( قوله ) وقال ويتبع المؤتم قانت الوتر لا يأتي به المأموم بل يؤمن لأن للقنوت شبهة القرآن لاختلاف الصحابة في قوله اللهم إنا نستعينك أنه من القرآن أو لا فأورث شبهة وهو لا يقرأ حقيقة القرآن فكذا ما له شبهة والمختار ما في الكتاب كما في المحيط وغيره وصححوه لأنه دعاء حقيقة كسائر الأدعية والثناء والتشهد والتسبيحات وظاهر الرواية أنه لا يكره قراءته للجنب لأنه ليس بقرآن وعليه الفتوى كما في الولوالجية ( قوله لا الفجر ) أي محمد وهذا عند لا يتبع المؤتم الإمام القانت في صلاة الفجر أبي حنيفة وقال ومحمد يتابعه لأنه تبع للإمام والقنوت مجتهد فيه ولهما أنه منسوخ فصار كما لو كبر خمسا في الجنازة حيث لا يتابعه في الخامسة وإذا لم يتابعه فيه فقيل يقعد تحقيقا للمخالفة لأن الساكت شريك الداعي بدليل مشاركة الإمام في القراءة وإذا قعد فقدت المشاركة ولا يقال كيف يقعد تحقيقا للمخالفة وهي مفسدة للصلاة لأن المخالفة فيما هو من الأركان والشرائط مفسدة لا في غيرها قال في الهداية أبو يوسف
والأظهر وقوفه ساكتا وصححه قاضي خان وغيره لأن فعل الإمام يشتمل على مشروع وغيره فما كان مشروعا يتبعه فيه وما كان غير مشروع لا يتبعه كذا في العناية وقد يقال إن طول القيام بعد رفع الرأس من الركوع ليس بمشروع فلا يتابعه فيه قال في الهداية ودلت المسألة على جواز الاقتداء بالشفعوية وإذا علم المقتدي منه ما يزعم به فساد صلاته كالفصد وغيره لا يجزئه ا هـ .
ووجه دلالتها أنه لو لم يصح الاقتداء به لم يصح اختلاف علمائنا في أنه يسكت أو يتابعه ووقع في بعض نسخها بالشافعية وهو الصواب لما عرف من وجوب حذف ياء النسب إذا نسب إلى ما هي فيه ووضع الياء الثانية مكانها حتى تتحد الصورة قبل النسبة الثانية وبعدها والتمييز حينئذ من خارج فالياء المشددة فيه ياء النسبة لا آخر الكلمة ككرسي وذكر في النهاية بنو شافع من بني المطلب ابن عبد مناف منهم الفقيه رحمه الله ومن قال في نسبته الشفعوي فهو عامي وحقه أن يقال بالشافعي المذهب فحاصله أن صاحب الهداية جوز الاقتداء بالشافعي بشرط أن لا يعلم المقتدي منه ما يمنع صحة صلاته في رأي المقتدي كالفصد ونحوه وعدد مواضع عدم صحة الاقتداء به في العناية وغاية البيان بقوله كما إذا لم يتوضأ من الفصد والخارج من غير السبيلين وكما إذا كان شاكا في إيمانه بقوله أنا مؤمن إن شاء الله أو متوضئا من القلتين أو يرفع يديه عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع أو لم يغسل ثوبه من المني ولم يفركه أو انحرف عن القبلة إلى اليسار أو صلى الوتر بتسليمتين أو اقتصر على ركعة أو لم يوتر أصلا أو قهقه في الصلاة ولم يتوضأ أو صلى فرض الوقت مرة ثم أم القوم فيه زاد في