[ ص: 59 ] ( قوله وطول القيام أحب من كثرة السجود ) أي أفضل من عدد الركعات وقد اختلف النقل عن محمد في هذه المسألة فنقل الطحاوي عنه في شرح الآثار كما في الكتاب وصححه في البدائع ونسب ما قابله إلى الشافعي ووجهه ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أفضل الصلاة طول القنوت } والمراد بالقنوت القيام بدليل ما رواه أحمد وأبو داود مرفوعا { أي الصلاة أفضل قال عليه الصلاة والسلام طول القيام } ولأن ذكره القراءة وذكر الركوع والسجود التسبيح ونقل عنه في المجتبى أن كثرة الركوع والسجود أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام للسائل كما في صحيح مسلم { عليك بكثرة السجود ولآخر أعني على نفسك بكثرة السجود } وقوله عليه الصلاة والسلام { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد } ولأن السجود غاية التواضع والعبودية ولتعارض الأدلة توقف الإمام أحمد في هذه المسألة ولم يحكم فيها بشيء وفصل الإمام أبو يوسف كما في المجتبى والبدائع فقال إذا كان له ورد من الليل بقراءة من القرآن فالأفضل أن يكثر عدد الركعات وإلا فطول القيام أفضل لأن القيام في الأول لا يختلف ويضم إليه زيادة الركوع والسجود انتهى والذي ظهر للعبد الضعيف أن كثرة الركعات أفضل من طول القيام لأن القيام إنما شرع وسيلة إلى الركوع والسجود كما صرحوا به في صلاة المريض من أنه لو قدر على القيام ولم يقدر على الركوع والسجود سقط عنه القيام مع قدرته عليه لعجزه عما هو المقصود فلا تكون الوسيلة أفضل من المقصود وأما لزومه لكثرة القراءة فلا يفيد الأفضلية أيضا لأن القراءة ركن زائد كما صرحوا به مع الاختلاف في أصل ركنيتها بخلاف الركوع والسجود أجمعوا على ركنيتهما وأصالتهما كما قدمناه مع تخلف القيام عن القراءة في الفرض فيما زاد على الركعتين فترجح هذا القول بما ذكرنا بعد تعارض الدلائل المتقدمة .


