الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ، ومن لا عذر له لو صلى الظهر قبلها كره ) أي حرم قطعا ، وإنما ذكر الكراهة اتباعا للقدوري مع أنه مما لا ينبغي فإنه أوقع بعض الجهلة في ضلالة من اعتقاد جواز تركها ، وقد قدمنا أن من أنكر فريضتها فهو كافر بالله تعالى قال في فتح القدير لا بد من كون المراد حرم عليه ذلك وصحت ; لأنه ترك الفرض القطعي باتفاقهم الذي هو آكد من الظهر فكيف لا يكون مرتكبا محرما غير أن الظهر تقع صحيحة ا هـ .

                                                                                        فالحاصل أن فرض الوقت هو الظهر عندنا بدلالة الإجماع على أن بخروج الوقت يصلي الظهر بنية القضاء فلو لم يكن أصل فرض الوقت الظهر لما نوى القضاء ثم هو مأمور بإسقاطه والإتيان بالجمعة وعند زفر فرض الوقت هو الجمعة وفائدة الاختلاف تظهر في ثلاثة أحدها في هذه [ ص: 165 ] المسألة ثانيها لو نوى فرض الوقت يصير شارعا في الظهر عندنا وعنده في الجمعة ثالثها لو تذكر فائتة عليه وكان لو اشتغل بالقضاء تفوته الجمعة دون الظهر فإنه يقضي ويصلي الظهر بعده عندنا وعنده يصلي الجمعة ، ولو كان بحال تفوته الظهر والجمعة لا يقضيها اتفاقا كذا في أكثر الكتب وفي المحيط ذكر ثلاثة أقوال عندهما فرض الوقت الظهر لكن العبد مأمور بإسقاطه عنه بأداء الجمعة وعند محمد الفرض هو الجمعة ، وله أن يسقط بالظهر رخصة وروي عنه الفرض أحدهما لا بعينه ويتعين ذلك بأدائه وعند زفر والشافعي الفرض هو الجمعة والظهر بدل عنها في حق المعذور ا هـ .

                                                                                        وقد ظهر للعبد الضعيف صحة كلام القدوري ومن تبعه في التعبير بالكراهة ; لأن صلاة الظهر قبل أداء الجمعة من الإمام ليست مفوتة للجمعة حتى تكون حراما إنما المفوت لها عدم سعيه فإن سعيه بعد صلاة الظهر إليها فرض كما صرحوا به ، فإن لم يسع فقد فوتها فحرم عليه ذلك وأما الصلاة ، وأنها مكروهة فقط باعتبار أنها قد تكون سببا للتفويت باعتبار اعتماده عليها ، وهم إنما حكموا على صلاة الظهر بالكراهة ، ولم يقل أحد إن ترك الجمعة بغير عذر مكروه حتى يلزم ما ذكر من الإيقاع في جهالة فقوله في فتح القدير ; لأن ترك الفرض القطعي ممنوع لما علمت أنه لا يلزم من صلاة الظهر ترك الفرض - والله سبحانه الموفق للصواب - قيد بقوله قبلها ; لأنه لوصلى الظهر في منزله بعدما صلى الإمام الجمعة يجوز اتفاقا بلا كراهة كذا في غاية البيان مع أنه قد فوت الجمعة فنفس الصلاة غير مكروهة وتفويت الجمعة حرام ، وهو مؤيد لما قلنا وقيد بقوله لا عذر له ; لأن المعذور إذا صلى الظهر قبل الإمام فلا كراهة اتفاقا .

                                                                                        [ ص: 165 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 165 ] ( قوله وروي عنه الفرض ) ونقل عن محمد رحمه الله أن فرض الوقت الجمعة ، وله إسقاطها بالظهر وروي عنه أنه قال لا أدري ما أصلي فرض الوقت في هذا اليوم ولكنه يسقط الفرض بأداء الظهر أو الجمعة يريد بأن أصل الفرض أحدهما لا بعينه ويتعين بفعله ولكنه ظاهر الرواية عن العلماء الثلاثة ما ذكره في الكتاب .




                                                                                        الخدمات العلمية