( قوله والسنة قبل الفجر وبعد الظهر والمغرب والعشاء ركعتان وقبل الظهر والجمعة وبعدها أربع ) شرع في بيان النوافل بعد ذكر الواجب فذكر أنها نوعان سنة ومندوب فالأول في كل يوم ما عدا الجمعة ثنتا عشرة ركعة وفي يوم الجمعة أربع عشرة ركعة والأصل فيه ما رواه الترمذي وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة } وذكرها كما في الكتاب وروى مسلم أنه عليه الصلاة والسلام كان يصليها وبدأ المصنف بسنة الفجر لأنها أقوى السنن باتفاق الروايات لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت { لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر } وفي لفظ لمسلم { ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها } وفي أوسط الطبراني عنها أيضا { لم أره ترك الركعتين قبل صلاة الفجر في سفر ولا حضر ولا صحة ولا سقم } وقد ذكروا ما يدل على وجوبها قال في الخلاصة أجمعوا أن ركعتي الفجر قاعدا من غير عذر لا يجوز كذا روى الحسن عن أبي حنيفة ا هـ .
وفي النهاية قال مشايخنا العالم إذا صار مرجعا في الفتاوى يجوز له ترك سائر السنن لحاجة الناس إلى فتواه إلا سنة الفجر ا هـ .
وفي المضمرات معزيا إلى العتابي من أنكر سنة الفجر يخشى عليه الكفر وفي الخلاصة الظاهر من الجواب أن السنة لا تقضى إلا سنة الفجر ومما يدل على وجوبها ما في سنن أبي داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل } فقد وجدت المواظبة عليها بما قدمناه والنهي عن تركها لكن المنقول في أكثر الكتب أنها سنة مؤكدة
وإن قلنا إنها بمعنى الواجب هنا لم يصح لأنها تتأدى بمطلق النية قال في التجنيس رجل صلى ركعتين تطوعا وهو يظن أن الفجر لم يطلع فإذا الفجر طالع يجزئه عن ركعتي [ ص: 52 ] الفجر هو الصحيح لأن السنة تطوع فتتأدى بنية التطوع ا هـ .
لكن في الخلاصة الأصح أنها لا تنوب وهو يدل على الوجوب وفيها أيضا عن متفرقات شمس الأئمة الحلواني رجل صلى أربع ركعات في الليل فتبين أن الركعتين الآخرتين بعد طلوع الفجر تحتسب عن ركعتي الفجر عندهما وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة قال وبه يفتى ا هـ .
ورده في التجنيس بأن الأصح أنها لا تنوب عن ركعتي الفجر كما إذا صلى الظهر ستا وقد قعد على رأس الرابعة فإنه لا تنوب الركعتان عن ركعتي السنة في الصحيح من الجواب كذا هذا وهذا لأن السنة ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم عليها ومواظبته عليه السلام كانت بتحريمة مبتدأة وفي الخلاصة والسنة في ركعتي الفجر ثلاث أحدها أن يقرأ في الركعة الأولى { قل يا أيها الكافرون } وفي الثانية الإخلاص والثانية أن يأتي بهما أول الوقت والثالثة أن يأتي بهما في بيته وإلا فعلى باب المسجد وإلا ففي المسجد الشتوي إن كان الإمام في الصيفي أو عكسه إن كان يرجو إدراكه وإن كان المسجد واحدا يأتي بهما في ناحية من المسجد ولا يصليهما مخالطا للصف مخالفا للجماعة فإن فعل ذلك يكره أشد الكراهة ولا يطول القراءة فيهما ولو تذكر في الفجر أنه لم يصل ركعتي الفجر لم يقطع ا هـ
وذكر الولوالجي إمام يصلي الفجر في المسجد الداخل فجاء رجل يصلي الفجر في المسجد الخارج اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يكره وقال بعضهم لا يكره لأن ذلك كله كمكان واحد بدليل جواز الاقتداء لمن كان في المسجد الخارج بمن كان في المسجد الداخل وإذا اختلف المشايخ فالاحتياط أن لا يفعل ا هـ .
وفي القنية إذا لم يسع وقت الفجر إلا الوتر والفجر أو السنة والفجر فإنه يوتر ويترك السنة عند أبي حنيفة وعندهما السنة أولى من الوتر ا هـ .
وفي المحيط ولو صلى ركعتي الفجر مرتين بعد الطلوع فالسنة آخرهما لأنه أقرب إلى المكتوبة ولم يتخلل بينهما صلاة والسنة ما تؤدى متصلا بالمكتوبة ا هـ .
وفي القنية واختلف في آكد السنن بعد سنة الفجر فقيل الأربع قبل الظهر والركعتان بعده والركعتان بعد المغرب كلها سواء والأصح أن الأربع قبل الظهر آكد ا هـ .
وهكذا صححه في العناية والنهاية لأن فيها وعيدا معروفا قال عليه الصلاة والسلام { من ترك أربعا قبل الظهر لم تنله شفاعتي } وفي التجنيس والنوازل والمحيط رجل ترك سنن الصلوات الخمس إن لم ير السنن حقا فقد كفر لأنه ترك استخفافا وإن رأى حقا منهم من قال لا يأثم والصحيح أنه يأثم لأنه جاء الوعيد بالترك ا هـ .
وتعقبه في فتح القدير بأن الإثم منوط بترك الواجب وقد { قال صلى الله عليه وسلم للذي قال والذي بعثك بالحق لا أزيد على ذلك شيئا أفلح إن صدق } ا هـ .
ويجاب عنه بأن السنة المؤكدة بمنزلة الواجب في الإثم بالترك كما صرحوا به كثيرا وصرح به في المحيط هنا وأنه لا يجوز ترك السنن المؤكدة ولو صلى وحده وهو أحوط ا هـ وبأن حديث الأعرابي كان متقدما وقد شرع بعده أشياء كالوتر فجاز أن تكون السنن المؤكدة كذلك لما قدمنا أنه لم يذكر له صدقة الفطر وقد اتفقوا على أنه يأثم بتركها وفي النهاية وذكر الحلواني أنه لا بأس بأن يقرأ بين الفريضة والسنة الأوراد وفي شرح الشهيد القيام إلى السنة متصلا بالفرض مسنون وفي الشافي [ ص: 53 ] كان عليه الصلاة والسلام { إذا سلم يمكث قدر ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام }
وكذلك عن البقالي ولم يمر بي لو تكلم بعد الفريضة هل تسقط السنة قيل تسقط وقيل لا تسقط ولكن ثوابه أنقص من ثوابه قبل التكلم ا هـ .
وفي القنية الكلام بعد الفرض لا يسقط السنة ولكن ينقص ثوابه وكل عمل ينافي التحريمة أيضا وهو الأصح ا هـ .
وفي الخلاصة لو صلى ركعتي الفجر أو الأربع قبل الظهر واشتغل بالبيع والشراء أو الأكل فإنه يعيد السنة أما بأكل لقمة أو شربة لا تبطل السنة ا هـ .
وفي المجتبى وفي الأربع قبل الظهر والجمعة وبعدها لا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في القعدة الأولى ولا يستفتح إذا قام إلى الثالثة بخلاف سائر ذوات الأربع من النوافل ا هـ .
وصحح في فتاواه أنه لا يأتي بهما في الكل لأنها صلاة واحدة ا هـ .
ولا يخفى ما فيه فالظاهر الأول والدليل على استنان الأربع قبل الجمعة ما رواه مسلم مرفوعا { من كان مصليا قبل الجمعة فليصل أربعا } مع ما رواه ابن ماجه عن ابن عباس قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع من قبل الجمعة أربعا لا يفصل في شيء منهن } وعلى استنان الأربع بعدها ما في صحيح مسلم عن أبي هريرة مرفوعا { إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا } وفي رواية { إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا } وذكر في البدائع أنه ظاهر الرواية وعن أبي يوسف أنه ينبغي أن يصلي أربعا ثم ركعتين وذكر محمد في كتاب الاعتكاف أن المعتكف يمكث في المسجد الجامع مقدار ما يصلي أربعا أو ستا ا هـ .
وفي الذخيرة والتجنيس وكثير من مشايخنا على قول أبي يوسف وفي منية المصلي والأفضل عندنا أن يصلي أربعا ثم ركعتين وفي القنية صلى الفريضة وجاء الطعام فإن ذهب حلاوة الطعام أو بعضها يتناول ثم يأتي بالسنة وإن خاف الوقت يأتي بالسنة ثم يتناول الطعام ولو نذر بالسنن وأتى بالمنذور به فهو السنة وقال تاج الدين أبو صاحب المحيط لا يكون آتيا بالسنة لأنه لما التزمها صارت أخرى فلا تنوب مناب السنة ولو أخر السنة بعد الفرض ثم أداها في آخر الوقت لا تكون سنة وقيل تكون سنة ا هـ .
والأفضل في السنن أداؤها في المنزل إلا التراويح وقيل إن الفضيلة لا تختص بوجه دون وجه وهو الأصح لكن كل ما كان أبعد من الرياء وأجمع للخشوع والإخلاص فهو أفضل كذا في النهاية وفي الخلاصة في سنة المغرب إن خاف لو رجع إلى بيته شغله شأن آخر يأتي بها في المسجد وإن كان لا يخاف صلاها في المنزل وكذا في سائر السنن حتى الجمعة والوتر في البيت أفضل ا هـ .


