الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( فصل ) في الحائط المائل لما ذكر رحمه الله تعالى أحكام القتل الذي يتعلق بالإنسان مباشرة وتسببا شرع في بيان أحكام القتل الذي يتعلق بالجماد وهو الحائط المائل وكان من حقها أن تؤخر عن مسائل جميع الحيوانات تقديما للحيوان على الجماد إلا أن الحائط المائل لما ناسب الجرصن والروشن والجناح والكنيف وغيرها ألحق مسائله بها ولهذا عبر بلفظ الفصل لا بلفظ الباب كذا في النهاية وغيرها قال رحمه الله ( حائط مال إلى طريق العامة ضمن ربه ما تلف به من نفس أو مال إن طالب بنقضه مسلم أو ذمي ولم ينقضه في مدة يقدر على نقضه ) وهذا استحسان والقياس أن لا يضمن وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى ; لأنه لم يوجد منه صنع هو فعل ولا مباشرة علة ولا مباشرة [ ص: 403 ] شرط أو سبب والضمان باعتبار ذلك فصار كما إذا لم يشهد عليه وبطل نقضه منه ووجه الاستحسان ما روي عن علي وعن شريح والنخعي وغيرهم من أئمة التابعين ما قلناه ولأن الحائط لما مال فقد أشغل هواء الطريق بملكه ورفعه في قدرته ، فإذا طولب برفعه لزمه ذلك ، فإذا امتنع مع التمكن منه صار متعديا فيلزمه موجبه ولأن الضرر الخاص يجب تحمله لدفع الضرر العام كالكفار إذا تترسوا بالمسلمين ثم ما تلف به من النفوس تحمله العاقلة لئلا يؤدي إلى الإجحاف وقال محمد لا تتحمل العاقلة حتى يشهد الشهود على ثلاثة أشياء على التقدم في النقض وعلى أنه مات بالسقوط عليه وعلى أن الدار لفلان وما تلف به من الأموال فضمانه عليه ; لأن العاقلة لا تتحمل المال .

                                                                                        والشرط الطلب للنقض منه دون الإشهاد ، وإنما ذكر الإشهاد ليتمكن من إثباته عند الجحود أو جحود العاقلة فكان من باب الاحتياط ويفتح الطلب بكل لفظ يفهم منه طلب النقض من أن يقول حائطك هذه مخوف أو مائل فاهدمه حتى لا يسقط وكذلك لو قال اشهدوا أني تقدمت إلى هذا الرجل في هدم حائطه هذا يصح أيضا ولو قال ينبغي لك أن تهدمه فليس هذا بطلب ولا إشهاد ويشترط أن يكون طلب التفريغ إلى من له ولاية النقض كالمالك والأب والجد والوصي في ملك الصغير والعبد التاجر كان عليه دين أو لا وإلى الراهن في الدار المرهونة ; لأنه القادر على الهدم وإلى المكاتب ثم إن تلف حال بقاء الكتابة تجب عليه قيمته لتعذر الدفع وبعد العتق على عاقلة المولى وبعد الحجر لا يجب على أحد لعدم قدرة المكاتب ولعدم الإشهاد على المولى ولو تقدم إلى من يسكن أو للمرتهن أو للمولى لا يعتبر حتى لو سقط وأتلف شيئا لا يضمن الساكن ولا المالك ويشترط دوام القدرة إلى وقت السقوط حتى لو خرج عن ملكه بالبيع بعد الإشهاد برئ عن الضمان لعدم قدرته على النقض ولا يصح الإشهاد قبل أن يميل لانعدام سببه وسوى في المختصر بين أن يطالب بالنقض مسلم أو ذمي ; لأن حق المرور للكل بخلاف العبيد والصبيان لعدم قدرتهم على النقض إلا إذا أذن لهم المولى في الخصومة فحينئذ جاز طلبهم وإشهادهم ; لأنهم التحقوا بالبالغ ثم بعد الإشهاد تكون الخصومة عند سلطان أو نائبه .

                                                                                        ولو جن بعد الإشهاد مطبقا أو ارتد ولحق فقضى القاضي به ثم عاد مسلما ورد عليه الدار ثم سقط الحائط بعد ذلك وأتلف إنسانا كان هدرا وكذا لو أفاق المجنون وكذا إذا ردت عليه بعيب أو خيار شرط أو خيار رؤية لا يجب الضمان إلا بإشهاد مستقبل ولو كان بعض الحائط صحيحا وبعضه واه فأشهد عليه فسقط الواهي وغير الواهي وقتل إنسانا يضمن صاحب الحائط إلا أن يكون الحائط طويلا بحيث وهي بعضه ولم يوه البعض فحينئذ يضمن ما أصاب الواهي ولا يضمن ما أصابه الذي لم يوه ; لأنه إذا كان كذلك صار بمنزلة حائطين أحدهما صحيح والآخر مائل وأشهد عليهم فلم يسقط المائل وسقط الصحيح فيكون هدرا وفيه أيضا اللقيط له حائط مائل وأشهد عليه فسقط الحائط وأتلف إنسانا كان دية القتيل في بيت المال ; لأن ميراثه يكون لبيت المال .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية