الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ولم يتعرض المؤلف للوصية بالصدقة ، ونحن نذكر ذلك تتميما للفائدة .

                                                                                        وهذا يشتمل على أقسام الأول إذا أوصى بالتصدق بشيء فيتصدق بغيره سئل ابن مقاتل عمن أوصى أن يتصدق عنه بألف درهم فتصدق عنه بالحنطة أو على عكسه قال يجوز قال الفقيه معناه أنه أوصى أن يتصدق عنه بألف درهم حنطة ، ولكن سقط ذلك عن السؤال فقيل له إن كانت الحنطة موجودة فأعطى قيمته دراهم قال أرجو أن يجوز ، وفي النوازل ، وبه نأخذ ، وفي الظهيرية رجل قال تصدقوا بثلث مالي ، وورثته فقراء فإن كانوا كبارا فأجاز بعضهم لبعض جاز للموصي أن يعطيهم من ذلك شيئا ، وعن محمد لو أوصى بصدقة ألف درهم بعينها فتصدق الوصي مكانها بألف من مال الميت جاز ، وإن هلكت [ ص: 504 ] الأولى قبل أن يتصدق الوصي يضمنه الورثة مثلها ، وعنه أنه تبطل الوصية ، ولو أوصى بأن يتصدق بشيء من ماله على فقراء الحج هل يجوز أن يتصدق على غيرهم من الفقراء قال الشيخ الإمام أبو نصر يجوز ذلك ، وإن أوصى بالدراهم ، وأعطاهم حنطة لم يجز قال الفقيه ، وقد قيل إنه يجوز ، وبه نأخذ ، وسئل خلف عمن أوصى أن يتصدق بهذا الثوب قال إن شاءوا تصدقوا بعينه ، وإن شاءوا باعوا وأعطوا ثمنه ، وإن شاءوا أعطوا قيمة الثوب ، وأمسكوا الثوب ، وقال محمد بن سلمة بل يتصدق بعينه كما هو .

                                                                                        وكذا اللقطة ، ولو نذر ، وقال لله علي أن أتصدق بهذا الثوب جاز أن يتصدق بقيمته قال الفقيه أبو الليث رحمه الله بقول خلف نأخذ فإنه ذكر في الزيادات فيمن أوصى أن يباع هذا العبد ، ويتصدق بثمنه على المساكين جاز لهم التصدق بعين العبد فثبت أن التصدق بالعين وبالثمن على السواء ، وسئل أبو القاسم عمن أوصى إلى رجل ، وقال له بالفارسية فلان نعم راجام كر فأعطاه ثمن الكرباس قال هذا يقع على المخيط ، وفي الأجناس ، وفي نوادر ابن سماعة عن محمد إذا أوصى أن يتصدق عنه بألف درهم فتصدق بقيمتها دنانير يجوز ، وفي الخانية روى ابن سماعة عن محمد أنه يجوز ، ولو أوصى أن يتصدق بثمنه فليس له أن يمسك الثوب للورثة ، ويتصدق بقيمته ، ولو قال اشتر عشرة أثواب ، وتصدق بها فاشترى الوصي فله أن يبيعها ويتصدق بثمنها ، وكذلك لو قال تصدقوا بثلث مالي وله دور وأرضون فللوصي أن يبيع تلك الدور والأرضين ، ويتصدق بالثمن ، وكذلك لو قال تصدقوا بثلث مالي ، وبهذا العبد فللوصي أن يبيع ذلك العبد ، ويتصدق بالثمن ، وعن محمد إذا أوصى أن يتصدق عنه بألف درهم بعينها فتصدق الوصي بألف أخرى مكانها من مال الميت جاز ، .

                                                                                        والحاصل أن الحي إذا نذر بالتصدق بمال نفسه فتصدق بمثله أو قيمته ففيه روايتان فإن هلكت الألف التي عينها الوصي قبل أن يتصدق الوصي ضمن الوارث مثلها ، وعنه أيضا لو أوصى بألف درهم بعينها تصدق عنه فهلكت الألف بطلت الوصية .

                                                                                        وفي النوازل إذا أوصى لرجل بهذه البقرة لم يكن للورثة أن يتصدقوا بثمنها قال الفقيه ، وبه نأخذ القسم الثاني من هذا النوع إذا أوصى أن يتصدق على مسكين بعينه فتصدق على غيره ضمن ، وفي نوادره إذا أوصى أن يتصدق على مساكين مكة أو مساكين الري فتصدق الوصي على غير هذا الصنف ضمن إن كان الآخر حيا ، وكذلك لو أوصى أن يتصدق على المرضى من الفقراء أو الشيوخ من الفقراء فتصدق على الشباب من الفقراء ضمن في ذلك كله ، ولم يقيد هذا المسألة بحياة الآمر ، وفي الخانية ، ولو قال لله علي أن أتصدق على فلان فتصدق على غيره لو فعل ذلك بنفسه جاز ، ولو أمر غيره بالتصدق ففعل المأمور ذلك ضمن المأمور ، ولو قال لله علي أن أتصدق على مساكين مكة فله أن يتصدق على غيرهم ، وعن أبي يوسف رواية أخرى فيمن أوصى أن يتصدق عنه على فقراء مكة فتصدق على فقراء غيرها أنه يجوز ، وسئل أبو نصر عمن أوصى أن يتصدق عنه لهم فتصدق على غيرهم من الفقراء قال يجوز على ما تقدم عنه ، وفي أمالي الحسن قول أبي حنيفة كقول محمد ، والمذكور في الأمالي إذا أوصى لمساكين الكوفة فقسم الوصي في غير مساكين الكوفة ضمن ، ولم يفرق بين حياة الآمر وبين وفاته والفتوى على الجواز في هذه المسائل .

                                                                                        وفي نوادر أبي يوسف إذا قال لعبده تصدق بهذه العشرة الدراهم على عشرة مساكين فتصدق بها على مسكين واحد دفعة واحدة جاز قال وهذا على أن الآمر في الصدقة ليس على عدد المساكين ، ولو قال تصدق بها على عشرة لا يجوز ، وفي الظهيرية لو قال تصدق بها على مسكين واحد فأعطاها عشرة مساكين جاز ، ولو قال في عشرة أيام فتصدق في يوم واحد جاز ، وكذا في الخانية ، وفي الفتاوى سئل إبراهيم بن يوسف عمن أوصى لفقراء أهل بلخ فالأفضل أن لا يتجاوز بلخا ، ولو أعطى فقراء مكة ، وكورة أخرى جاز .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية