( قوله فلا يركب خيلا ولا يعمل بالسلاح ويظهر الكستيج ويركب سرجا كالأكف ) إظهارا للصغار عليهم وصيانة لضعفة المسلمين ولأن المسلم يكرم والذمي يهان فلا يبتدأ بالسلام ويضيق عليه في الطريق فلو لم تكن علامة مميزة فلعله يعامل معاملة المسلمين وذلك لا يجوز بخلاف يهود ويميز الذمي في الزي والمركب [ ص: 123 ] والسرج المدينة لم يأمرهم عليه الصلاة والسلام بذلك لأنهم كانوا معروفين بأعيانهم لجميع أهل المدينة ولم يكن لهم زي عال عن المسلمين وإذا وجب التمييز وجب بما فيه صغار لا إعزاز لأن إذلالهم لازم بغير أذى من ضرب أو صفع بلا سبب يكون منه بل المراد اتصافه بهيئة وضيعة والزي بالكسر اللباس والهيئة وأصله زوي كذا في الصحاح وفي الديوان الزي الزينة والكستيج عن خيط غليظ بقدر الأصبع يشده الذمي فوق ثيابه دون ما يتزينون به من الزنانير المتخذة من الإبريسم كذا في المغرب وقيده في المجمع بالصوف وقيد بالخيل لأن لهم أن يركبوا الحمر عند المتقدمين على سروج كهيئة الأكف وهو جمع إكاف وهو معروف والسرج الذي على هيئته هو ما يجعل على مقدمه شبه الرمانة والوكاف لغة ومنه أوكف الحمار كذا في المغرب والإكاف البرذعة ذكره أبي يوسف العيني واختار المتأخرون أن لا يركبوا أصلا إلا إذا خرجوا إلى قرية ونحوها أو كان مريضا وحاصله أنه لا يركب إلا لضرورة فيركب ثم ينزل في مجامع المسلمين إذا مر بهم كذا في فتح القدير وفيه وإذا عرف أن المقصود العلامة فلا يتعين ما ذكر بل يعتبر في كل بلدة ما يتعارفه أهله .
وفي بلادنا جعلت العلامة في العمامة فألزموا النصارى العمامة الزرقاء واليهود بالعمامة الصفراء واختص المسلمون بالبيضاء ا هـ .
لكن في الظهيرية ما يفيد منع العمامة لهم فإنه قال وكستيجان النصارى قلنسوة سوداء من اللبد مضربة وزنار من الصوف وأما لبس العمامة وزنار الإبريسم فجفاء في حق أهل الإسلام ومكسرة لقلوبهم ا هـ .
أطلق الذمي فشمل الذكر والأنثى ولذا قال في الهداية ويجب أن تتميز نساؤهم عن نسائنا في الطرقات والحمامات ويجعل على دورهم علامات كي لا يقف عليها سائل يدعو لهم بالمغفرة ويمنعون عن لباس يختص به أهل العلم والزهد والشرف ا هـ .
وصرح في فتح القدير بمنعهم من الثياب الفاخرة حريرا أو غيره كالصوف المربع والجوخ الرفيع والأبراد الرفيعة قال ولا شك في وقوع خلاف هذا في هذه الديار ولا شك في منع استكتابهم وإدخالهم في المباشرة التي يكون بها معظما عند المسلمين بل ربما يقف بعض المسلمين خدمة له خوفا من أن يتغير خاطره منه فيسعى به عند مستكتبه سعاية توجب له منه الضرر ا هـ .
وفي الحاوي القدسي وينبغي أن يلازم الذمي الصغار فيما يكون بينه وبين المسلم في كل شيء ا هـ .
فعلى هذا يمنع من القعود حال قيام المسلم عنده واختار في فتح القدير بحثا أنه إذا استعلى على المسلمين حل للإمام قتله واستثنى في الذخيرة من منع الخيل ما إذا وقعت الحاجة إلى ذلك بأن استعان بهم الإمام في المحاربة والذب عن المسلمين وألحق في التتارخانية البغل بالحمار في جواز ركوبه لهم وصرح بمنعهم من القلانس الصغار وإنما تكون طويلة من كرباس مصبوغة بالسواد مضربة مبطنة ويجب تمييزهم في النعال أيضا فيلبسون المكاعب الخشنة الفاسدة اللون تحقيرا لهم وشرط في الخيط الذي يعقده على وسطه أن يكون غليظا غير منقوش وأن لا يجعل له حلقة وإنما يعقده على اليمين أو الشمال وشرط في القميص أيضا أن يكون ذيله قصيرا وأن يكون جيبه على صدره كما يكون للنساء وفي الخانية لا يؤخذ عبيد أهل الذمة بالكستيجان وفي التتارخانية وهذا كله إذا وقع الظهور عليهم .
فأما إذا وقع معهم الصلح للمسلمين على بعض هذه الأشياء فإنهم يتركون على ذلك واختلف المشايخ بعد هذا أن المخالفة بيننا وبينهم تشترط بعلامة [ ص: 124 ] واحدة أو بعلامتين أو بالثلاث قال بعضهم بعلامة واحدة أما على الرأس كالقلنسوة الطويلة المضربة أو على الوسط كالكستيج أو على الرجل كالنعل والمكعب على خلاف نعالنا أو مكاعبنا وقال بعضهم لا بد من الثلاث ومنهم من قال في النصراني يكتفي بعلامة واحدة وفي اليهودي بعلامتين وفي المجوس بالثلاث وإليه مال الشيخ أبو بكر محمد بن الفضل وفي الذخيرة وبه كان يفتي بعضهم قال شيخ الإسلام والأحسن أن يكون في الكل ثلاث علامات وكان الحاكم الإمام أبو محمد يقول إن صالحهم الإمام وأعطاهم الذمة بعلامة واحدة لا يزاد عليها وأما إذا فتح بلدا عنوة وقهرا كان للإمام أن يلزمهم العلامات وهو الصحيح ا هـ .
وإذا وجب عليهم إظهار الذل والصغار مع المسلمين وجب على المسلمين عدم تعظيمهم لكن قال في الذخيرة إذا دخل يهودي الحمام هل يباح للخادم المسلم أن يخدمه إن خدمه طمعا في فلوسه فلا بأس به وإن فعل ذلك تعظيما له إن كان لميل قلبه إلى الإسلام فلا بأس به وإن فعل ذلك تعظيما له من غير أن ينوي شيئا مما ذكرناه كره له ذلك وكذا أدخل ذمي على مسلم فقام له إن قام طمعا في ميله إلى الإسلام فلا بأس وبه وإن فعل ذلك تعظيما له من غير أن ينوي ما ذكرنا أو قام تعظيما لغناه كره له ذلك ا هـ .
قال الطرسوسي إن قام تعظيما لذاته وما هو عليه كفر لأن الرضا بالكفر كفر فكيف يتعظم الكفر ا هـ كذا في شرح المنظومة وفي الخانية الذمي إذا اشترى دارا في المصر ذكر في العشر والخراج أنه لا ينبغي أن يباع منه وإن اشتراها يجبر على بيعها من المسلم وذكر في الإجارات أنه يجوز الشراء ولا يجبر على البيع ولا يترك الذمي أن يتخذ بيته صومعة في المصر يصلي فيه ا هـ .
وفي الصغرى وذكر في الإجارات أنه لا يجبر على البيع إلا إذا كثر فحينئذ يجبر ا هـ .
وفي التتارخانية يمكنون من المقام في دار الإسلام على رواية عامة الكتب إلا أن يكون من أمصار العرب كأرض الحجاز وعلى رواية العشر كما يجبر على بيع داره يخرجون من المصر وبه أخذ وفي الذخيرة وإذا تكارى أهل الذمة دورا فيما بين المسلمين ليسكنوا فيها جاز لأنهم إذا أسكنوا بين المسلمين رأوا معالم الإسلام ومحاسنه وشرط الحسن بن زياد الحلواني قلتهم بحيث يمكنون من المقام في دار الإسلام إلا في أمصار العرب كأرض الحجاز أما إذا كثروا بحيث تعطل بسبب سكناهم بعض المسلمين أو تقللوا يمنعون من السكنى فيما بين المسلمين ويأمرون بأن يسكنوا ناحية ليس فيها المسلمون وهو محفوظ عن ا هـ . أبي يوسف
وفي المحيط يمكنون أن يسكنوا في أمصار المسلمين يبيعون ويشترون وفي أسواقهم لأن منفعة ذلك تعود إلى المسلمين ا هـ .
[ ص: 123 - 124 ]