النهاية وأن لا يراعي [ ص: 49 ] الترتيب في الفوائت وأن لا يمسح ربع رأسه وزاد الإمام الشافعي قاضي خان وأن يكون متعصبا والكل ظاهر ما عدا خمسة أشياء الأول مسألة التوضؤ من القلتين فإنه صحيح عندنا إذا لم يقع في الماء نجاسة ولم يختلط بمستعمل مساو له أو أكثر فلا بد أن يقيد قولهم بالقلتين المتنجس ماؤهما أو المستعمل بالشرط المذكور لا مطلقا الثاني مسألة رفع اليدين من وجهين الأول أن الفساد برفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس منه رواية شاذة رواها مكحول النسفي عن وليست بصحيحة رواية ودراية لأن المختار في العمل الكثير المفسد لها ما لو رآه شخص من بعيد ظنه ليس في الصلاة لا ما يقام باليدين ولأن وضع هذه المسألة يدل على جواز الاقتداء بالشافعي وبقائه إلى وقت القنوت حتى اختلفوا هل يتابعه فيه أو لا كما في الهداية مع وجود رفع اليدين في الركعات الثلاث الثاني أن الفساد عند الركوع لا يقتضي عدم صحة الاقتداء من الابتداء مع أن عروض البطلان غير مقطوع به حتى يجعل كالمتحقق عند الشروع لأن الرفع جائز الترك عندهم لسنيته الثالث مسألة الانحراف عن القبلة إلى اليسار لأن الانحراف المانع عندنا أن يجاوز المشارق إلى المغارب كما نقله في فتح القدير في استقبال القبلة والشافعية لا ينحرفون هذا الانحراف الرابع مسألة التعصب وهو تعصب لأن التعصب على تقدير وجوده منهم إنما يوجب الفسق لا الكفر والفسق لا يمنع صحة الاقتداء أبي حنيفة
والظاهر من الشارطين لعدمه أنه يوجب الكفر لكونه في الدين وهو بعيد كما لا يخفى الخامس مسألة فاعلم أن عبارتهم قد اختلفت في هذه المسألة فذهب طائفة من الحنفية إلى تكفير من قال أنا مؤمن إن شاء الله ولم يقيدوه بأن يكون شاكا في إيمانه ومنهم الاستثناء في الإيمان الأتقاني في غاية البيان وصرح في روضة العلماء بأن قوله إن شاء الله يرفع إيمانه فيبقى بلا إيمان فلا يجوز الاقتداء به وذكر في الفتاوى الظهيرية من المواعظ أن سئل عمن يستثنى في الإيمان فقال إن الله تبارك وتعالى ذكر في كتابه ثلاثة أصناف قال تعالى في موضع { معاذ بن جبل أولئك هم المؤمنون حقا } وقال في موضع آخر { أولئك هم الكافرون حقا } وقال في موضع آخر { مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء } فمن قال بالاستثناء في الإيمان فهو من جملة المذبذبين ا هـ .
وفي الخلاصة والبزازية من كتاب النكاح عن الإمام أبي بكر محمد بن الفضل من فهو كافر لا تجوز المناكحة معه قال الشيخ قال أنا مؤمن إن شاء الله أبو حفص في فوائده لا ينبغي للحنفي أن يزوج بنته من رجل شفعوي المذهب وهكذا قال بعض مشايخنا ولكن يتزوج بنتهم زاد في البزازية تنزيلا لهم منزلة أهل الكتاب ا هـ .
