لأنه لو قال لا يقبض من دينه درهما دون درهم أو إن قبضت من ديني درهما دون درهم أو إن أخذت من ديني درهما دون درهم فقبض البعض حنث ; لأن شرط الحنث هنا قبض البعض من الدين متفرقا ، وفي مسألة الكتاب قبض الكل بصفة التفريق .

                                                                                        وفي الظهيرية ، وفي الحيل إذا حلف لا يأخذ ما له على فلان إلا جملة أو إلا جمعا ثم أراد وتطلق على التفاريق فالحيلة أن يترك من حقه درهما ويأخذ الباقي كيف يشاء ، وفيه أيضا إذا حلف لا يأخذ من فلان شيئا من حقه دون شيء ثم أراد أن يأخذه على التفاريق أو أراد أن يترك بعض حقه يحنث لكن الحيلة له في ذلك أن يأخذ من غيره قضاء عنه فلا يحنث وإن لم يكن للمطلوب من يؤدي عنه ، وكان للطالب من يقبض له لم يحنث في يمينه . وإذا حلف لا يتقاضى فلانا فلزمه ولم يتقاضه لا يحنث . ا هـ .

                                                                                        وفيها ، ولو قال لا أفارقك اليوم حتى تعطيني حقي اليوم ، وهو ينوي أن لا يترك لزومه فمضى اليوم ثم فارقه لا يحنث .

                                                                                        [ ص: 398 - 399 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 398 - 399 ] ( قوله : وفيها ولو قال لا أفارقك اليوم حتى تعطيني حقي اليوم ) هكذا في النسخ بذكر اليوم في الموضعين ، وهكذا في الظهيرية ، وقد ذكر المؤلف قبيل قول المتن لا يأكل طعام زيد عن فتاوى أبي الليث ، ولو قال لغريمه والله لا أفارقك حتى تقضيني حقي اليوم ونيته أن لا يترك لزومه حتى يعطيه حقه فمضى اليوم ، ولم يفارقه ولم يعطه حقه لا يحنث ، وإن فارقه بعد مضي المدة يحنث ، ولو قدم اليوم فقال لا أفارقك اليوم حتى تعطيني حقي فمضى اليوم ، ولم يفارقه ، ولم يعطه حقه لم يحنث وإن فارقه بعد مضي اليوم لا يحنث ; لأنه وقت للفراق ذلك اليوم .




                                                                                        الخدمات العلمية