( قوله وراكبا خارج المصر موميا إلى أي جهة توجهت دابته ) أي لحديث الصحيحين عن يتنفل راكبا { ابن عمر } أطلقه فشمل ما إذا كان مسافرا أو مقيما خرج إلى بعض النواحي لحاجة و صححه في النهاية وما إذا قدر على النزول أو لا وقيد بخارج المصر لأنه لا يجوز رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي النوافل على راحلته في كل وجه يومئ إيماء ولكنه يخفض السجدة من الركعتين وقال التنفل عليها في المصر لا بأس به وقال أبو يوسف يجوز ويكره كذا في الخلاصة واختلفوا في حد خارج المصر والأصح أنها تجوز في كل موضع يجوز للمسافر أن يقصر فيه كما ذكره في الظهيرية وغيرها وأشار بقوله توجهت دابته دون أن يقول وجه دابته إليه إلى أن محل جوازها عليها ما إذا كانت واقفة أو سارت بنفسها محمد
أما إذا كانت تسير بتسيير صاحبها فلا تجوز الصلاة عليها لا فرضا ولا نفلا كما في الخلاصة وإلى أنه لا يشترط استقبال القبلة في الابتداء لأنه لما جاز الصلاة إلى غير جهة الكعبة جاز الافتتاح إلى غير جهتها كذا في غاية البيان وإلى أنه إذا لا يجوز لعدم الضرورة إلى ذلك كذا في السراج الوهاج ولم يشترط صلى إلى غير ما توجهت به دابته المصنف طهارة الدابة لأنها ليست بشرط على قول الأكثر سواء كانت على السرج أو على الركابين أو الدابة لأن فيها ضرورة فيسقط اعتبارها وصرح في المحيط والكافي بأنه الأصح وفي الخلاصة بأنه ظاهر المذهب من غير تفصيل وعلله في البدائع بأنه لما سقط اعتبار الأركان الأصلية فلأن يسقط شرط طهارة المكان أولى وقيد بالنفل لأن الفرض والواجب بأنواعه لا يجوز على الدابة من غير عذر من الوتر والمنذور وما لزمه بالشروع والإفساد وصلاة الجنازة والسجدة التي تليت على الأرض لعدم لزوم الحرج في النزول ولا يلزمه الإعادة إذا استطاع النزول كما في الظهيرية وغيرها ومن الأعذار أن يخاف اللص أو السبع على نفسه أو ماله ولم يقف له رفقاؤه وكذا إذا كانت الدابة جموحا لا يقدر على ركوبها إلا بمعين أو هو شيخ كبير لا يجد من يركبه ومن الأعذار الطين والمطر بشرط أن يكون بحال يغيب وجهه في الطين أما إذا لم يكن كذلك والأرض ندية فإنه يصلي هناك كما في الخلاصة والظاهر أن اعتبار المعين هنا إنما هو على قولهما لما عرف أن لا يعتبر قدرة الغير أبا حنيفة
وفي فتاوى قاضي خان والظهيرية انتهى والظاهر منه أنها [ ص: 70 ] لا تقدر بنفسها من غير معين حتى إذا قدرت على الركوب والنزول بمحرمها أو زوجها فإنه لا يجب عليها ذلك ويجوز لها صلاة الفرض على الدابة لأن الرجل إذا حمل امرأته من القرية إلى المصر كان لها أن تصلي على الدابة في الطريق إذا كانت لا تقدر على الركوب والنزول لا يجعل قدرة الإنسان بغيره كقدرته بنفسه لكن ذكر في منية المصلي أنه إذا لم يكن معها محرم فإنه تجوز صلاتها على الدابة إذا لم تقدر على النزول أبا حنيفة
والظاهر أن اشتراط عدم المحرم معها مفرع على قولهما فقط ولم أر حكم ما إذا كان راكبا مع امرأته أو أمه كما وقع للفقير مع أمه في سفر الحج ولم تقدر المرأة على النزول والركوب أيجوز للرجل المعادل لها أن يصلي الفرض على الدابة كما يجوز للمرأة إذا كان لا يتمكن من النزول وحده لميل المحمل بنزوله وحده وينبغي أن يكون له ذلك كما لا يخفى وأطلق في الدابة فشمل جميع الدواب وقيد به لأنه لا تجوز صلاة الماشي بالإجماع كذا في المجتبى وأطلق في النفل فشمل السنن المؤكدة قال في الهداية والسنن الرواتب نوافل وعن أنه ينزل لسنة الفجر لأنها آكد من سائرها انتهى بل روي عنه أنها واجبة وعلى هذا أداؤها قاعدا كما أسلفناه وقد قدمنا أنه ينزل للوتر اتفاقا بينه وبينهما وأطلق في الركوب خارج المصر فشمل ما إذا كان خارجه ابتداء وانتهاء إلى سلامه أو ابتداء فقط لما في الخلاصة ولو افتتحها خارج المصر ثم دخل المصر أتم على الدابة وقال كثير من أصحابنا ينزل ويتمها على الأرض انتهى أبي حنيفة
وفي الظهيرية وإذا صلى على الدابة في محمل وهو يقدر على النزول لا يجوز له أن إلا أن يكون المحمل على عيدان على الأرض أما يصلي على الدابة إذا كانت الدابة واقفة فهي صلاة على الدابة تجوز في حالة العذر ولا تجوز في غير حالة العذر وإن لم يكن طرف العجلة على الدابة جاز وهو بمنزلة الصلاة على السرير انتهى وهذا كله في الفرض أما في النفل فيجوز على المحمل والعجلة مطلقا كما لا يخفى وفي الخلاصة الصلاة على العجلة إن كان طرف العجلة على الدابة وهي تسير أو لا تسير أن يصلي بالإيماء ويجعل السجود أخفض من الركوع من غير أن يضع رأسه على شيء سائرة أو واقفة دابته ويصلون فرادى فإن صلوا بجماعة فصلاة الإمام تامة وصلاة القوم فاسدة وعن وكيفية الصلاة على الدابة يجوز إذا كان البعض بجنب البعض انتهى وفي الظهيرية رجلان في محمل واحد فاقتدى أحدهما بالآخر في التطوع أجزأهما وهذا لا يشكل إذا كانا في شق واحد وإذا كانا في شقين اختلف المشايخ قال بعضهم إذا كان أحد الشقين مربوطا بالآخر يجوز وإذا لم يكن مربوطا لا يجوز محمد
وقال بعضهم يجوز كيفما كان إذا كانا على دابة واحدة كما لو كانا على الأرض ا هـ .
وفي منية المصلي ولو سجد على شيء وضع عنده أو على سرجه لا يجوز لأن الصلاة على الدابة شرعت بالإيماء ا هـ .
وينبغي حمله على ما إذا لم يكن بحيث يخفض رأسه وإلا فقد صرحوا في أنه لا يرفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه فإن فعل وهو يخفض رأسه أجزأه لوجود الإيماء وإن وضع ذلك على جبهته لا يجزئه لانعدامه كذا في الهداية وغيرها صلاة المريض
[ ص: 69 ]