الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وصح إقرار أحد الابنين بعد القسمة بوصية أبيه في ثلث نصيبه ) معناه إذا قسم الابنان تركة أبيهما ، وهي ألف درهم مثلا ثم أقر أحدهما لرجل أن أباه أوصى له بثلث ماله فإن المقر يعطيه ثلث ما في يده ، وهذا استحسان ، والقياس يعطيه نصف ما في يده .

                                                                                        وهو قول زفر لأن إقراره بالثلث له تضمن إقراره بمساواته إياه ، والتسوية في إعطاء النصف ليبقى له النصف فصار [ ص: 486 ] كما إذا أقر أحدهما بأخ ثالث لهما ، وهذا لأن ما أخذه المنكر كالهالك فيهلك عليهما وجه الاستحسان أنه أقر له بثلث شائع في جميع التركة ، وهي في أيديهما فيكون مقرا له بثلث ما في يده وبثلث ما في يد أخيه فيقبل إقراره في حق نفسه ولا يقبل في حق أخيه لعدم الولاية عليه فيعطيه ثلث ما في يده ، ولأنه لو أخذ منه نصف ما في يده أدى إلى محظور ، وهو أن الابن الآخر ربما يقر به فيأخذ نصف ما في يده فيأخذ نصف التركة فيزداد نصيبه على الثلث ، وهو خلف ، وقيدنا بالوصية ليحترز عن الدين قال بخلاف ما إذا أقر أحدهما بالدين على أبيهما حيث يأخذ صاحب الدين المقر له جميع ما في يد المقر حتى يستوفي دينه ولا شيء للمقر إن لم يفضل منه شيء لأن الدين مقدم على الميراث فيكون مقرا بتقدمه عليه فيقدم عليه ولا كذلك الوصية لأن الموصى له شريك للورثة فلا يأخذ شيئا إلا إذا سلم للوارث ضعف ذلك ولا نسلم أنه أقر له بالمساواة بل أقر له بثلث التركة ، وإنما حصلت المساواة باتفاق الحال ، ولهذا لو لم يكن له أخ فأقر له بالوصية لا يزيد حقه على الثلث ، ولو كان مقرا له بالمساواة لمساواة حالة الانفراد أيضا بخلاف ما إذا أقر بأخ ثالث ، وكذبه أخوه حيث يكون ما في يد المقر بينهما نصفين لأنه أقر له بالمساواة فيساويه مطلقا .

                                                                                        ولهذا لو كان وحده أيضا ساواه فيكون ما أخذه المنكر هالكا عليهما ا هـ . كلام الشارح .

                                                                                        وهذا حيث لا بينة ، وأما إذا كان إقرار وبينة قال في المبسوط أقر أن فلانا أوصى لفلان بالثلث ، وقامت البينة لآخر يدفع إليه ولا يضمن الوارث شيئا لأن الشهادة حجة على الكافة ، والإقرار حجة قاصرة على المقر ، وليس بحجة في حق المشهود له فثبتت وصية المشهود له في حق المقر له ، ولم تثبت وصية المقر له في حق المشهود له فيكون هو أولى باستحقاق الثلث من المقر له كما لو أقر ذو اليد بالدار لرجل ، وأقام الآخر البينة على أنها ملكه يقضى بها للمشهود له فكذا هذا .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية