قال : رحمه الله ( ولا ينظر من اشتهى إلى وجهها إلا الحاكم والشاهد وينظر الطبيب إلى موضع مرضها ) والأصل أنه لا يجوز أن لما روينا إلا للضرورة إذا تيقن بالشهوة أو شك فيها وفي نظر من ذكرنا مع الشهوة ضرورة فيجوز وكذا نظر الحاقن والحاقنة فيجوز وكذا ينظر إلى وجه الأجنبية بشهوة وكذا يجوز نظر الخاتن إذا أراد أن يداوي مع الختان لأنه أمارة البرص ويجب على القاضي والشاهد أن يقصد أداء الشهادة والحكم لا قضاء الشهوة تحرزا عن القبح بقدر الإمكان هذا وقت الأداء وأما وقت التحمل فلا يجوز أن ينظر إليها مع الشهوة ; لأنه يوجد غيره مما لا يشتهي فلا حاجة إليه قال في الغياثية واختلف المشايخ فيما إذا دعي إلى التحمل وهو يعلم أنه إذا نظر إليها يشتهي فمنهم من جوز ذلك بشرط أن يقصد تحمل الشهادة لا قضاء الشهوة والأصح أنه لا يجوز له ذلك قال بعض شراح الهداية وقد تنور هذا النظر للهزال الفاحش ولا يقال : الشاهد مخير هنا بين حسنتين إقامة الحد والتحرز عن التملك وهو أفضل فإذا كان أفضل فكيف جاز النظر لإقامة الشهادة ; لأنا نقول : الضرورة والحاجة محققة في النظر إلى العورة الغليظة عند التحمل بالنسبة لإرادة إقامة الحد وإن لم تكن الضرورة والحاجة محققة بالنظر إلى الستر فالإباحة بالنظر إلى الأول فإن قلت : لماذا جاز لشاهد الزنا النظر عند التحمل ولو اشتهى ولم يجز لغيره وقت التحمل قلنا إنما جاز له ; لأن مقصوده إقامة الشهادة فلهذه الضرورة جاز قالوا : لأنه يوجد غيره ممن لا يشتهي فإن قيل يمكن هنا أيضا أن يوجد غيره ممن لا يشتهي قلنا لو طلب غيره ممن لا يشتهي لفرغ من فعل الزنا فلهذا جاز هنا ولو اشتهى فتدبره . إباحة النظر إلى العورة الغليظة عند الزنا لإقامة الشهادة عليه
والطبيب إنما يجوز له ذلك إذا لم يوجد امرأة طبيبة فلو وجدت فلا يجوز له أن ينظر لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف وينبغي للطبيب أن يعلم امرأة إن أمكن وإن لم يمكن ستر كل عضو منها سوى موضع الوجع ثم ينظر ويغض ببصره عن غير ذلك الموضع إن استطاع لأن ما ثبت للضرورة يتقدر بقدرها وإذا وإن خاف أن [ ص: 219 ] يشتهي لقوله عليه الصلاة والسلام { أراد أن يتزوج امرأة فلا بأس أن ينظر إليها } ولا يجوز له أن يمس وجهها ولا كفها وإن أمن الشهوة لوجود المحرم ولانعدام الضرورة وقال عليه الصلاة والسلام { انظر إليها لأنه أحرى أن يدوم بينكما : من مس كف امرأة ليس له فيها سبيل وضع على كفه جمر يوم القيامة } قال في التتارخانية يستر منها كل شيء إلا موضع القرحة ويغض بصره ما أمكن ويداويها وفي المحيط أيضا ويجوز : أصاب امرأة قرحة في موضع لا يحل للرجل النظر إليه فإن لم يوجد امرأة تداويها ولم يقدر أن يعلم امرأة تداويها ا هـ . للمرأة إذا كانت تولد أخرى أن تنظر إلى فرجها وأن تمس فرجها
وقيدوا جواز النظر دون المس عند إرادة الزوج إذا كانت شابة تشتهى وأما إذا كانت عجوزا لا تشتهى فلا بأس بمصافحتها ومس بدنها لانعدام خوف الفتنة وعن رضي الله عنه أنه كان يصافح العجائز فإذا كان شيخا يأمن على نفسه وعليها يحل له المصافحة وإن كان لا يأمن عليها ولا على نفسه لا تحل له مصافحتها لما فيه من التعريض للفتنة ، فحاصله أنه يشترط لجواز المس أن يكونا كبيرين مأمونين في رواية وفي أخرى يكفي أن يكون أحدهما مأمونا كبيرا ; لأن أحدهما إذا كان لا يشتهى لا يكون اللمس سببا للوقوع في الفتنة كالصغير ، ووجه الأولى أن الشاب إذا كان لا يشتهي بمس العجوز فالعجوز تشتهي الشاب لأنها علمت بملاذ الجماع فيؤدي إلى الانتهاء من أحد الجانبين وهو حرام بخلاف ما إذا كان أحدهما صغيرا ; لأنه لا يؤدي إلى الانتهاء من الجانبين لأن الكبير لا يشتهي بمس الصغير ولهذا إذا أبي بكر وكذا يجوز مات صغير أو صغيرة تغسله المرأة والرجل ما لم تبلغ حد الشهوة . النظر إلى الصغير والصغيرة ، والمس إذا كان لا يشتهى