وذهب طائفة إلى تكفير من شك منهم في إيمانه بقوله أنا مؤمن إن شاء الله على وجه الشك لا مطلقا وهو الحق لأنه لا مسلم يشك في إيمانه وقول الطائفة الأولى أنه يكفر غلط لأنه لا خلاف بين العلماء في أنه لا يقال أنا مؤمن إن شاء الله للشك في ثبوته للحال بل ثبوته في الحال مجزوم به كما نقله المحقق ابن الهمام في المسايرة وإنما محل الاختلاف في جوازه لقصد إيمان الموافاة فذهب وأصحابه إلى منعه وعليه الأكثرون وأجاز كثير من العلماء منهم أبو حنيفة وأصحابه لأن بقاءه إلى الوفاة عليه وهو المسمى بإيمان الموافاة غير معلوم ولما كان ذلك هو المعتبر في النجاة كان هو الملحوظ عند المتكلم في ربطه بالمشيئة وهو أمر مستقبل فالاستثناء فيه اتباع لقوله تعالى { الشافعي ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } وقال أئمة الحنفية لما كان ظاهر التركيب الإخبار بقيام الإيمان به في الحال مع اقتران كلمة الاستثناء به كان تركه أبعد عن التهمة فكان تركه واجبا وأما من علم قصده فربما تعتاد النفس التردد لكثرة إشعارها بترددها في ثبوت الإيمان [ ص: 50 ] واستمراره وهذه مفسدة إذ قد يجر إلى وجوده آخر الحياة الاعتياد خصوصا والشيطان منقطع مجرد نفسه لسبيل لا شغل له سواك فيجب ترك المؤدي إلى هذه المفسدة ا هـ .
فالحاصل أنه لا فائدة في هذا الشرط وهو قول الطائفة الثانية أن لا يكون شاكا في إيمانه إذ لا مسلم يشك فيه وأما التكفير بمطلق الاستثناء فقد علمت غلطه وأقبح من ذلك من منع مناكحتهم وليس هو إلا محض تعصب نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا خصوصا قد نقل الإمام السبكي في رسالة ألفها في هذه المسألة أن القول بدخول الاستثناء في الإيمان هو قول أكثر السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم والشافعية والمالكية والحنابلة ومن المتكلمين الأشعرية والكلابية قال وهو قول ا هـ . سفيان الثوري
فالقول بتكفير هؤلاء من أقبح الأشياء ثم اعلم أنه قد صرح في النهاية والعناية وغيرهما بكراهة إذا لم يعلم حاله حتى صرح في النهاية بأنه إذا الاقتداء بالشافعي فالصحيح جواز الاقتداء به مع الكراهة فصار الحاصل أن الاقتداء بالشافعي على ثلاثة أقسام الأول أن يعلم منه الاحتياط في مذهب الحنفي فلا كراهة في الاقتداء به الثاني أن يعلم منه عدمه فلا صحة لكن اختلفوا هل يشترط أن يعلم منه عدمه في خصوص ما يقتدي به أو في الجملة صحح في النهاية الأول وغيره اختار الثاني علم منه مرة عدم الوضوء من الحجامة ثم غاب عنه ثم رآه يصلي
وفي فتاوى الزاهدي إذا رآه احتجم ثم غاب فالأصح أنه يصح الاقتداء به لأنه يجوز أن يتوضأ احتياطا وحسن الظن به أولى الثالث أن لا يعلم شيئا فالكراهة ولا خصوصية لمذهب الشافعي بل إذا صلى حنفي خلف مخالف لمذهبه فالحكم كذلك وظاهر الهداية أن الاعتبار لاعتقاد المقتدي ولا اعتبار لاعتقاد الإمام حتى لو فإن أكثر مشايخنا قالوا يجوز وهو الأصح كما في فتح القدير وغيره وقال شاهد الحنفي إمامه الشافعي مس امرأة [ ص: 51 ] ولم يتوضأ ثم اقتدى به الهندواني وجماعة لا يجوز و رجحه في النهاية بأنه يصل لما أن زعم الإمام أن صلاته ليست بصلاة فكان الاقتداء حينئذ بناء الموجود على المعدوم في زعم الإمام وهو الأصل فلا يصح الاقتداء ا هـ .
ورد بأن المقتدي يرى جوازها والمعتبر في حقه رأي نفسه لا غيره
وأيضا ينبغي حمل حال الإمام على التقليد حملا لحال المسلم على الصلاح ما أمكن فيتحد اعتقادهما وإلا لزم منه تعمد الدخول في الصلاة بغير طهارة على اعتقاده وهو حرام إلا أن تفرض المسألة أن المأمور علم به والإمام لم يعلم بذلك كما ذكره الشارح فيقتصر على الجواب الأول . لأبي حنيفة