قوله ( ولو لم يصح وصح لو قرضا أو أمره بقبضه له ، ثم لنفسه ففعل ) معناه أن يكيله لنفسه بعد القبض ثانيا ; لأنه اجتمع هنا صفقتان صفقة بين المسلم إليه وبين المشترى منه وصفقة بين المسلم إليه وبين رب السلم كلاهما بشرط الكيل فلا بد من الكيل مرتين ولم يوجد في الأولى وهي ما إذا اشترى المسلم إليه كرا وأمر رب السلم بقبضه قضاء فلم يصح ووجد في الثانية وهي ما إذا أمر المسلم إليه رب السلم بقبضه من البائع قضاء لحقه والأصل فيه { أمر رب السلم بقبضه له بأن يكيله ، ثم يقبضه بنفسه بالكيل ثانيا } ومحمله على ما إذا اجتمعت الصفقتان فيه ، وأما في صفقة واحدة فيكتفي بالكيل فيه مرة في الصحيح والدليل على أنه بيع عند القبض ما قال في الزيادات لو أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه صاعان صاع البائع وصاع المشتري لم يجز لأنه اشترى ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن ، كذا في فتح القدير قيد بالشراء ; لأن المسلم إليه لو ملك كرا بإرث أو هبة أو وصية فأوفاه رب السلم واكتاله مرة جاز ; لأنه لم يوجد إلا عقد واحد بشرط الكيل وقيد بالكر وهو ستون قفيزا أو أربعون على الخلاف ; لأن أسلم مائة كر ، ثم اشترى المسلم إليه من رب السلم كر حنطة بمائتي درهم إلى سنة فقبضه فلما حل السلم أعطاه ذلك الكر جاز لما ذكرنا وأشار بالكر المكيل إلى أنه لو المسلم إليه لو اشترى حنطة مجازفة فأوفاها رب السلم فاكتالها مرة إلى آخره لا يجوز قبض رب السلم إذ لا فرق بين المكيل والموزون في هذا الحكم . أسلم في موزون معين واشترى المسلم إليه موزونا كذلك
وكذا المعدود إذا اشتراه بشرط العد فإنه كالمكيل والموزون كما قدمناه وذكر في البناية أن في المعدود روايتين وإنما فسرنا تكرار الأمر في كلام المصنف بتكرار الكيل ; لأن الشرط أن يكيله مرتين وإن لم [ ص: 182 ] يتعدد الأمر حتى لو قال اقبض الكر الذي اشتريته من فلان عن حقك فذهب فاكتاله ، ثم أعاد كيله صار قابضا ولفظ الجامع يفيده فإنه لم يزد على قوله فاكتاله له ، ثم اكتاله لنفسه ، كذا في فتح القدير .
وأما على قوله وصح لو قرضا فصورته لحقه ، وإنما جاز بلا إعادة الكيل ; لأن القرض إعارة حتى ينعقد بلفظها فكان المقبوض عين حق تقديرا فلم يكن استبدالا ، ولو كان استبدالا للزم مبادلة الجنس بجنسه نسيئة فلم يتحقق الصفقتان فيكتفي بكيل واحد للمشتري فيقبضه له ، ثم لنفسه من غير إعادة الكيل وأشار بقوله لم يصح إلى أنه لم يدخل في ضمان رب السلم حتى لو هلك في يده هلك من مال المسلم إليه كما في البناية وللقرض صورة أخرى هي لو استقرض منه كرا فاشترى المستقرض كرا فأمر المقرض بقبضه قضاء جاز لما ذكرنا ; لأن عقد القرض عقد مساهلة لا يوجب الكيل بخلاف البيع مكايلة أو موازنة ، ولهذا لو كان الدين الأول سلما فلما حل اقترض المسلم إليه من رجل كرا وأمر رب السلم بقبضه من المقرض ففعل جاز له أن يتصرف فيها قبل القبض . استقرض من آخر حنطة على أنها عشرة أقفزة
[ ص: 181 - 182 ]